اخبار اليمن
موقع كل يوم -المشهد اليمني
نشر بتاريخ: ١٤ تشرين الثاني ٢٠٢٥
يتجه الصراع في السودان نحو نقطة تحول حاسمة وخطيرة مع اقتراب قوات الدعم السريع من السيطرة على مساحات واسعة من البلاد، خصوصاً بعد سقوط الفاشر وسيطرتها شبه الكاملة على دارفور. هذا التطور لم يعد شأناً داخلياً سودانياً بل يمثل منعطفاً استراتيجياً يهدد بإعادة تشكيل التوازنات في شرق إفريقيا والبحر الأحمر وامتدادات الأمن العربي.
الدلالات الجيوسياسية
السودان موقع محوري يربط المشرق العربي بإفريقيا جنوب الصحراء، ويمتلك واجهة بحرية تمتد على 850 كيلومتراً على البحر الأحمر، أحد أهم الممرات التجارية في العالم.
سيطرة الدعم السريع على هذا الموقع ستمنح قوى خارجية غير منضبطة موطئ قدم مؤثر في الأمن البحري وممرات الطاقة، وتخلق محور نفوذ يمتد من ليبيا إلى دارفور وصولاً إلى البحر الأحمر.
بذلك، يتحول السودان من دولة عازلة إلى ساحة تنافس مفتوح بين مشاريع إقليمية متعارضة المصالح.
الانعكاسات على الأمن القومي المصري
التهديد الحدودي: تمدد الدعم السريع باتجاه الشمال يضع المليشيا على تماس مباشر مع الحدود المصرية–الليبية–السودانية، ما يفتح احتمالية لتنامي التهريب وفوضى السلاح والاختراق الأمني.
التهديد المائي: سيطرة المليشيا على الدولة السودانية ستغيّر موقف السودان من أزمة سد النهضة، وقد تفقد القاهرة شريكاً استراتيجياً في قضية مصيرية تمس أمنها المائي. إذا ما أخذ في الاعتبار دعم اديس ابابا لمليشيا الجنجويد.
الضغوط الإنسانية: انتشار الدعم السريع في مساحات واسعة من السودان مع سمعته السيئة في معاملة المدنيين ستؤدي لموجات نزوح متوقعة و واسعة ، ستجعل مصر الوجهة الأولى للاجئين، بما يحمله ذلك من أعباء اقتصادية وأمنية مباشرة.
السودان كدولة فاشلة محتملة
الدعم السريع ليست جيشاً نظامياً، بل تشكيل قبلي مسلح يعتمد على الذهب والسلاح كمصادر تمويل. سجلها الدموي في دارفور والخرطوم يكشف عن غياب أي مشروع سياسي أو إداري لإدارة الدولة.
سيطرتها على السودان ستؤدي إلى تفكك المؤسسات، وتحويل البلاد إلى بؤرة للفوضى والإرهاب والتهريب، بما يهدد الأمن الإقليمي من الساحل إلى البحر الأحمر.
تداعيات إقليمية متسلسلة
تشاد: ممر رئيسي للإمداد ومهددة بالانزلاق إلى ان تكون في قلب الصراع.
ليبيا: مرشحة للتحول إلى خط إمداد للمليشيات. مما قد يخلق حالة استقطاب داخلية ربما تفجر الحرب الاهلية من جديد.
إثيوبيا وجنوب السودان: معرضتان لتدفق المقاتلين واللاجئين. مما يحول حدودهما لحالة من الفوضى .
الساحل الإفريقي: مهدد بامتداد الفوضى نحو غرب القارة، في الساحل والصحراء مما يهيئ البيئة المناسبة لتصاعد نشاط الجماعات المسلحة.
بهذا، تتحول الأزمة السودانية إلى مصدر اضطراب ممتد يعيد إنتاج النموذج الليبي–ونموذج مالي على نطاق أوسع.
فشل الاستجابة الدولية
التحرك الدولي ظل محدوداً، واقتصر على إدانات لفظية دون إجراءات عملية. المبادرات الإقليمية تعاني تضارب المصالح بين أطراف بعضها جزء من المعادلة نفسها. هذا الفراغ شجع المليشيا على فرض واقع جديد بقوة السلاح، في ظل غياب موقف جماعي رادع من الاتحاد الإفريقي أو الجامعة العربية.
التقدير العام
سيطرة الدعم السريع على السودان تمثل تهديداً بنيوياً للأمن العربي والإفريقي، وتفتح الباب أمام انهيار نموذج الدولة الوطنية في الإقليم.
الخطر يتجاوز السودان ليشمل البحر الأحمر وممرات التجارة، ومصر تحديداً تواجه اختباراً استراتيجياً غير مسبوق على حدودها الجنوبية.
التحرك المطلوب يجب أن يكون سياسياً وأمنياً متكاملاً، يقوم على:
1.دعم مؤسسات الدولة السودانية الشرعية.
2.عزل القوى الداعمة للمليشيا سياسياً واقتصادياً.
3.إطلاق مبادرة عربية–إفريقية مشتركة لإعادة بناء الدولة السودانية.
الخلاصة
السودان يقف على حافة الانهيار. وإذا استكملت المليشيا سيطرتها، فستتحول المنطقة إلى فضاء مفتوح للمليشيات وللفوضى والإرهاب، تهدد الأمن القومي العربي لعقود قادمة. إن تجاهل هذا التهديد الآن يعني مواجهة كلفة أكبر لاحقاً، ليس في السودان وحده، بل في كل الإقليم الممتد من النيل إلى البحر الأحمر













































