إلى أين تتجه اليمن؟ قراءة في الدور المُخرِّب لمليشيات المجلس الانتقالي

تشهد اليمن منذ سنوات حالة تفكك عميق، إلا أن التطورات الأخيرة في حضرموت وما سبقها في عدن وشبوة وأبين تكشف عن دور متزايد لمليشيات المجلس الانتقالي في تعميق الانقسام، وإجهاض أي فرصة لاستعادة الدولة.

أولًا: الانتقالي كأداة تفكيك لا كمشروع دولة

رغم الخطاب السياسي الذي يرفعه المجلس الانتقالي حول “استعادة دولة الجنوب”، إلا أن سلوكه الميداني يثبت أنه:

• لا يبني مؤسسات دولة

• ولا يحترم التعدد السياسي أو الاجتماعي

• ولا يقدّم نموذج حكم قابل للحياة

بل يعتمد على:

• القوة المسلحة

• الإقصاء

• فرض الأمر الواقع

ما يجعله عامل تفكيك لا نواة دولة.

⸻

ثانيًا: استهداف حضرموت وتوسيع دائرة الفوضى

حضرموت ليست امتدادًا طبيعيًا لمشروع الانتقالي:

• لها خصوصية تاريخية واجتماعية

• وتمتلك نخبًا وقوى محلية رافضة للوصاية

• وتُعدّ العمق الاقتصادي الأهم لليمن

أي محاولة لجر حضرموت بالقوة إلى مشروع الانتقالي تعني:

• نقل الصراع من عدن إلى الشرق

• تفجير صدامات داخلية جديدة

• تهديد ما تبقى من الاستقرار النسبي

وهو ما يفتح الباب أمام تدويل حضرموت أو تحويلها لساحة صراع إقليمي.

ثالثًا: ضرب ما تبقى من الشرعية

مليشيات الانتقالي لم تواجه الحوثي، بل:

• واجهت الشرعية

• سيطرت على مؤسساتها

• عطلت عملها

• وأفقدتها ما تبقى من هيبة

وبذلك ساهمت بشكل مباشر في:

• إسقاط فكرة الدولة

• تكريس حكم المليشيات

• وتفريغ “الشرعية” من أي مضمون حقيقي

رابعًا: خدمة غير مباشرة لمشروع الحوثي

بينما ينشغل الانتقالي بقتال شركائه:

• يرسّخ الحوثي دولته شمالًا

• يقدّم نفسه كسلطة أمر واقع متماسكة

• ويستفيد من فوضى الجنوب سياسيًا وعسكريًا

كل صراع جنوبي–جنوبي تغذيه مليشيات الانتقالي هو مكسب استراتيجي للحوثي.

خامسًا: المسار الخطير القادم

استمرار هذا النهج يقود إلى:

• جنوب ممزق بلا دولة

• شرق مهدد بالانفجار

• شمال حوثي أكثر ثباتًا

• يمن مفكك لسنوات طويلة

الانتقالي بهذا السلوك لا يقود الجنوب إلى الاستقلال، بل يقوده إلى حرب داخلية دائمة.

الخلاصة

مليشيات المجلس الانتقالي لم تكن حلًا لأزمة اليمن، بل أصبحت:

• جزءًا أساسيًا من المشكلة

• وأداة لتخريب الجغرافيا الجنوبية

• وعائقًا أمام أي مشروع وطني جامع

وأي تجاهل لهذا الدور أو تبريره تحت شعارات “القضية الجنوبية” لن يؤدي إلا إلى تعميق المأساة اليمنية.