اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٤ كانون الأول ٢٠٢٥
مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة يومه الـ75، يتبدّد الحديث عن تهدئة مستقرة أمام واقع ميداني مثقل بالخروقات الإسرائيلية المتواصلة، راح ضحيتها أكثر من 400 شهيد منذ سريان الاتفاق، فبدل أن يشكّل الاتفاق مدخلًا لوقف دائم للعدوان، تحوّل إلى إطار هش لإدارة النار، تستخدم فيه 'إسرائيل' الخروقات كأداة ضغط سياسي وأمني، وسط تصاعد المخاوف من إعادة إنتاج الحرب بأشكال جديدة، أمام صمت دولي وتواطؤ أمريكي.
من جهته، قال د. إياد إبراهيم القرا إن المشهد الميداني في غزة لا يعكس وقفًا شاملًا ودائمًا لإطلاق النار، بل حالة تهدئة مؤقتة تُدار إسرائيليًا كأداة سياسية وأمنية، لا كمدخل حقيقي لإنهاء الحرب.
وأضاف القرا، في تصريحات نشرها عبر صفحته على منصة 'إكس'، أن هذا النمط من “التهدئة المُدارة” يعكس سلوكًا إسرائيليًا تقليديًا يقوم على التحكم بإيقاع الصراع وإدارته، بدل حسمه أو التوجه نحو إنهائه، معتبرًا أن هذا النهج يُبقي احتمالات الانفجار قائمة في أي لحظة.
وأوضح أن المرحلة الثانية من اتفاق غزة لم تعد مجرد خطوة إجرائية، بل تحولت إلى ساحة صراع سياسي مفتوح، تختبر فيها إرادات متعارضة على المستويات الفلسطينية والإقليمية والدولية، وتتجاوز تداعياتها حدود القطاع إلى مجمل توازنات المنطقة.
وبيّن القرا أن الفلسطينيين ينظرون إلى المرحلة الثانية باعتبارها استحقاقًا إنسانيًا وسياسيًا عاجلًا، هدفه وقف العدوان بشكل نهائي وفتح مسار التعافي من حرب إبادة خلّفت دمارًا واسعًا في البنية المجتمعية والعمرانية، وأرهقت المجتمع الفلسطيني إلى أقصى حدوده.
وأكد أن هذه المرحلة، من المنظور الفلسطيني، لا تُطرح كورقة تفاوض أو مقايضة، بل كمطلب أساسي لوقف الإبادة والانتقال إلى مسارات التعافي وإعادة الإعمار.
في المقابل، قال القرا إن الاحتلال يتعامل مع المرحلة الثانية بمنطق مغاير، إذ يسعى رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى إعادة تعريفها وفق شروطه الخاصة، بما يسمح له بإدارة نتائج الحرب بدل إنهائها.
وأضاف، أن هذا التوجه يرتبط بشكل مباشر بالأزمة الداخلية التي يعيشها نتنياهو، وبمحاولاته المتكررة للهروب إلى الأمام عبر إبقاء أدوات الضغط على غزة قائمة، أو نقل مركز الصراع إلى ساحات أخرى عند الحاجة، بدل الالتزام باستحقاقات التهدئة.
أما عن الموقف الأمريكي، أشار القرا إلى أن واشنطن تتعامل مع ملف غزة ضمن مقاربة إدارية اقتصادية أمنية، منزوعة من أي مضمون وطني فلسطيني، تركز على ما تسميه 'الاستقرار الوظيفي' ومنع الانفجار، دون معالجة جذور الصراع أو إنهاء الاحتلال.
وأوضح أن هذه المقاربة تفتح الباب أمام مشاريع لإدارة القطاع تتجاهل مسألة السيادة والحقوق الوطنية، وتحول غزة إلى ملف أمني واقتصادي قابل للإدارة، لا قضية شعب يعيش تحت الاحتلال.
وحول دور الوسطاء، قال القرا إنهم يتمسكون بنصوص الاتفاق، لكنهم يفتقرون عمليًا إلى أدوات الإلزام والضمان، مضيفًا أن دورهم يقتصر على إدارة الوقت وتخفيف التوتر، دون قدرة حقيقية على فرض تنفيذ المرحلة الثانية أو منع الالتفاف عليها.
وفي ما يتعلق بالسيناريوهات المحتملة، أضاف القرا أن أحد أخطر الخيارات المطروحة يتمثل في توسيع دائرة الحرب باتجاه لبنان أو إيران، باعتباره مسارًا إسرائيليًا للهروب من استحقاقات المرحلة الثانية وإعادة خلط الأوراق الإقليمية.
وأكد أن هذا السيناريو لا ينطلق من ضرورة أمنية حقيقية، بقدر ما يعكس حسابات سياسية داخلية ورغبة في تدوير الصراع بدل إغلاقه، حتى وإن كان الثمن انفجارًا إقليميًا واسعًا.
ويخلص الكاتب السياسي بالقول إن المرحلة الثانية تحولت من مسار تهدئة إلى معركة سياسية على تعريف نهاية الحرب، متسائلًا عمّا إذا كانت ستقود إلى أفق للتعافي والاستقرار، أم ستكون محطة جديدة في مسار ابتزاز وصراع طويل الأمد.
وفي وقت سابق، قال بشارة بحبح، الوسيط الأميركي الفلسطيني ورئيس لجنة العرب الأمريكيين، إن الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق السلام في غزة يواجه جملة من العقبات، أبرزها صعوبة المضي قدماً من دون نشر قوة استقرار دولية في القطاع.
وأوضح بحبح، في تصريحات صحفية، أن جوهر الإشكال يكمن في رفض الاحتلال الإسرائيلي مشاركة تركيا ضمن قوة الاستقرار المقترحة، إلى جانب تردّد بعض الدول الأخرى، في مقابل إبداء دول استعدادها للمشاركة.
وأشار إلى، أن ملف المشاركة التركية سيكون حاضراً في اللقاء المرتقب بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، والمقرر عقده في التاسع والعشرين من الشهر الجاري.
واعتبر بحبح، أن الكلمة الفصل تبقى بيد الرئيس الأميركي، مؤكدًا أن ترامب يمتلك النفوذ الأكبر، وأن نتنياهو لا يستطيع تجاهل قراراته إذا حسم موقفه.
وبيّن، أن العقبة الثانية تتصل بتمويل إعادة إعمار قطاع غزة، موضحًا أن انضمام مصر وقطر والإمارات إلى مجلس السلام ينبغي أن يقترن بالتزامات مالية، لا سيما من الدول العربية المقتدرة.
وأضاف، أن تجارب سابقة تجعل دولاً مثل السعودية والإمارات وقطر متحفظة على تمويل مشاريع قد تُدمَّر لاحقاً، ما لم تتوافر ضمانات سياسية واضحة.
وأوضح بحبح، أن هذه الدول تشترط وجود مسار سياسي ثابت لا رجعة فيه نحو إقامة دولة فلسطينية، مؤكداً أنها لن تموّل الإعمار في غياب هذا الأفق.
ورجح انطلاق المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار خلال الأسبوع الأول أو الثاني من كانون الثاني/يناير المقبل، وتحديداً عقب قمة ترامب مع نتنياهو التي يُتوقع أن تحسم القضايا العالقة، نافياً علمه بوجود ترتيبات لمشاركة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القمة.
وأكد بحبح، أن ترامب لن يسمح بفشل الاتفاق، معتبراً ذلك أمراً مؤكداً، ومشدداً في الوقت نفسه على التزام حركة حماس بوقف إطلاق النار، رغم استمرار الخروقات الإسرائيلية.
وقال إن حركة حماس تدرك سعي 'إسرائيل' لإيجاد ذرائع لاستئناف الحرب، وتسعى إلى إفشال ذلك عبر ضبط النفس.

























































