اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الأنباء
نشر بتاريخ: ١ تشرين الأول ٢٠٢٥
بيروت ـ بولين فاضل
ليس بمعطى عابر أن تكون مغارة جعيتا السياحية قد استقطبت منذ 15 يوليو الماضي تاريخ إعادة افتتاحها (أقفلت لأشهر بعد وفاة مشغلها ومستثمرها) وحتى اليوم أكثر من 70 ألف زائر، ووفرت عائدات إلى خزينة وزارة السياحة تقدر بـ 400 الف دولار (من دون الضريبة على القيمة المضافة TVA) بعد توقيع الوزارة عقد اتفاق بالتراضي مع بلدية جعيتا، أسندت اليها بموجبه مسؤولية إدارة وتشغيل وصيانة المغارة لسنة كاملة، مع تقسيم العائدات بين 60% للبلدية و40% لوزارة السياحة، في انتظار عملية تلزيم المغارة وفق قانون الشراء العام.
وإذا قارنا بين مردود وزارة السياحة من المغارة المقدر بـ 400 ألف دولار في غضون شهرين ونصف فقط ومردودها لسنة كاملة في العام 2018 المقدر بـ 500 الف دولار، يكون هناك ما يستوجب التوقف عنده والإضاءة عليه، طالما أن هذا النموذج من الإدارة قد حقق المبتغى.
في هذا الإطار، قال رئيس بلدية جعيتا وليد بارود في حديث إلى «الأنباء» إن «شركة خاصة كانت تدير المغارة في الماضي وفق نظام الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، في حين أن ما حصل اليوم هو نجاح شراكة بين الوزارة والبلدية وكلتاهما من القطاع العام، وهذا يعني أنه عندما تتوافر الإرادة والذهنية، يمكن صنع المعجزات».
وأضاف «المغارة لزمن طويل كانت مهملة جدا، لذا قمنا كبلدية بتنظيفها والبدء بتجديدها وصيانتها وبالتالي وضعها على السكة الصحيحة لكون الصواعد والهوابط فيها stalactite-stalagmite تحتاج إلى معالجة مكلفة، فضلا عن أن نوع الإنارة قديم جدا ويمكن تجديده لصون أكبر لهذا الكنز الطبيعي. هذه المغارة هي مغارتنا ونحن لا نتعامل معها كمستثمرين يرتبونها بعض الشيء ويحققون المال ثم ينتهي عملهم، بل دخلنا المشروع كانتحاريين ولم نكن نملك في البداية المال لدفع رواتب الموظفين فيها، ومع ذلك نجحنا وقدمنا نموذجا مجديا يحاكي إلى حد كبير اللامركزية، لأن الجزء المادي العائد إلى البلدية لا يستهان به ويمكن أن نستفيد منه لمشاريع للمنطقة برمتها».
حتى 15 يوليو 2026 ستمضي بلدية جعيتا في مشاريع تنهض أكثر فأكثر بالمغارة وتحافظ على ديمومة الحركة فيها ولو في أشهر السنة «الميتة سياحيا»، ولكن ماذا بعد انتهاء مدة العقد وذهاب المغارة ربما من يد البلدية؟ يجيب بارود «نحن من الآن وعبر منبر «الأنباء» نطالب الوزارة برؤية إلى الأمام، ونحن نتحدث معها ولا نتحدث بهذا الشأن، وهي تملك الجرأة ولا تملكها في آن، لأن ثمة قانونا يرعى هذه الأمور ويتعلق بتلزيم مثل هذه المرافق وفق دفتر شروط، علما أن الشركة المتعهدة في هذه الحال لن تعطي الوزارة كمردود أكثر من 15%، بينما النسبة اليوم هي 40%، وأعتقد أنه يمكن إدخال تعديلات طفيفة على قانون الشراء العام بحيث تتسلم البلدية إدارة المرفق لفترة أطول طالما التجربة نجحت، وحتى يمكن مضاعفة عائدات المغارة لأن تفاوضنا على مشاريع مع أي شركة يصبح حينها مختلفا وبأسعار أفضل وموقع أفضل كبلدية».
وفي الانتظار، لن تستسلم مغارة جعيتا لسكون الشتاء وبرودته، بل ثمة أفكار ومشاريع كثيرة من شأنها بث الحرارة في ثنايا المكان، وعلى رأسها تنظيم نشاطات فنية في شهري نوفمبر وديسمبر، حيث جرى الاتفاق بين البلدية ووزارة السياحة على استقطاب فنانين لبنانيين وعالميين بارزين لتقديم حفلات في قلب المغارة وفي مساحة تتسع لنحو 250 شخصا ليس أكثر بحيث يعود ريعها لتأهيل أكبر للمغارة.
كما ثمة برنامج يعد لشهر الميلاد ورأس السنة من سوق ميلادي وما شابه، فضلا عن تعاون مع النحات رودي رحمة لصنع منحوتة كبيرة جدا تجسد المغارة، إلى استحداث درب في وادي المغارة للسياحة البيئية تنتهي عند لوحة الجلاء في نهر الكلب، تضاف إلى درب الزيتون التي تنتهي عند نقطة المغارة. ومن الأفكار المطروحة أيضا، تحويل مدرج صخري أو «اوديتوريوم» في آخر المغارة الجافة إلى مسرح طبيعي خلاب من صنع الخالق.
منذ إعادة افتتاح مغارة جعيتا قبل شهرين ونصف وحتى اليوم، شكل المغتربون اللبنانيون 50% من زوارها، فيما النسبة الباقية كانت من السياح الكويتيين والسعوديين والإماراتيين والعراقيين، إضافة إلى بعض الأجانب من أوروبا وأميركا اللاتينية. وفي فترة غياب المغترب والسائح، ثمة تعويل على استقطاب طلاب المدارس وتقديم العروض للشركات الخاصة لإقامة حفلاتها في المغارة، وكلها أفكار إن كتب لها التنفيذ، فهي كفيلة بجعل مغارة جعيتا مرفقا سياحيا لا يفارقه نبض الحياة على مدى 365 يوما.