اخبار اليمن
موقع كل يوم -المشهد اليمني
نشر بتاريخ: ١١ كانون الأول ٢٠٢٥
في قلب مديرية أفلح، حيث تترامى أراضيها الزراعية الخصبة، تتردد أصداء أنين محركات الشاحنات الصهريجية التي تحمل أغلى ما تملك المنطقة: الماء.
لكن هذه الرحلة التي تُعد شريان الحياة للمزارع، تتحول يوميًا إلى جحيم على طريق 'عقبة البيضاء'، الممر الجبلي الوعر الذي بات يُعرف بين السكان باسم 'طريق الموت'.
رحلة المعاناة تبدأ من تهامة، حيث يتم تحميل المياه في صهاريج ضخمة، لتبدأ بعدها معاناة حقيقية في عبور طريق عقبة البيضاء. طريق لم تشهد أي عملية تحسين أو تطوير منذ سنوات، بات يمثل خطرًا محدقًا على حياة السائقين ومركباتهم، ويستنزف جهودهم ومواردهم المالية بشكل لا يطاق.
فالطريق، المليء بالحفر العميقة والانحدارات الخطيرة والتربة الرخوة، لا يسمح بمرور هذه الشاحنات الثقيلة إلا ببطء شديد وحذر بالغ، مما يضاعف من مدة الرحلة واستهلاك الوقود، ويرفع من تكلفة قطرة الماء التي تصل إلى المزرعة.
هذه المعاناة الفردية لسائقي الصهاريج تترجم إلى كارثة اقتصادية وزراعية حقيقية تهدد المنطقة برمتها. فكل تأخير في وصول المياه يعني تعريض المحاصيل للهلاك، خاصة في ظل الظروف المناخية القاسية.
المزارعون يجدون أنفسهم أمام خيارين مريرين: إما دفع تكاليف باهظة لنقل المياه عبر هذا الطريق الكابوسي، أو فقدان محاصيلهم التي استثمروا فيها أموالهم ووقتهم وجهدهم.
ويؤكد ناشطون محليون أن هذا الإهمال المتعمد لطريق عقبة البيضاء هو بمثابة ضربة قاضية للقطاع الزراعي في أفلح، والذي يعتبر المصدر الرئيسي للدخل لآلاف العائلات.
إن شلل حركة النقل الزراعي على هذا المحور الحيوي لا يؤثر فقط على توفير المياه، بل يمتد ليشكل عائقًا أمام نقل المنتجات الزراعية إلى الأسواق، مما يخلق أزمة اقتصادية متكاملة.
في ظل هذه المأساة الإنسانية والاقتصادية، يتصاعد صوت السكان مطالبًا الجهات المعنية بالتحرك الفوري ووقف التقاعس الذي يطيل معاناتهم.
تصفحات وسائل التواصل الاجتماعي والمنتديات المحلية تفيض بالشكاوى المريرة والصور التي توثق حالة الطريق الكارثية، لكن كل ذلك يصطدم بجدار من الصمت الرسمي المطبق.
يطالب الأهالي بتدخل عاجل لإصلاح وتعبييد طريق عقبة البيضاء، ليس فقط كردة اعتبار لهم، ولكن كضرورة قصوى للحفاظ على الأمن الغذائي ومنع هجرة السكان وترك أراضيهم الزراعية.
فالمعاناة اليومية التي يواجهها أصحاب الوايتات ليست سوى غيض من فيض، وهي مؤشر خطير على حجم الإهمال الذي يطال منطقة كانت يومًا ما سلة غذاء هامة.
يبقى المستقبل الزراعي لمديرية أفلح معلقًا في الميزان، رهينةً لقرارات قد تأتي متأخرة جدًا. فهل تتحرك السلطات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، أم أن 'طريق الموت' سيستمر في ابتلاع أرواح وأرزاق أهالي أفلح حتى جفاف آخر قطرة أمل؟













































