اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ١٤ حزيران ٢٠٢٥
قالت صحيفة لوموند الفرنسية إن التصعيد العسكري الإسرائيلي ضد القيادة الإيرانية وبرنامجها النووي يعكس حالة التوتر التي تجتاح الشرق الأوسط، حيث بدأ السيناريو المُخشى منه منذ وقت طويل، أي زعزعة الاستقرار الإقليمي في أعقاب الحرب في غزة، في التحقق، فيما يتحوّل الصراع المحتدم بين إسرائيل وإيران منذ أكتوبر 2023 إلى انفجار كبير.
وأضافت صحيفة لوموند أن العراق والأردن ودول الخليج، التي تستضيف قواعد أمريكية على أراضيها، في حالة شلل من الخوف من ردّ فعل إيراني ضد الدولة العبرية وحليفها الأمريكي. فقد توعد المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، بـ“عقاب قاسٍ” لإسرائيل. وقبل يومين، حذر وزير دفاعه، الجنرال عزيز نصير زاده، قائلاً: “إذا فُرض علينا صراع، فعلى أمريكا أن تغادر المنطقة، لأن جميع قواعدها تقع في مرمى نيراننا… سنستهدفها في كل الدول المضيفة دون تردد”.
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي سارعت إلى النأي بنفسها عن هذا “العمل الأحادي من جانب إسرائيل ضد إيران”، كانت قد أعلنت قبله بيوم تقليص وجود موظفيها غير الأساسيين في الشرق الأوسط، وكذلك أفراد عائلاتهم، تحسباً لهجوم إسرائيلي. كما دعت الوكالة البريطانية للعمليات البحرية التجارية، وهي هيئة مقرها في الشرق الأوسط وتشرف عليها البحرية الملكية البريطانية، السفن إلى توخي الحذر في الخليج العربي، خليج عمان، ومضيق هرمز. من جهته، ألغى ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، زيارته إلى كندا حيث كان من المقرر أن يشارك في قمة مجموعة السبع من 15 إلى 17 يونيو الجاري.
أعلن الأردن أنه اعترض صواريخ ومسيرات إيرانية دخلت مجاله الجوي وكانت متجهة نحو إسرائيل على ما يبدو. وكانت المملكة الهاشمية قد أعلنت مسبقاً أنها لن تسمح بانتهاك مجالها الجوي، الذي تم إغلاقه الآن، في إطار أي صراع. وقد قامت بعمليات اعتراض مشابهة خلال المواجهات السابقة بين إسرائيل وإيران في أبريل وأكتوبر عام 2024، بحجة حماية أراضيها.
أما دول الخليج، فقد سمحت في أبريل للقوات الأمريكية والبريطانية والفرنسية باستخدام قواعدها في المنطقة لنشر قواتها الجوية والبحرية، بل وساهمت في تقديم المعلومات الاستخباراتية والمراقبة لإحباط الرد الإيراني ضد إسرائيل، تتابع صحيفة لوموند.
ورغم ذلك، استبعدت الأردن ودول الخليج الانضمام إلى “التحالف الاستراتيجي ضد التهديد الإيراني”، الذي دعا إليه حينها وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، مفضّلة الحفاظ على حيادها في النزاع بين إسرائيل وإيران. فعلى الرغم من عدائها الشديد لإيران، التي أظهرت منذ ثورة 1979 نوايا توسعية في المنطقة، إلا أن السعودية والإمارات العربية المتحدة استخلصتا الدروس من دعمهما المتحمّس لحملة “الضغط الأقصى” التي شنّها دونالد ترامب خلال ولايته الأولى. وقد دفعت هاتان الدولتان ثمناً باهظاً لذلك. فالرئيس الجمهوري لم يسعَ إلى حمايتهما بعد الهجمات التي استهدفت منشآت شركة أرامكو السعودية في شرق البلاد في سبتمبر 2019. ولم يردّ أيضاً عندما شنّ الحوثيون هجمات بالطائرات المسيّرة والصواريخ على مطار أبوظبي وناقلات نفط في موانئ الدولة. هذا الصمت الأمريكي شكّل صدمة لهاتين الدولتين ودفعهما إلى تغيير استراتيجيتهما. وقد بدأت الإمارات في استئناف العلاقات مع إيران منذ عام 2021، فيما أبرمت السعودية اتفاق تهدئة مع طهران في أبريل 2023 برعاية الصين، توضح لوموند.
تحركات دبلوماسية مكثفة
منذ اندلاع الحرب في غزة، كثّفت دول الخليج تقاربها مع طهران لحماية نفسها من أي رد فعل من الجمهورية الإسلامية وحلفائها في لبنان وسوريا والعراق واليمن في حال نشوب صراع مع إسرائيل. وذلك رغم أن توسّع الحرب الإسرائيلية في غزة إلى كامل “محور المقاومة”، الذي تقوده إيران قد خدم مصالحهم. فالضربة الحاسمة التي وجهتها إسرائيل لحزب الله اللبناني، الذي خسر قيادته وجزءاً كبيرا من ترسانته، وسقوط الرئيس بشار الأسد في سوريا في يوم 8 ديسمبر عام 2024، قد قلب موازين التوسع الإيراني في المنطقة، تتابع صحيفة لوموند.
ومع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، شرع حكام الخليج في حملة ضغط قوية لإقناع الرئيس الأمريكي بتفضيل الدبلوماسية على الخيار العسكري ضد إيران، الذي تدعمه إسرائيل. وحتى هجوم هذا الجمعة، كانت رؤيتهم هي التي تغلبت على موقف الإدارة الأمريكية، التي بدأت مفاوضات مع طهران في أبريل حول الملف النووي، وكان من المقرر أن تُعقد الجولة السادسة منها في سلطنة عمان هذا الأحد . في هذا السياق، يبذل الدبلوماسيون العرب جهوداً مضنية لإقناع طهران وحلفائها، لا سيما الميليشيات الشيعية في العراق والحوثيين، بعدم استهدافهم في إطار سلسلة الردود ضد إسرائيل، تختم لوموند.