لايف ستايل
موقع كل يوم -موقع رائج
نشر بتاريخ: ١٣ حزيران ٢٠٢٥
في إنجاز علمي قد يغير وجه الرعاية الصحية عالميا، نجح علماء يابانيون في تطوير بديل للدم الاصطناعي متعدد الاستخدامات، واعدا بمعالجة تحديات نقص الدم الحرجة التي تواجهها المنظومات الطبية حول العالم.
هذا الابتكار الثوري، الذي يعمل كبديل فعال للدم البشري الطبيعي، يحمل إمكانات هائلة لإنقاذ ملايين الأرواح. فمع تزايد قلق منظمة الصحة العالمية بشأن النقص العالمي المستمر في إمدادات الدم، يبرز هذا الابتكار كحل استراتيجي محتمل.
لذلك، إذا أثبتت التجارب السريرية نجاحه، يمكن أن يلعب الدم الاصطناعي دورا محوريا في توفير الرعاية الطارئة والحرجة خلال حوادث الصدمات، والعمليات الجراحية المعقدة، وحالات الطوارئ الطبية الأخرى التي تتطلب نقل الدم الفوري.
اليابان، بهذه الخطوة الرائدة، تطمح لأن تكون أول دولة تتبنى وتطبق تقنية الدم الاصطناعي في الممارسات الطبية الفعلية بحلول عام 2030، وهو ما يمثل نقلة نوعية في قدرتها على الاستجابة للأزمات الصحية.
ما هو الدم الاصطناعي؟
وفقا لموقع 'timesofindia'، يقود الأستاذ هيرومي ساكاي، من جامعة نارا الطبية فريقا بحثيا متقدما في هذا المجال، وقد تمكنوا من ابتكار خلايا دم حمراء اصطناعية مستقرة وخالية تماما من الفيروسات. أحد أبرز مميزات هذه الخلايا هو أنها تلغي الحاجة إلى مطابقة فصائل الدم، مما يبسط عملية النقل بشكل كبير ويجعلها متاحة لأي مريض.
ووفقا لما ذكرته صحيفة 'جابان تايمز'، تعتمد عملية إنتاج هذه الخلايا الاصطناعية على استخلاص جزيء الهيموجلوبين، المسؤول عن حمل الأكسجين في الدم، من وحدات الدم المتبرع بها التي قد تكون منتهية الصلاحية. ثم يتم تغليف هذا الهيموجلوبين بغشاء دهني اصطناعي واق لتشكيل خلايا صغيرة تعرف باسم 'حويصلات الهيموجلوبين'.
اللافت للنظر أن هذه الخلايا الاصطناعية تتميز بلون أرجواني، يختلف عن اللون الأحمر المعتاد للدم، وذلك لأنها مصممة بطريقة تمنع أكسدتها حتى لحظة استخدامها.
فوائد الدم الاصطناعي
يوفر الدم الاصطناعي فوائد عديدة تتجاوز مزايا التبرع بالدم التقليدي. وفيما يلي نستعرض أبرزها وفقا لما جاء في موقع 'روسيا اليوم'.
حلا سريعا وحاسما
يزيل عائق اختبارات التوافق بين فصائل الدم، مما يجعله حلا مثاليا للاستخدام في حالات الطوارئ حيث يكون الوقت عاملا حاسما.
عمر افتراضي أطول
يمكن تخزين الدم الاصطناعي في درجة حرارة الغرفة لمدة تصل إلى عامين، وهو ما يتفوق بشكل كبير على العمر الافتراضي القصير جدا للدم المتبرع به، والذي لا يتجاوز بضعة أسابيع في الظروف المثالية.
إحداث تحول في الرعاية الصحية
تمتلك هذه التكنولوجيا القدرة على إحداث ثورة شاملة في أنظمة الرعاية الصحية العالمية. فهي ستساهم في القضاء على مشكلات عدم توافق فصائل الدم، وكذلك التغلب على التحديات المزمنة لنقص الدم، خاصة في المناطق النائية والبعيدة حيث تكون البنية التحتية لتخزين الدم وإجراء اختبارات التوافق محدودة أو غير متوفرة.
مميزات الدم الاصطناعي
يوفر الدم الاصطناعي مجموعة من المزايا المهمة للغاية في مجال الرعاية الصحية، والتي يمكن أن تساعدنا في المستقبل على إنقاذ ملايين الأرواح حول العالم، أبرزها:
لا يرتبط بفصيلة محددة
على عكس الدم البشري المتبرع به، الذي يحمل فصائل دم محددة، لا تحتوي هذه الخلايا الاصطناعية على أي فصيلة دم. هذا يزيل تماما الحاجة إلى إجراء اختبارات التوافق المعقدة قبل النقل، مما يجعلها لا تقدر بثمن في سيناريوهات الطوارئ التي تتطلب سرعة فائقة.
إنجاز كبير
يمثل هذا التطور إنجازا إنسانيا كبيرا، حيث يعد بضمان توافر الدم في أي مكان وزمان، وبالتالي يسهم في تحويل جذري لأنظمة الرعاية الصحية على مستوى العالم.
لماذا نحتاج إلى الدم الاصطناعي؟
هناك العديد من الأسباب التي يمكن من خلالها أن نتأكد من أهمية الحاجة الملحة إلى الدم الاصطناعي. وفيما يلي نستعرض معكم أبرزها:
النقص المزمن في الدم المتبرع به
تواجه بنوك الدم حول العالم نقصا مستمرا في إمدادات الدم، خاصة في الأوقات التي تعاني فيها بعض المناطق حول العالم من أزمات أو كوارث.
عمر التخزين المحدود
للدم البشري المتبرع به عمر تخزين قصير نسبيا، يبلغ هذا الغمر حوالي 42 يوما لخلايا الدم الحمراء على وجه الدقة. يتطلب هذا الأمر تجديدا مستمرا للمخزون، ولذلك يعد الدم الاصطناعي حلا عمليا.
الحاجة إلى التوافق مع فصيلة الدم
يتطلب نقل الدم البشري مطابقة فصيلة الدم. يؤخر هذا العلاج، خاصة في حالات الطوارئ الحرجة.
مخاطر انتقال الأمراض
على الرغم من الفحوصات الدقيقة، لا تزال هناك بعض المخاطر الضئيلة التي يمكن أن تواجه المرضى لانتقال الأمراض عبر الدم المتبرع به.
التكلفة العالية لتخزين ومعالجة الدم
عمليات جمع الدم وفحصه وتخزينه مكلفة وتتطلب بنية تحتية متخصصة.
الاستخدام في البيئات القاسية
يمكن أن يكون الدم الاصطناعي مفيدا في ساحات القتال، أو في المناطق النائية، أو حتى في الفضاء، حيث يصعب تخزين الدم البشري.
متى يصبح الدم الاصطناعي متاحا للجميع؟
يشير تصميم التجربة السريرية الحالية إلى نهج منهجي يبدأ بالتركيز على تقييم سلامة الدم الاصطناعي. ففي المرحلة الأولية، سيتم إعطاء جرعات تتراوح بين 100 و400 مليلتر من الدم الاصطناعي للمتطوعين بهدف التأكد من عدم وجود أي آثار جانبية ضارة.
بعد إثبات سلامته، ستنتقل التجارب إلى مراحل أوسع لتقييم الأداء والفعالية في ظروف أكثر تعقيدا.
ويمثل هذا البحث تقدما ملحوظا في برنامج اليابان لتطوير الدم الاصطناعي، والذي بدأ بسلسلة من الدراسات المخبرية الصغيرة التي أثبتت بالفعل قدرة هذه الخلايا الاصطناعية الدقيقة على توصيل الأكسجين بكفاءة وأمان، تمامًا كما تفعل خلايا الدم الحمراء الطبيعية.
في النهاية، يمكننا التأكيد على إن الدم الاصطناعي لا يزال في مراحل البحث والتطوير، ومعظم المنتجات التي وصلت إلى التجارب السريرية لم يتم اعتمادها للاستخدام بعد. ومع ذلك، فإن التقدم المستمر في الكيمياء، وعلوم المواد، والهندسة الحيوية، والطب التجديدي يبعث على الأمل بأن يكون الدم الاصطناعي جزءا لا يتجزأ من الطب الحديث في المستقبل، مما ينقذ ملايين الأرواح حول العالم.