اخبار لبنان
موقع كل يوم -درج
نشر بتاريخ: ٢٩ نيسان ٢٠٢٥
يكشف هذا التحقيق، الذي يستند إلى الحسابات المالية الواردة في التقارير السنوية لبنك عودة من العام 2012 حتى العام 2020، بالإضافة إلى تقرير شركة 'ألفاريز ومارسال' للتدقيق المالي، عن استفادة بنك عودة، من هندسات مالية عدّة قام بها مصرف لبنان، سمحت له بتحقيق أرباح لا تقلّ عن 3.1 مليار دولار بين 2016 و2020، أي في السنوات التي أدّت إلى الانهيار المالي واحتجاز أموال المودعين.
في شهر نيسان/ أبريل من العام 2019، أي قبل أشهر قليلة من الانهيار المالي في تشرين الأول/ أكتوبر من العام نفسه، وزّع بنك عودة أكثر من 260 مليون دولار على أصحاب الأسهم لديه، من بينهم نجيب ميقاتي ورياض سلامة ومساهمون آخرون. استفاد بنك عودة بطريقة مباشرة من الهندسات المالية وتسهيلات من مصرف لبنان، بما فيها دين بأكثر من ملياري دولار، بينما كان المودعون اللبنانيون يحصلون على فتات ودائعهم المحجوزة في المصارف اللبنانية.
كان حاكم مصرف لبنان السابق، الموجود حالياً في السجن رياض سلامة، يملك أسهماً عبر شركة خارجية في بنك عودة، في مخالفة صريحة لقانون النقد والتسليف، وتحديداً المادة 20 منه، التي تمنع حاكم مصرف لبنان من امتلاك أسهم في مصرف خاصّ، لما يشكّله ذلك من تضارب مصالح واضح.
على رغم أنه لم يتمّ توزيع أرباح منذ العام 2019، بناءً على تعميم المصرف المركزي رقم 567، لكن تمّ توزيع أكثر من 260 مليون دولار أميركي كأرباح مدوّرة من العام 2018، بناءً على اجتماع للجمعية العامّة للمساهمين في 12 نيسان/ أبريل 2019، أي قبل أشهر قليلة من الأزمة المالية في تشرين الأول/ أكتوبر 2019. علماً أنه بين العامين 2012 و2019، تمّ توزيع أكثر من 1.5 مليار دولار أميركي من الأرباح للمساهمين، منهم أكثر من 1.1 مليار دولار بين العامين 2015 و2019، أي في فترة الهندسات المالية التي قام بها مصرف لبنان.
يكشف البحث في التقارير السنوية والمالية لبنك عودة، أنه حتى نهاية العام 2020، بلغت قيمة المبلغ المستحقّ لمصرف لبنان من بنك عودة أكثر من 2.27 مليار دولار أميركي (3,405,622 مليون ليرة لبنانية) علماً أن سعر الصرف الرسمي آنذاك كان نحو 1500.
كم استفاد بنك عودة من الهندسات المالية؟
كان بنك عودة الأكثر استفادة من ضخّ السيولة الذي أجراه مصرف لبنان، تحت إدارة رياض سلامة بين العامي 2015 و2019. إذ حقّق أرباحاً بقيمة 1.6 مليار دولار أميركي في عام 2016، وفق ما كشف تحقيق سابق لموقع 'درج' و'مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظّمة والفساد/ OCCRP'، ويُعزى ذلك إلى ارتباط مصالح رياض سلامة وعائلة ميقاتي برأسمال البنك وبسمير حنّا، بصفته رئيس مجلس إدارة البنك. كما كشف تقرير 'ألفاريز ومارسال' للتدقيق المالي في حسابات مصرف لبنان المؤرّخ في 7 آب/ أغسطس 2023، عن أرباح إضافية لبنك عودة تبلغ قيمتها نحو 1.5 مليار دولار أميركي عبر ما يسمّى بإجراءات الرفع المالي أو leverage arrangements. بفعل هذه الإجراءات اقترض بنك عودة من مصرف لبنان ما يعادل 6.3 مليار دولار أميركي بالليرة اللبنانية (أي نحو 9.3 مليار ليرة لبنانية) بمعدّل فائدة منخفض يبلغ 2 في المئة في عام 2018، وباستخدام هذه الأموال المقترضة، اشترى بنك عودة ما يقارب الـ6.3 مليار دولار من سندات الخزينة اللبنانية وشهادات الإيداع والودائع لأجل لدى مصرف لبنان، وذلك بمعدّلات فائدة سنوية أعلى بكثير، تتراوح بين 6.5 في المئة (للأدوات بالعملات الأجنبية) و10.5 في المئة (للأدوات بالعملة المحلّية).
بعد ذلك، قام البنك إما بإيداع الدولار الأميركي أو الليرة اللبنانية لدى مصرف لبنان، أو بشراء سندات 'يوروبوند' حكومية لبنانية من مصرف لبنان، بحيث تتطابق آجال الاستحقاق ومعدّلات الفائدة مع الأدوات الأصلية. سمح الفارق بين تكلفة الاقتراض المنخفضة (2 في المئة) والعوائد المرتفعة (حتى 10.5 في المئة) لبنك عودة بتحقيق أرباح كبيرة قُدّرت بنحو 1.5 مليار دولار أميركي، من دون تعريض نفسه لمخاطر كبيرة، إذ إن العمليات كانت بمعظمها مدعومة بأدوات مصرف لبنان. علماً أن بنك عودة كان المصرف الوحيد الذي حصل على القروض، مقابل الودائع الائتمانية Credit deposits (بالليرة اللبنانية) ضمن إجراءات الرفع المالي.
تقول زينة واكيم، محامية منظّمة Accountability Now التي سبق أن قدّمت شكوى ضدّ بنك عودة – سويسرا وHSBC، إلى المدّعي العام الفيدرالي السويسري وهيئة الرقابة المالية السويسرية (FINMA)، في مقابلة لموقع 'درج': 'لقد أظهرت تحقيقاتنا أن بنك عودة استُخدم كإحدى القنوات لغسل الأموال لصالح سياسيين لبنانيين، وقد نجحنا في الإبلاغ عنه لدى السلطات التنظيمية السويسرية. بالإضافة إلى ذلك، يتبيّن الآن أن مئات ملايين الدولارات ضخّها في البنك مصرفُ لبنان خلال ولاية رياض سلامة، ما أدّى إلى تحقيق أرباح استثنائية للبنك، وبدلاً من تحصين نفسه ضدّ المخاطر وحماية المودعين، تمّ توزيع هذه الأموال على مساهمي بنك عودة. لذلك، من الضروري للغاية عدم حصر رفع السرية المصرفية بمدّة عشر سنوات فقط، إذ يجب التحقيق الكامل في هذه الجرائم'.
في آذار/ مارس 2024، أصدرت هيئة FINMA السويسرية قراراً بمصادرة أرباح بقيمة تناهز الـ 4 ملايين يورو من بنك عودة (سويسرا)، وفرضت غرامة رأسمالية إضافية بقيمة 19 مليون فرنك سويسري بسبب 'انتهاكات جسيمة' لقوانين مكافحة تبييض الأموال. كما أعلنت FINMA في حزيران/ يونيو 2024 أن بنك HSBC الخاصّ في سويسرا 'خرق التزاماته بمراجعة الحقائق بجدّية' المتعلّقة بمنع غسل الأموال 'في ما يتعلّق بشخصين لديهما ارتباطات سياسية'، وأمر القرار بألّا يدخل البنك في أي علاقات تجارية جديدة بأشخاص مرتبطين سياسياً، حتى يتمّ استعراض جميع العلاقات الحالية.
في هذا السياق، يقول المحامي كريم ضاهر، في مقابلة لموقع 'درج'، 'لا بدّ من التمييز بين أمرين:
البنك بصفته شركة مساهمة: يجب التفريق بين حساب الأرباح والخسائر، وبين الميزانية وبين القروض المستحقّة على البنك، ورأس مال المساهمين والمؤونات. كما يجب التمييز بين ما يُعرف بالتدفّقات النقدية (Cash Flow) للشركة وفقاً للنتائج المالية المحقّقة.
الأرباح: وفقاً لقانون التجارة، لا يحقّ للبنك توزيع أرباح إلا بموافقة الجمعية العمومية، شريطة الالتزام بجميع المعايير المالية والالتزامات القانونية، ولا سيّما ألّا تكون أرباحاً وهمية، أو أن تكون ناتجة من حسابات غير مدقّقة من مفوضي المراقبة المعتمدين. هنا يبرز تساؤل حول تأثير توزيع الأرباح على السيولة من جهة، والملاءة من جهة أخرى، كما وعلى الالتزامات الداهمة، وبالتالي على مدى قدرة البنك على الوفاء بالتزاماته تجاه الدائنين والمودعين، بخاصّة في ظل الأوضاع الحالية، حيث قد لا يتمكّن المودعون من استرداد ودائعهم'.
وبحسب ضاهر، 'يجب دراسة الوضع بدقّة من الناحية المحاسبية، بخاصّة في ما يتعلّق بالتدقيق الخارجي. فإذا وجد المدقّق مخاطر مالية (Risk) عليه أن يصرّح بعدم وجود أرباح فعلية، خصوصاً مع الالتزامات المستحقّة تجاه مصرف لبنان'.
يعدّ تحديد مسؤوليات المصارف مهمّاً في سياق النقاش الدائر حول القوانين الثلاثة الأساسية المتعلّقة بالأزمة المالية في لبنان:
قانون السرّية المصرفية الذي أُقر في المجلس النيابي مع الحفاظ على مفعول رجعي لمدّة 10 سنوات، أي حتى العام 2015، واعتُبر ذلك إنجازاً للمودعين، إذ يُتيح للجهات المتخصّصة، من بينها مصرف لبنان، رفع السرّية المصرفية.
قانون إعادة هيكلة المصارف، الذي يتضمّن كيفية هيكلة المصارف بما في ذلك دمج بعض المصارف بأخرى.
قانون تحديد الفجوة المالية وتوزيع المسؤوليات، في ما يتعلّق بالودائع العالقة في المصارف اللبنانية منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2019.
يصف المحامي كريم ضاهر، في مقابلة لموقع 'درج'، قانون إعادة هيكلة المصارف، بـ'دورة تصفية'، إذ يتمّ تصفية الفرق الضعيفة أولاً، ثم يتأهّل الأقوياء إلى الأدوار النهائية. ولكن ضاهر تحدّث عن ضرورة ربط قانون إعادة هيكلة المصارف بقانون تحديد الفجوة المالية (أي قانون إعادة الانتظام المالي) وذلك أيضاً للأخذ بالاعتبار المصارف التي استفادت من الهندسات المالية، مقارنة بتلك التي لم تستفد بالقدر نفسه، وبالتالي فإن قدراتها محدودة اليوم لتلبية متطلّبات المصرف المركزي، لكنّ ذلك كلّه مرتبط بنتائج المفاوضات الجارية بين الوفد اللبناني وصندوق النقد الدولي في واشنطن.
ويشرح ضاهر : 'هنا يبرز دور الجهات الرقابية في التحقّق من أن هذه العمليات تمّت وفق معايير مُحكمة، وليس عبر هندسات مالية ملتوية، بدعم غير أصولي أو مبرّر أو تفضيلي من مصرف لبنان، مثل القروض التي حصلت عليها بعض المصارف'.
تُظهر تقارير التدقيق المالي لبنك عودة أن مراجعي حسابات البنك 'إرنست ويونغ' و'BDO سمعان غلام وشركاه' (وهما شركتا التدقيق اللتان كانتا تدقّقان حسابات مصرف لبنان خلال ولاية رياض سلامة) قد أبديا رأياً سلبياً (adverse opinion) منذ التقرير المدقّق لعام 2019، أي بعد اندلاع الأزمة في لبنان، إذ ذكر التقرير 'أحداثاً وظروفاً قد تثير شكوكاً كبيرة حول قدرة المجموعة على الاستمرار في مزاولة أنشطتها، ولم نتمكّن من الحصول على أدلّة تدقيق كافية وملائمة بشأن قدرة المجموعة على الاستمرار في مزاولة أنشطتها'.
أرسل موقع 'درج' أسئلة إلى شركتي التحقيق، ولكن لم يصلنا أي ردّ حتى لحظة النشر.
من هم أبرز المستفيدين؟
من بين المساهمين المذكورين على موقع بنك عودة، نرى أن 21.55 في المئة من الأسهم تندرج تحت عنوان Global Depository Receipts GDRs، وهي شهادات الإيداع العالمية. تمثّل GDRs أسهماً عادية يحتفظ بها بنك نيويورك ميلون بصفته المالك المسجّل لهذه الأسهم، وذلك بصفته جهة الإيداع ضمن برنامج شهادات الإيداع العالمية الخاصّة بالبنك.
بالإضافة إلى ملكية الأسهم العادية في الجدول أدناه، يتمّ الاحتفاظ بنسبة 8.35 في المئة من الأسهم العادية للبنك، عبر شهادات الإيداع العالمية من عدد من مساهمي البنك المصرّح عنهم.
في المقابل، يضيف موقع بنك عودة، أن معلومات ملكية شهادات الإيداع العالمية تبقى مجهولة بالنسبة الى البنك في ما عدا ذلك. إذاً، تبقّى نحو 13.20 في المئة من الأسهم مجهول الهوّية.
في حين كان تسريب نصّ الطلب الذي تقدّمت به المحكمة الإقليمية لإمارة ليختنشتاين إلى القضاء اللبناني في نهاية شهر حزيران/ يونيو 2022، ضمن إطار التحقيقات التي باشرتها بحقّ سلامة، بتهمة اختلاس مبلغ يصل قدره إلى 400 مليون دولار، ذكر حساب GDR.
يرتبط الطلب بشركتين محلّيتين في الإمارة، هما شركتا Salamandur وCrossland، وهما محدودتا المسؤولية، ومقرّاهما في إمارة ليختنشتاين، كانت تحقيقات 'درج' وOCCRP كشفت سابقاً ملكية سلامة لهما. يشير الطلب إلى عقد بتاريخ 26 كانون الثاني/ يناير 2016 بين شركة SI 2 SA السويسرية التابعة لرياض سلامة ومجموعة M1 المنسوبة إلى طه ميقاتي، شقيق نجيب ميقاتي، الذي بناء عليه في تاريخ 15/8/2016، قد تدفّق مبلغ 14 مليون دولار أميركي من خلال طه ميقاتي، إلى شركة Crossland على حساب لدى مصرف بنك عودة سويس، كما أشار الطلب إلى نقل ملكية 4 ملايين سهم من مصرف Banque Audi SAL Spons-GDR-Repr بقيمة 25.82 مليون دولار إلى Crossland.
بخصوص طلب إمارة ليختنشتاين، كشف تحقيق لموقع intelligence online أن Crossland 'تملك 4 ملايين سهم لحامله (أسهم مجهولة المصدر) من بنك عودة – على شكل شهادات إيداع دولية (GDR) – بقيمة 25.28 مليون دولار. ولكن، وفقاً لسجل المساهمين للعام 2014، فإن MAL Investments One Holding، وهي شركة تابعة لعائلة ميقاتي، كانت تملك تاريخياً شهادات إيداع دولية، تبيع حصتها بمبلغ معادل'.
إذاً، يكشف ذلك أن سلامة وميقاتي مساهمان أيضاً في بنك عودة، عبر شهادات الإيداع (الـ GDRs).
في هذا السياق، أكّد مكتب ميقاتي في بريد إلكتروني لموقع 'درج' أنه في حزيران/ يونيو 2023، تلقّت عائلة ميقاتي رسالة رسمية من المحكمة الأميرية في ليختنشتاين، تؤكّد ألا تحقيقات معلّقة ضدّهم. وهذا ينفي بشكل قاطع أي ادّعاءات بالمخالفات'، وأكّد المكتب أنه 'لا توجد اتّفاقيات عقدية بين مجموعة M1 و SI2SA جنيف. ولم يتمّ الاتصال بمجموعة M1 من أي جهة رسمية أو تنظيمية في ليختنشتاين، أو أي ولاية قضائية أخرى، بشأن التحقيقات المزعومة، أو أي تحقيق آخر'.
كشف تحقيق موقع intelligence online أن بنك عودة، أحد أكبر المصارف اللبنانية، لعب دوراً محورياً في هذه العمليات المالية. في عام 2010، تدخّل رياض سلامة لإنقاذ البنك من دخول مساهمين معادين، بعدما قرّرت شركة EFG Hermes المصرية بيع حصّتها البالغة 29.9 في المئة في البنك. وبما أن القانون اللبناني يمنع حاكم المصرف المركزي من امتلاك حصص في شركات خاصّة، استخدم سلامة بشكل مبطّن مبلغ 154 مليون دولار، ما يمثّل 4.94 في المئة من رأسمال بنك عودة، من حساب خاصّ تحت سيطرته، لشراء أسهم البنك عبر شركة Middle East Opportunities For Structured Finance Ltd، المسجلّة في جزر كايمان.
لاحقاً، نُقلت هذه الأسهم إلى شركات 'أوفشور' أخرى مثل: Levant Finance وLevant Finance 2، وسط غموض حول هوّية المستفيدين الحقيقيين من هذه العمليات.
'تتبّع المحقّقون السويسريون تحويلات من حساب HSBC في جنيف، يخصّ رجا سلامة شقيق رياض سلامة، إلى شركة في دبي تحمل الاسم نفسه: Levant Capital، وهي شركة، بحسب المحقّقين الفرنسيين، يملك رجا سلامة توكيلاً مصرفياً عليها'، بحسب الموقع.
وجدنا اسم شركة Middle East Opportunities for Structured Finance وM1 Capital و'ميقاتي هولدينغ'، في لائحة حضور جمعية عمومية غير عادية لمساهمي بنك عودة – مجموعة عودة – سرادار (نيسان/ أبريل 2012).
بناءً على ما تقدّم، يملك رياض سلامة نحو 5 في المئة من أسهم بنك عودة، في حين يملك نجيب ميقاتي نحو 10 في المئة وفق ما كانت قالت القاضية غادة عون، ونقلت عنها صحيفة L’Orient Le Jour، وذلك بقرض من البنك نفسه.
ردود بنك عودة وميقاتي
رد بنك عودة على أسئلة موقع 'درج' بالتالي:
'الاقتراحات والمزاعم والادّعاءات التي تشيرون إليها لا أساس لها من الصحّة، والمقال الذي تستندون إليه intelligence online، للأسف لا يستند إلى تقييم متوازن أو موضوعي للوقائع:
لم ندعم أبداً أو نشارك عن علم، في أي نوع من الأنشطة الاحتيالية، أو المخالفات القانونية، ولم نسهّل أي إساءة لاستخدام الأموال العامّة.
هيكلية المساهمين لدينا شفافة، ودائماً ما تمّ الإفصاح عنها بشكل منتظم وصادق، من خلال بيانات متاحة للجمهور.
عند احتساب حجم تعاملاتنا مع مصرف لبنان نسبة إلى حجم القطاع، فهي تتماشى تماماً مع تعاملات المصارف الأخرى.
في كلّ مرّة نكتشف فيها أن خدماتنا المصرفية، ربما استخدمها عملاء لتسهيل نشاط مالي غير مشروع، نبادر فوراً إلى إبلاغ السلطات المختصّة بذلك'.
أمّا مكتب رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، فردّ على أسئلة 'درج'، معتبراً أن 'الإيحاء بأن شركات تابعة لمجموعتنا، استفادت بشكل مزعوم من أكثر من 154 مليون دولار من أموال مصرف لبنان (العامّة) لشراء أسهم بنك عودة، هو ادّعاء لا أساس له إطلاقاً، ومضلل، وخالٍ من أي مصداقية. نحن نرفض هذه المزاعم بشكل قاطع، ولتوضيح الحقائق وتصحيح المعلومات بخصوص صفقة بنك عودة ش.م.ل، يُرجى ملاحظة ما يلي:
تمّت الصفقة في كانون الثاني/ يناير 2010، أي منذ ما يقارب الـ 15 عاماً.
كانت صفقة قانونية بالكامل، شفّافة، ومعروفة علناً، ونُفذت وفقاً لقوانين المصارف اللبنانية وأنظمتها.
تمّ الحصول على جميع الموافقات اللازمة، بما في ذلك موافقة مصرف لبنان، ولم يحدث أي تجاوز أو مخالفة في أي مرحلة من مراحل العملية.
كان قرار بنك عودة ش.م.ل تسهيل انتقال الملكية من صندوق استثمار مصري إلى مستثمرين لبنانيين، قراراً مشروعاً بالكامل، وله مبرّرات تجارية واضحة.
كانت الصفقة خاصّة بطبيعتها، ولم تتضمّن أي أموال عامّة، وأُنجزت وفق شروط تجارية اعتيادية، وضمن الأطر القانونية والتنظيمية.
في عام 2010، استثمرت جهات تابعة للمجموعة، في أدوات مالية مرتبطة برأسمال بنك عودة، وقد طُرحت هذه الأدوات وفق مبدأ التعامل على مسافة واحدة، وكانت مُتاحة لشريحة واسعة من المستثمرين في السوق، وشارك فيها عدد من المستثمرين بالشروط والأحكام نفسها.
أي إشارة إلى وجود معاملة تفضيلية، أو إساءة استخدام للأموال العامّة، أو أي مخالفة، هي ادّعاءات لا أساس لها على الإطلاق، ونرفضها بشكل قاطع'.
وأكّد مكتب ميقاتي: 'لم يصدر أي حكم قضائي — في لبنان أو دولياً — ضدّ رئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي، أو أفراد عائلته، أو الشركات التابعة لهم، في ما يتعلّق بإساءة استخدام السلطة، أو الإثراء غير المشروع، أو غسل الأموال، أو سوء إدارة الأموال العامّة. تعمل مجموعتنا بأعلى معايير الحوكمة والشفافية، مع الحفاظ على فصل واضح ومبدئي بين الخدمة العامّة والمشاريع الخاصّة'.
ختاماً، يخشى ضاهر من تعطيل الحلول واقتصار النقاش على 'التسويات' المؤقتة والتسويف المستمر، بدلًا من المضي في إصلاح جذري. لا يمكننا تحقيق المحاسبة من دون إصلاح، إذ سيؤدّي ذلك إلى تدمير البنية التحتية المالية. ولا يمكننا التنازل عن المحاسبة بهدف إعادة إطلاق الاقتصاد، ما يعني إعفاء المُخطئين من المسؤولية وإهدار حقوق المودعين وضرب الثقة الائتمانية. لذلك نحن بحاجة إلى حلّ وسط لإنقاذ المصارف، عبر إعادة هيكلتها وتمكينها من استئناف عملها بضوابط صارمة.
بالإضافة إلى تحميل الخسائر وفق معايير التدرّج العالمية (waterfall) ومحاسبة المسؤولين عن التجاوزات المالية، واسترداد الأموال المنهوبة أو المتأتية من أعمال غير مشروعة، كذلك إعادة الأموال المُهرَّبة إلى الخارج بعد 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2019، صوناً لمبدأي العدالة والمساواة الدستوريين، وإصلاح النظام الضريبي، بما في ذلك توسيع قاعدة المكلّفين، ومحاربة التهريب والتهرّب، وفرض أو تحصيل الضريبة المستحقّة على الأرباح الطائلة، التي جناها البعض من انهيار الليرة، واسترداد ما هو غير مستحقّ نتيجة عمليات الدعم خلال أولى سنوات الأزمة المالية.