اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكالة سوا الإخبارية
نشر بتاريخ: ١٣ تموز ٢٠٢٥
في وقت يتواصل فيه التصعيد العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة وسط دمار شبه كامل، تتباين التقديرات في إسرائيل بين الحديث عن إنجازات ميدانية وبين شعور داخلي بالتآكل والتكرار. المشهد الميداني يُعيد إلى الواجهة مشهد التورط الإسرائيلي بوحل جنوب لبنان، مع تشكيك متزايد بجدوى القتال وبفرص الحسم، مقابل تعنت سياسي إزاء إنهاء الحرب أو المضي نحو صفقة لتبادل الأسرى.
وفي ظل تصعيد العدوان الإسرائيلي على بلدة بيت حانون شمالي قطاع غزة، طرحت صحيفة 'هآرتس'، اليوم الأحد 13 يوليو 2025، تساؤلًا مركزيًا عن مصير العملية العسكرية الإسرائيلية الجارية: هل هي في طريقها إلى تحقيق 'الحسم' الذي يعد به رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو ، أم أنها تتجه إلى إعادة إنتاج تجربة الشريط الأمني في جنوب لبنان خلال تسعينيات القرن الماضي؟
ونقلت الصحيفة عن ضباط في لواء المظليين الاحتياط، خدم معظمهم أكثر من 300 يوم في الحرب ويشاركون الآن في العدوان المتصاعد على بيت حانون، أن 'الجيش يحقق إنجازات، والأهداف قابلة للتحقيق'، ويعتقدون أن البلدات الإسرائيلية المجاورة لقطاع غزة 'ستصبح أكثر أمانًا' بعد نهاية الحرب، مشيرين إلى أن البلدة 'ستُدمر بالكامل'، وأن ما تبقى من الأنفاق سيُفجّر، ولن يتمكن عناصر حماس من تهديد المستوطنات القريبة بعد ذلك.
لكن على بُعد كيلومترات قليلة، في الجبهة الداخلية الإسرائيلية، تزداد الأسئلة حول جدوى القتال وطول أمده، لا سيما بعد عودة رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، من زيارته إلى واشنطن دون التوصل إلى اتفاق بشأن صفقة تبادل أسرى. وكتبت الصحيفة أن المفاوضات غير المباشرة مع حماس 'ما زالت عالقة'، وأن التقديرات تشير إلى أنه 'ما لم يعلن المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، بشكل صريح عن نيته فرض اتفاق، فلن تحدث انفراجة قريبة'.
وأضافت أن العمليات الجارية في قطاع غزة تتركز حاليًا على تدمير الأنفاق، فيما يقوم الجنود بتأمين الأعمال الهندسية، في إشارة إلى عمليات التدمير الممنهجة التي ينفذها جيش الاحتلال في القطاع المدمر، وقالت الصحيفة إن قوات الاحتلال تتقدم ببطء نحو المناطق العمرانية الجديدة تحت نيران متقطعة، بهدف فتح المجال أمام وحدات الهندسة لمواصلة وتعزيز عمليات التدمير.
وشبه مراسل الصحيفة المشهد في بيت حانون بالسير 'على سطح القمر'، وسط ظلام دامس باستثناء الضوء المنبعث من معدات الحفر التي تحاول الوصول إلى مسارات الأنفاق. ووصفت الصحيفة المشهد بالقول: 'التقدم يتم بين ركام المنازل وأكوام الخرسانة والحديد، حيث لا يظهر سكان ولا مقاتلو حماس في العلن، وتُقدّر القيادة العسكرية بقاء ما بين 70 إلى 80 مقاتلًا من حماس في المنطقة، يتحصنون في الأنفاق'.
وذكّرت الصحيفة بكمين حماس الأسبوع الماضي، حين خرج مقاتلو الحركة من تحت الأرض وزرعوا عبوات ناسفة أدّت إلى مقتل خمسة جنود معظمهم من كتيبة 'نتساح يهودا'، وإصابة 14 آخرين. وقالت: 'عندما تعرّضت القوة للهجوم، لم يكن لديها هدف محدد ترد عليه بإطلاق النار'.
ورغم غياب الحديث العلني عن وجود أسرى إسرائيليين في هذه المنطقة، فإن العمليات تتركز على الهدم. ويشدد ضباط الاحتياط على أن 'مهمتهم تنحصر في بيت حانون'، وليست ضمن الأنفاق الدفاعية داخل مدينة غزة.
وتطرقت الصحيفة إلى أحاديث الجنود في الليل، والتي عبّرت عن الشعور بالثقل النفسي على العائلات التي تركوها خلفهم، والتضحيات الشخصية التي قدّموها، من زوجات وأطفال وأعمال ودراسة. وأشار بعضهم إلى 'تحسّن الأداء التكتيكي' للجيش مقارنة ببداية الحرب، لكنه 'أُهدر في ظل غياب خطاب سياسي واضح يثمّن التضحيات'.
وفي مقاربة أوسع، رأت الصحيفة أن الجولة في شمال غزة تثير 'ذاكرة جنوب لبنان' قبل الانسحاب الإسرائيلي عام 2000، عندما كانت القيادات العسكرية ترى في الاستمرار ضرورة رغم ميل الرأي العام للانسحاب، أو حتى ذكريات من حرب لبنان الأولى بين عامي 1983 و1984، قبل الانسحاب إلى نهر الأولي.
وكتبت الصحيفة: 'السؤال لا يزال معلقًا – ما هي معايير الحسم أمام تنظيم مسلح؟ وكيف يمكن تحقيقها؟' لكن في غزة، تقول الصحيفة، النقاش أعقد بكثير بسبب ذكرى السابع من أكتوبر التي تُلقي بظلها على كل النقاشات.
وعن عودة نتنياهو من واشنطن، قالت الصحيفة إنه 'لم يأتِ بأي جديد'، وواصل إطلاق وعود متناقضة – 'اتفاق قريب' و'سحق حماس'. وبحسب استطلاع نشرته القناة 12 الإسرائيلية، فإن 82% من الإسرائيليين يدعمون صفقة تشمل وقف الحرب، مقابل 12% فقط يعارضونها. وأضافت الصحيفة أن نتنياهو ظهر في تسجيل مصوّر خلال لقائه بعائلات الأسرى في الولايات المتحدة، قائلًا: 'لن أفرّط بحياة وأمن سكان الغلاف'، وكأن ما جرى في 7 أكتوبر لم يحدث أصلًا، على حد تعبير الصحيفة.
واعتبرت الصحيفة أن 'التفاؤل الذي ساد قبل أسبوع قد اصطدم مجددًا بجدار الواقع'، محمّلة إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مسؤولية الجمود، إذ لا يظهر حتى الآن أنه يمارس ضغطًا فعليًا على نتنياهو. وكتبت: 'نتنياهو لا يزال ينجح في المناورة مع ترامب بما يخدم مصلحته'، ما يجعله يتهرب من الحسم بين خيارَي الصفقة أو استمرار الحرب.
وأوضحت الصحيفة أن مطالب حماس 'لم تتغير': انسحاب إسرائيلي واسع بضمانة أميركية بعدم استئناف الحرب، وهو ما يرفضه نتنياهو، ويصرّ بدلًا من ذلك على 'البقاء في أجزاء واسعة من القطاع'، خصوصًا 'محور موراغ' ومحيط مدينة رفح، حيث يخطط لإقامة ما سماه 'المدينة الإنسانية'، أي تجميع مئات الآلاف من الفلسطينيين في ظروف حياتية قاسية قرب الحدود المصرية.
واتهمت الصحيفة نتنياهو بمحاولة 'تفجير المفاوضات مجددًا بذريعة ضرورة التمركز في محور موراغ'، مشيرة إلى تحقيق نشرته 'نيويورك تايمز' خلال عطلة نهاية الأسبوع، أكّد 'أن هذه إستراتيجية متكررة يتبعها نتنياهو منذ أكثر من عام'.
وذكّرت الصحيفة بأن الضغوط الداخلية على نتنياهو تزداد، وأن 'استطلاعات الرأي لا تبشّر بالخير'، مشيرة إلى أن الحرب على إيران لم تمنح الليكود دفعة شعبية واسعة النطاق كما كان متوقعًا. وكتبت أن 'التوصل إلى اتفاق قد يحدث فقط قرب نهاية الشهر الحالي، مع بدء عطلة الكنيست ، وانحسار خطر انهيار الائتلاف في المدى القريب'.
وأضافت أن نتنياهو يواصل المراوغة، مستفيدًا من غياب ضغط مباشر من ترامب، بينما يرى شركاؤه في اليمين المتطرف في رفح 'محطة حاسمة' في تحقيق طموحاتهم الكبرى: 'ترحيل جماعي للفلسطينيين من القطاع، وإعادة بناء المستوطنات'.
ورأت الصحيفة أن 'الغائب الأكبر'، بعد ترامب، هو رئيس الأركان إيال زامير. وعلى عكس 'الرأي السائد' في المؤسسة العسكرية، تتزايد علامات الاستفهام بين كثيرين في القيادة العليا للجيش الذين باتوا يروا أن 'الضغط العسكري مهما بلغ لن يؤدي وحده إلى كسر حماس'. وأضافت الصحيفة أن زامير، بخلاف الخطاب الرسمي، 'يُفضّل التوصل إلى اتفاق على استمرار هذا النمط من العمليات'، والذي يحجم الجيش عن وصفه صراحة بـ'التورط في الوحل'.
وخلصت الصحيفة إلى أن 'قبضة اليمين المتطرف على الحكومة تُلقي بظلالها الثقيلة على كل مسار'، مشيرة إلى حادثة جديدة يوم الجمعة، حين قتل مستوطنون شابين فلسطينيين في بلدة سنجل قرب رام الله ، أحدهما برصاص مباشر والآخر نتيجة الضرب بآلة حديدية. وتساءلت الصحيفة بسخرية: 'من يجرؤ أصلًا على توقّع نتائج التحقيق – إذا أُجري أصلاً؟'.
كما تطرّقت الصحيفة إلى تشييع جندي احتياط من مستوطنة 'يتسهار' قُتل في خانيونس خلال مواجهة مباشرة مع خلية تابعة لحماس. وختمت بالقول إن أحد زملائه في التأبين صرخ: 'يجب طرد الجميع من هذا القطاع القذر... إذا بقي عرب هنا بعد الحرب، فأنتم فشلتم'، بينما تساءل ضابط يميني متطرف آخر في قوات الاحتياط: 'إلى متى سنبقى عبيدًا للأسرى؟'، في تعبير قالت الصحيفة ساخرة إنه قد يكون يؤهله للتشرح إلى منصب نائب رئيس الشاباك المقبل.