كتب صلاح سلام في 'اللواء'

هي من المرات النادرة التي يرى فيها أهالي بعلبك والهرمل مسؤولاً كبيراً في الدولة يزور منطقتهم، ويحدثهم عن همومهم ومشاكلهم، وينقل لهم بشرى الإفراج عن قرار تعيين الهيئة الناظمة لزراعة القنب، الذي سيجذب ملايين الإستثمارات للمنطقة، وينتشلها من البؤس الإجتماعي، ويعالج الفجوة الكبيرة بين دولة الإستقلال وتلك المنطقة المحرومة والمهمشة.

وبدا رئيس الحكومة نواف سلام في جولته البقاعية والحدودية أمس، أنه ليس مدركاً للمشاكل المزمنة لأهالي المنطقة وحسب، بل بدأ بوضع الحلول العملية لمعالجتها، والتمهيد لمرحلة نهوض إقتصادي وإجتماعي، تطوي كل مراحل التهميش السابقة، وما سببته من معاناة لشباب بعلبك والهرمل وعائلاتهم، بسبب اللجوء لزراعة المخدرات، وصناعة الكبتاغون، وتحويل الكثير من رجالهم إلى طُفّار في الجبال والوديان هرباً من الملاحقات الأمنية.

السماح بزراعة القنب وفق القوانين الدولية التي تراعي الحاجات الطبية، لدخول هذه المادة في تركيبة الكثير من العقاقير والأدوية، ستؤمن مداخيل شرعية وذات مستوى مرموق للمزارعين، وستشكل مصدر جديد وناشط للإقتصاد الوطني، الذي تحتاج تركيبته الراهنة إلى تطوير وتنويع، لتعزيز مالية الدولة المفلسة.

أما الجانب الأمني من جولة رئيس الحكومة الحدودية، لا يقل أهمية عن الزيارة التفقدية والإنمائية لمنطقة البقاع، حيث تم الإطلاع على متطلبات تفعيل الرقابة على الحدود، وإقفال المعابر غير الشرعية، وتعزيز دور أبراج المراقبة في رصد الحركات المشبوهة، والإعداد لإطلاق ورشة ترسيم الحدود مع سوريا، في الوقت الذي كان فيه السفير الفرنسي في لبنان يُسلّم وزير الخارجية الوثائق الفرنسية الخاصة بترسيم الحدود بين البلدين.

بالأمس زار رئيس الحكومة الشمال وتفقد مطار القليعات، معلناً بدء إعداد الدراسات اللازمة لتشغيله، وأعاد الحياة إلى مشروع «المنطقة الإقتصادية» في طرابلس، ووعد بإستكمال أوتوستراد عكار، إلى جانب الإهتمام بعدد من المشاريع الإنمائية الأخرى، مؤكداً بذلك أن تحقيق الإنماء المتوازن الذي نص عليه إتفاق الطائف، لا يتحقق بالشعارات، بل بالخطوات العملية والقرارات التنفيذية التي بدأت تشق طريقها رغم التعقيدات البيروقراطية، والحساسيات المناطقية والسياسية المعروفة.

فهل سيكون لبنان أمام مرحلة واعدة من تنفيذ المشاريع الإنمائية الملحَّة،تعلن عودة الدولة لمناطق الأطراف المهملة في العهود السابقة؟