اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ٢٨ تشرين الثاني ٢٠٢٥
كشفت دراسة أكاديمية حديثة عن مفارقة جديدة في قدرات الذكاء الاصطناعي، إذ تبين أنه قادر على كتابة أو إطلاق النكات بشكل متقن من ناحية البنية اللغوية، لكنه لا يستطيع فهمها أو إدراك المغزى الذي يجعلها مضحكة!، بحسب الرجل.
وأظهرت الدراسة أن هذا القصور لا يقتصر على نموذج واحد، بل يشمل أبرز النماذج اللغوية الكبرى الحالية مثل 'شات جي بي تي' و'جيميني'.
ويشير الباحثون إلى أن هذه النماذج تتقن تقليد شكل النكات وبنيتها التركيبية، لكنها تفتقر إلى الوعي اللغوي والشرطي اللازمين لفهم المفارقات الكلامية أو التلاعب اللفظي، الذي يشكل جوهر الفكاهة، وبذلك، فإنها تنتج نكاتًا بصورة تلقائية، دون إدراك السبب الذي يثير الضحك لدى البشر.
وركزت الدراسة على اختبار قدرة روبوتات الدردشة على التعامل مع 'التورية'، وهي نوع من الدعابة يعتمد على الجمع بين معنيين أو أكثر في الكلمة نفسها، أو استخدام المتشابهات صوتيًا لإحداث تأثير طريف.
وأظهرت النتائج أن الذكاء الاصطناعي لا يفهم هذا المبدأ، بل يعتمد على المطابقة الشكلية في إنتاج الجمل التي 'تبدو' مضحكة من الخارج، دون أن تملك مضمونًا حقيقيًا للفكاهة.
وأوضح تقرير موقع 'ديجيتال تريندس'، الذي استعرض نتائج البحث، أن ما يجعل التلاعب بالألفاظ مميزًا هو أنه يثير لدى الإنسان صدمة إدراكية صغيرة، تدفع الدماغ إلى التفاعل مع المعنى المزدوج والضحك مباشرة، بينما يفتقر الذكاء الاصطناعي إلى هذه الاستجابة العقلية والعاطفية لأنه يعمل بمنطق الإحصاء ومطابقة الأنماط.
فهم النكات لدى الذكاء الاصطناعي
أثبت الباحثون هذه الفرضية عبر تطوير مجموعتي بيانات جديدتين، أطلقوا عليهما 'PunnyPattern' و'PunBreak'، احتوت المجموعة الأولى على نكات أصلية قائمة على التلاعب بالألفاظ، في حين تضمنت الثانية نسخًا معدلة منها، بإزالة عنصر المعنى المزدوج مع الإبقاء على البنية اللغوية كما هي تقريبًا.
وعند اختبار النماذج اللغوية، لاحظ العلماء أن البشر أدركوا فورًا أن النكتة المعدلة فقدت طرافتها، بينما أصرت النماذج على اعتبارها مضحكة لأنها تشبه نكات رآها النظام أثناء تدريبه.
وشبه أحد الباحثين هذا السلوك بتصرف شخص يضحك في مجموعة دون أن يفهم النكتة لمجرد مجاراة الآخرين.
وترى الدراسة أن هذه النتيجة تحمل دلالة أعمق تتجاوز حدود الدعابة، إذ تؤكد أن الذكاء الاصطناعي لا يملك بعدُ الوعي الكافي لتفسير الظواهر اللغوية والثقافية التي تحكم التفاعل الإنساني.
فالفكاهة لا تنبع من الكلمات وحدها، بل من إدراك العلاقة بين اللغة والسياق والثقافة والصوت، وكلها عناصر يعجز الذكاء الاصطناعي عن التقاطها.
ويشير الباحثون إلى أن زيادة حجم البيانات أو تحسين الخوارزميات لن يحل المشكلة، لأن الفكاهة بطبيعتها ظاهرة ثقافية وصوتية تتطلب خبرة إدراكية لا يمكن أن تُكتسب من النصوص.
ولتحقيق ذلك، تحتاج النماذج المستقبلية إلى دمج علوم اللغة والنطق والثقافة، لتتمكن فعلاً من إدراك معنى الطرافة الإنسانية لا مجرد تقليد شكلها.













































