الدور المتوقع لمجلس السلام والقوّة الدولية في غزةبين فرص النجاح ومخاطر الإخفا

بقلم

اللواء الدكتور عبداللطيف بن محمد الحميدان

مما لاشك فيه وفي ظل الحرب والتحديات المتصاعدة التي تواجه قطاع غزة بعد سنوات طويلة من الصراع والانقسام جاءت خطة ترامب التي أُعلن عنها في سبتمبر 2025 كمحاولة جديدة لإعادة رسم المشهد السياسي والإداري للقطاع من خلال إنشاء مجلس سلام وقوة دولية (ISF) لكي تتولى إدارة المرحلة الانتقالية والتي تهدف إلى الإشراف على لجنة فنية فلسطينية تدير شؤون غزة وضمان الأمن والاستقرار عبر نشر قوة دولية ومراقبة تنفيذ التعهدات للتأكد من التزام الأطراف ببنود الخطة إضافة إلى دعم عمليات إعادة الإعمار وتنسيق التمويل الدولي وإدارة عملية الإصلاح السياسي من خلال توسيع المشاركة الفلسطينية واستبعاد حركة حماس من الحكم خلال المرحلة الانتقالية

ورغم ما تحمله الخطة من وعود بإعادة البناء والاستقرار إلا أنها تواجه فرصًا ومخاطر متداخلة فمن جهة يمنح وجود مجلس دولي يضم شخصيات بارزة غطاءً شرعيًا دوليًا ويجنّب المشروع الظهور كاحتلال مقنّع كما أن تصميم المجلس والقوة الدولية بطريقة تضمن الحياد والشفافية يمكن أن يساهم في كسب ثقة بعض الفصائل والجمهور الفلسطيني وقد يسهم وجود هذه القوة في تخفيف حدة الصدامات المباشرة بين إسرائيل وحماس عبر لعب دور الوسيط الأمني فضلًا عن إمكانية استغلال المرحلة لإعادة بناء مؤسسات خدمية جديدة تُدار بمعايير دولية مستقلة بما يعزز الكفاءة الإدارية ويعيد الثقة بالمؤسسات العامة كذلك فإن نجاح القوة الدولية في فرض الأمن والاستقرار قد يتيح ربط التقدم السياسي بجهود الإعمار والتنمية ويحفّز الأطراف المختلفة على الالتزام ببنود الخطة لكن هذه الفرص تقابلها عقبات كبيرة تهدد نجاح المشروع وأبرزها رفض حركة حماس لبعض البنود من خلال تصريحات بعض مسؤوليها لان الخطه تستبعد حركة حماس من المرحلة الانتقالية وهو ما قد يؤدي إلى مقاومة داخلية أو مواجهات مسلحة كما أن الشرعية المحلية للمجلس قد تكون ضعيفة إذا شعر الفلسطينيون أن القرار يُفرض عليهم من الخارج دون مشاركة حقيقية ويُضاف إلى ذلك التحدي الأمني المعقّد الناتج عن تعدد القوى والفصائل المسلحة في غزة مما قد يصعّب فرض سلطة موحدة تحت إشراف القوة الدولية ومن جهة أخرى قد تسعى إسرائيل إلى الاحتفاظ بدور أمني على الحدود أو داخل القطاع وهو ما يقيّد استقلالية القوة الدولية ولا يمكن إغفال المشكلات المحتملة في جمع التمويل وضمان التزام المانحين فضلًا عن التعقيدات الناتجة عن تداخل الجهات الدولية المنفذة والانقسامات الإقليمية والدولية التي قد تُضعف الغطاء السياسي للمجلس وتحوّله إلى ساحة تنافس نفوذ كما أن غياب جدول زمني واضح لنقل الصلاحيات إلى سلطة فلسطينية شرعية يثير مخاوف من تحول الإدارة المؤقتة إلى سلطة دائمة في حين قد تواجه الخطة معارضة قوية من الأجنحة اليمينية الإسرائيلية الرافضة لأي إشراف دولي على غزة ولزيادة فرص النجاح لا بد من توافر مجموعة من الشروط الجوهرية أولها الحصول على تفويض شرعي من الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى جانب غطاء فلسطيني عبر مشاورات وطنية تضمن قبولًا نسبيًا للمشروع كما ينبغي إنشاء آليات شفافة للمراقبة والمحاسبة من خلال لجان مستقلة تنشر تقارير دورية حول الالتزام والتنفيذ مع التركيز في البداية على إعادة الخدمات الأساسية كالكهرباء والمياه والتعليم والصحة قبل الدخول في التفاصيل السياسية حتى يلمس المواطن نتائج مباشرة تُعيد الثقة كذلك من الضروري وضع جدول زمني واضح ومنظم للانسحاب الإسرائيلي مقابل إنجازات أمنية وتنموية ملموسة تشرف عليها القوة الدولية مع ضمان رعاية دولية قوية وتمويل طويل الأمد من الدول المانحة وربط هذا التمويل بتحقيق تقدم فعلي على الأرض. ويجب أن تتضمن الخطة خارطة طريق دقيقة تحدد مراحل الانتقال إلى سلطة فلسطينية شرعية قادرة على تسلّم الإدارة كاملة بعد انتهاء المرحلة الانتقالية وفي المحصلة يمكن القول إن نجاح مجلس السلام والقوة الدولية في غزة ليس أمرًا مضمونًا لكنه ممكن إذا توفرت الإرادة السياسية الدولية والدعم الشعبي الفلسطيني والرؤية الواقعية التي توازن بين الأمن والسيادة والتنمية فالمعادلة الحقيقية لا تكمن في فرض حلول من الخارج بل في تمكين الشعب الفلسطيني من صياغة مستقبله ضمن بيئة مستقرة تُهيئ لسلام عادل ودائم يربط بين إعادة الإعمار وترسيخ الأمن وبناء مؤسسات شرعية تعبّر عن الإرادة الوطنية وفي حال اراد المجتمع الدولي انجاح هذه الخطه لإرغام إسرائيل بوقف الحرب وتحقيق مستهدفات الخطه فانه لابد ان تؤخذ نتائج مؤتمر حل الدولتين في الاعتبار مع الاستمرار بالضغط في تنفيذ بنود ماورد في نتائج المؤتمر لان خطه ترامب الموضوعه يشوبها كثير من الثغرات خصوصا انه لايوجد في الخطه مسار سياسي يفضي إلى اقامة الدوله الفلسطينيه بينما نتائج مؤتمر حل الدولتين يوجد به رؤيا واضحه لمسار إقامة الدوله الفلسطينية