تقرير أمريكي : الأمم المتحدة مكنت الحوثيين من ترسيخ نفوذهم في اليمن

المنظمة الدولية لم تنجح في تطبيق قرارات مجلس الأمن المتعلقة بحظر السلاح على الحوثيين ومراقبة الموانئ

اتفاق ستوكهولم أوقف تقدم القوات الحكومية نحو الحديدة، ومكن الحوثيين من سيطرتهم على الميناء الاستراتيجي

تطبيق حظر الأسلحة على الحوثيين اقتصر على التفتيش الطوعي للسفن دون صلاحيات للاعتراض أو المنع

تقرير بريطاني : تجاوزات في خضوع السفن لإجراءات التفتيش الأممية، ودخول شحنات أسلحة إيرانية للحوثيين

استحواذ الحوثيين على نحو ثلث المساعدات الإنسانية المقدّرة بنحو 30 مليار دولار

مليشيا الحوثي تحتجز أكثر من 40 موظفاً أمميا معظمهم من اليمنيين

مؤسسة ديمقراطية أمريكية تدعو المجتمع الدولي لتقييم دوره وضمان حياديته في إدارة الملف اليمني

كشفت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD)، في تقرير حديث، عن سلسلة من الإخفاقات التي ارتكبتها الأمم المتحدة خلال العقد الأخير في اليمن، معتبرة أن أداء المنظمة الدولية أسهم بشكل مباشر في تمكين مليشيا الحوثي المدعومة من إيران من توسيع نفوذها والسيطرة على الموارد والمساعدات والموانئ الحيوية في البلاد.

وأوضحت المؤسسة الأمريكية، أن الأمم المتحدة فشلت في إدارة المفاوضات والاتفاقيات السياسية، وعجزت عن حماية موظفيها، وتغاضت عن الانتهاكات المتكررة التي ارتكبتها المليشيا، ما سمح للحوثيين بالتحكم في مفاصل الدولة اليمنية، في مقابل تراجع نفوذ الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا.

وأشار التقرير إلى أن المنظمة الدولية لم تنجح في تطبيق قرارات مجلس الأمن المتعلقة بحظر السلاح ومراقبة الموانئ، وهو ما استغلته المليشيا لتوسيع ترسانتها العسكرية وتعزيز سيطرتها على مدينة الحديدة والمساعدات الإنسانية، الأمر الذي أطال أمد الحرب وأضعف فرص التسوية السياسية.

اتفاق ستوكهولم مكّن الحوثيين من السيطرة على الحديدة

وتطرق التقرير إلى اتفاق ستوكهولم الذي رعته الأمم المتحدة عام 2018، مشيرًا إلى أنه أوقف تقدم القوات الحكومية نحو مدينة الحديدة، لكنه في المقابل منح الحوثيين فرصة لتثبيت سيطرتهم على الميناء الاستراتيجي، الذي يعد أحد أهم مصادر التمويل للمليشيا.

وأوضح التقرير أن الحوثيين استغلوا سيطرتهم على موانئ الحديدة ورأس عيسى والصليف لتحقيق مليارات الدولارات من عائدات الجمارك والوقود، في حين ظل موظفو القطاع العام في مناطقهم دون رواتب، وذهبت تلك العائدات لتمويل الأنشطة العسكرية وبناء منظومات اقتصادية وأمنية موالية لهم.

ثغرات أممية في آلية مراقبة التهريب

وبيّن التقرير أن آلية التحقق والتفتيش الأممية (UNVIM)، التي أُنشئت عام 2016 لضمان تطبيق حظر الأسلحة على الحوثيين، عانت من ضعف في الصلاحيات والإجراءات، حيث اقتصرت على التفتيش الطوعي للسفن دون صلاحيات للاعتراض أو المنع، ما سمح بمرور شحنات أسلحة ووقود إلى الموانئ الخاضعة للمليشيا.

وأشار إلى أن تقارير بريطانية عام 2024 كشفت عن ارتفاع كبير في تجاوز السفن لإجراءات الرقابة الأممية، مما أتاح دخول شحنات غير خاضعة للتفتيش، في ظل استمرار دعم إيران للحوثيين بالأسلحة، وهو ما ظهر في منظومات عسكرية تم ضبطها أو استخدامها ميدانيًا خارج إطار الرقابة الأممية.

المساعدات الإنسانية تحت قبضة الحوثيين

وذكر التقرير أن الأمم المتحدة، إلى جانب فشلها في الرقابة، قدمت دعمًا غير مباشر للحوثيين من خلال تمويل مشاريع لإصلاح الموانئ الخاضعة لهم، ما مكّن المليشيا من استغلال المساعدات الإنسانية كمصدر تمويل لأنشطتها العسكرية والسياسية.

وكشف أن الحوثيين استحوذوا على ما يقارب ثلث المساعدات الإنسانية المقدّرة بنحو 30 مليار دولار خلال السنوات الماضية، واحتكروا قوائم المستفيدين، وأجبروا المنظمات على التعاون مع شخصيات موالية لهم. وأشار إلى أن الأمم المتحدة نادراً ما واجهت هذه الانتهاكات بصرامة خوفًا من فقدان إمكانية الوصول إلى المناطق التي تسيطر عليها الجماعة.

البقاء في صنعاء مكّن الحوثيين من التحكم بالمساعدات

وانتقدت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات رفض الأمم المتحدة نقل مقرها الرئيسي من العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين إلى العاصمة المؤقتة عدن، معتبرة أن هذا القرار منح المليشيا فرصة للتأثير على مسار المساعدات والتحكم بها، وفرض رسوم على عمليات الإغاثة، مع تعريض موظفي المنظمة لمخاطر أمنية مباشرة.

وأوضح التقرير أن 80% من المساعدات تمر عبر ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون، ما وفر لهم موارد مالية ضخمة. كما تجاهلت الأمم المتحدة مقترحات الحكومة اليمنية بتوزيع المساعدات عبر الموانئ الجنوبية، رغم تحذيرات المانحين من المخاطر الأمنية في مناطق سيطرة المليشيا.

اعتقالات موظفي الأمم المتحدة وضعف رد الفعل الدولي

وأشار التقرير إلى أن اليمن يُعد اليوم الدولة التي تحتجز فيها مليشيا الحوثي أكبر عدد من موظفي الأمم المتحدة في العالم، إذ تجاوز عدد المعتقلين أربعين موظفًا، معظمهم من اليمنيين، في حين أفرج عن موظف أجنبي خلال أيام قليلة من اختطافه.

وانتقدت المؤسسة ردود الفعل الضعيفة للأمم المتحدة، التي اكتفت ببيانات عامة لم تذكر الحوثيين بالاسم في بعض الحالات، ولم تتخذ أي إجراءات حازمة لضمان الإفراج عن موظفيها، وهو ما اعتبره التقرير دليلًا على عجز المنظمة الدولية وفقدانها لهيبتها في مواجهة انتهاكات المليشيا.

العملية السياسية ومنح الحوثيين شرعية إضافية

وأكد التقرير أن العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة لم تحقق أي تقدم ملموس، بل ساهمت في منح الحوثيين شرعية إضافية من خلال اللقاءات المتكررة مع قياداتهم في مسقط، مقابل ضعف واضح في ممارسة الضغط عليهم، ورفض أي خيارات عسكرية قد تغيّر موازين القوى.

وختمت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات تقريرها بالتحذير من أن استمرار الأمم المتحدة في هذا النهج سيؤدي إلى إطالة أمد الحرب في اليمن، وتفاقم معاناة المدنيين، وتهديد الأمن الإقليمي والملاحة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب، داعية المجتمع الدولي إلى إعادة تقييم الدور الأممي وضمان حياديته وفاعليته في إدارة الملف اليمني.