اخبار لبنان
موقع كل يوم -جنوبية
نشر بتاريخ: ١٤ شباط ٢٠٢٥
الشباب والصبايا والشيبة والعالم بانتظار الموعد. أما العشّاق فهم على 'قلق كأن الريح تحتي'، كما يقول أبو الطيّب (المتنبي) ، على قلقٍ يستعدّون لاستقبال والإحتفال بعيد الحب (فالنتين)،كل عاشق على طريقته.
الرابع عشر من شباط، مناسبة سنوية يتبادل فيها الأحبة باقات الورود الحمراء، ليكون هذا اليوم بمثابة عيد غير رسمي تتدفق فيه مشاعر الحب بطرق مختلفة. ويعتبره العديد من الأشخاص، أفضل مناسبة للتعبير لشريكه عن مدى حبه الصادق له من خلال شراء الهدايا.
شباط البارد المدجج بالصقيع، هو أيضاً شهر الحبّ بامتياز،شهر الدفا للأحبة والعشاق.
مئات عناقيد الحب تتدلى في ليلة حبّ دافئة، إعلاناتٌ وحفلات في البيوت وفي الاماكن العامة، على الساحل وفي الجبال وفي المدن والقرى، تحضر موائد الحب، لوائح طعام شهيّة لشخصين في عيد 'الفالنتين'، وما الى ذلك من عاطفة جياشة في قلوب وأحضان الأحبة.
عيد الحب في لبنان، في هذه الأيام، وفي سنوات قليلة سابقة، لم يكن عيداً كامل الحب والمواصفات، ذلك أنه يحمل ذكرى عنف وعذاب وموت تمثّلت بإغتيال الشهيد رفيق الحريري في 14شباط 2005. اختفت مظاهره في الشارع وفي الاماكن وفي البيوت،عيد الحب الخجول.
يغيب عن بيروت اللون الأحمر الذي كان يلون شوارعها في مثل هذه الأيام ، ويغيب مشهد الدببة الحمراء المعلقة على مداخل وواجهات محال بيع الهدايا إلا القليل منها. يأتي عيد الحب هذا العام وسط ظروف قاسية وصعبة جدا، نتيجة الأوضاع الأمنية والاقتصادية المأسوية التي تتخبط بها البلاد والعباد على مختلف المستويات. يحل عيد الحب في ظروف بالغة الصعوبة هذا العام، فيُختبر الحب الحقيقي وتبقى القلوب النقية الهدايا الأغلى. فالأزمات المتتالية فرضت ألوانها المثقلة بالهموم، فغلب الرمادي على المشهد.
تجولتُ في مدينة الحب بيروت، جولة سريعة ،فلاحظت ارتفاع أسعار الوردة الحمراء، هذا العام إرتفع قبل 3 أيام من موعد 'فالنتاين'، وهذا العيد يدخل في صميم خصوصية الشعب اللبناني المُحب للحياة، لكن المجتمع يعاني من جفاف، ويحتاج إلى إعلاء قيم المحبة والعطاء، وأن نستعيد قدوتنا في المحبة عبر الإعلام والتوعية والتنوير بهذه القيمة المهمة، التي تبني وترسّخ وتضمن الصحة النفسية لأي مجتمع.
يأتي عيد الحب هذا العام وسط ظروف قاسية وصعبة جدا، نتيجة الأوضاع الأمنية والاقتصادية المأسوية التي تتخبط بها البلاد والعباد على مختلف المستويات.
غير أن الأمور بخير، فعلى الرغم من الظروف الصعبة وارتفاع الأسعار بشكل خيالي، الإقبال معقول ومقبول ، وذلك بسبب الطلب حاليًا يتركز على شراء منتجات وزينة رمضان، مع اقتراب حلول الشهر الكريم، حيث يحرص التجار على عرضها بشكل مكثف أكثر من هدايا عيد الحب، فقد تحولت ميزانيات المستهلكين نحو شراء مستلزمات رمضان، بدلًا من الهدايا الفاخرة.
يقول أحدهم: 'عن أي عيد حب تتساءل يا صديقي، هل ترى أن وضع البلد يسمح الإحتفال بهذه المناسبة(…)الناس تغيروا وباتوا متطلّبين تستهويهم المظاهر. نحن جيل عاش الحبّ بصدقيته وبراءته، ومفهوم المحبة تغير، وصارت المحبة ظرفية مادية في ظل تحول الحياة الاجتماعية من واقعية إلى افتراضية، ولا بد من الإشارة، إلى أن هذا العيد له آثار إيجابية على الصعيد الاجتماعي، من خلال التواصل الإنساني الراقي، الذي فقدناه اليوم نتيجة التحول والظروف الاقتصادية الصعبة.
أضاف : 'الاحتفال بالعيد لم يعد من الأولويّات. بات كلّ همنا تأمين حاجات أولادنا اليومية. الحياة تغيّرت وبتنا نقاوم لنبقى على قيد الحياة بدل أن نعيشها بمغامراتها ومناسباتها وأعيادها.
صديقي الآخر العاشق الولهان، يجلس في أحد المقاهي، يتذمر ويحدثني قائلاً : 'راتبي الحالي يقارب 600 دولار، أردت اختيار هدية صغيرة بلغت كلفتها 100 دولار وباقة ورد صغيرة بـ $70، وهذه الذكرى ستكلفني حاليا نصف راتبي (يضحك!).
صديقتي زميلتي تقول: فكرت أن أشتري هدية معينة لكن صدقني أنني صدمت بالأسعار الجنونية، من المؤسف رفع أسعار الورود للمناسبة واستغلال عادة تبادل الورود تعبيرا عن هذا الشعور الإنساني الجميل، وهذا الاستغلال دفع المحبين الى التأقلم مع المتغيرات، وبدلا من إهداء باقة من الورود، صار المحب يشتري لحبيبته وردة واحدة فقط، وللضرورة أحكام (تضحك وتكاد تبكي)!
أما جاري في المسكن فيقول: شهر شباط يقولون عنه 'شباط اللبّاط'، ونحن نقول:يا شباط يا حنون، أُركل وابعد الحرب عنّا، فنحنُ شعب الحبّ والأبيض وحده يليقُ بنا.
دون الحب لا تكون هناك حياة، لا يستطيع الناس أن يعيشوا، لن يستطيع أحد أن يتولى مسؤولية أسرة أو طلبة أو مصنع دون حب، الحب يبدأ من الأسرة، وهي غريزة أساسية، تستوجب الرعاية والحماية والاحتواء، والشعور بالرضا، والسعي لخدمة الآخر'.
من المؤسف رفع أسعار الورود للمناسبة واستغلال عادة تبادل الورود تعبيرا عن هذا الشعور الإنساني الجميل،
بأية حالة عدت يا عيدُ؟
في ظل المآسي والعذابات والتحديات التي نمر بها، فقد تحول اللبنانيون في عيد العشاق الى مجموعة عالم، يجتمعون حول خوفهم وقلقهم، يتطلعون إلى حب وسلام مع المحيطين بهم، يحاولون الهروب من الواقع الأسود المرير، لعلهم يصلون الى اليوم الأبيض،يوم الحب الطويل.
(عيد الحب – فالنتين)
القديس فالنتين (باللاتينية: Valentinus) هو قديس روماني من القرن الثالث الميلادي واسمه يعني (القوي أو الصحي)، مشهور بعيد الفالنتين، أو عيد الحب أو العشاق، والذي يحتفل باسمه في 14 فبراير شباط من كُل سنة، وكان يُحتفل بهذا العيد منذ العصور الوسطى المتوسطة بتقليد مودة الحب.
القديس فالنتين
يقال أن القديس فالنتين كان يخدم المؤمنين وسط اضطهاد المسيحيين في الإمبراطورية الرومانية.
ليس هناك حكاية حقيقية ثابتة عن هذا القديس، فحكايته تختلف من منطقة إلى أُخرى، لكن الحكاية الأقرب بأن فالنتين كان كاهنًا مسيحيًا وكان يزوج العشاق المسيحيين فيما بينهم حيث كان سر الزواج في المسيحية موجودًا في ذلك الزمان، ولأن المسيحية كانت ممنوعة في الإمبراطورية الرومانية فقد كان يعاقب على كُل من يمارس أحد أسرار الكنيسة، وبسبب ذلك اعتقلته السلطات الرومانية وحكمت عليه بالإعدام، فاشتهر منذ ذلك الوقت بأنه شهيد الحب والعشاق، لأنه ضحى بحياته لأجل سر الزواج.
تحتفل الكنيسة الكاثوليكية مع بعض الكنائس البروتستانتية بذكراه في يوم 14 فبراير، بينما تحتفل الكنائس الأرثوذكسية بذكراه في يوم 30 يوليو.