اخبار لبنان
موقع كل يوم -ام تي في
نشر بتاريخ: ٩ حزيران ٢٠٢٥
تشهد السياسة اللبنانية تحوّلًا تدريجيًا في مقاربة ملف النزوح السوري، مدفوعًا بمجموعة من العوامل المتشابكة، أبرزها: استعادة سوريا لعلاقاتها الطبيعية مع الأسرة الدولية، وانكماش الدعم المالي الموجَّه إلى اللاجئين، بالإضافة إلى الضغط السياسي المتراكم من قوى لبنانية وازنة على رأسها حزب القوات اللبنانية باتجاه إنهاء هذا الملف الذي يُرهق البنية اللبنانية اقتصاديًا، اجتماعيًا، وسياديًا.
في هذا السياق، ثمة خطة جديدة لإعادة النازحين السوريين أصبحت جاهزة، وتنتظر عرضها على مجلس الوزراء في أقرب جلسة لنيل الموافقة على تنفيذها.ومن المقرر أن تبدأ المرحلة الأولى قبل مطلع أيلول المقبل.
بالتوازي، كانت مفوضية اللاجئين أبلغت وزارة الصحة اللبنانية أنها ستتوقف عن تقديم الدعم الصحي للاجئين السوريين في لبنان، بدءًا من تشرين الثاني المقبل، كما إن الدعم الاستشفائي سيتوقف بالكامل مع نهاية 2025، ما سيؤثر مباشرة على نحو 80 ألف كانوا يستفيدون من هذا البرنامج.
هذا التراجع لا يمكن فصله عن المناخ الدولي المتغيّر تجاه النظام السوري الحالي، والذي بات يشهد انفتاحًا سياسيًا وديبلوماسيًا، بعد عزلة امتدت لأكثر من عقد.
عودة العلاقات الطبيعية بين عدد من الدول الغربية والعربية وسوريا، فتحت الباب أمام تسويق العودة، ورفعت الغطاء الدولي عن بقاء السوريين في دول أخرى إلى أجل غير مسمى.
في موازاة ذلك، مارس حزب القوات اللبنانية ضغوطًا سياسية واضحة في هذا الملف، عندما توّجه في 9 أيار 2024 بكتاب رسمي وجّهه تكتل الجمهورية القوية إلى مفوضية اللاجئين في بيروت، رفض فيه استمرار الدعم المالي للنازحين في لبنان، ودعا إلى توجيه أي مساعدات فقط للعائدين إلى سوريا.الكتاب، أكد أن لبنان ليس بلد لجوء، بل محطة عبور مؤقتة، وأن بقاء الوجود السوري غير الشرعي على هذا النحو يهدد الهوية والديموغرافيا اللبنانية.
نحو واقع جديدإذا استمر هذا التلاقي بين الانفتاح الدولي على سوريا، وصرامة الموقف الداخلي من استمرار النزوح، فإن لبنان أمام مرحلة مفصلية.فـالتطبيع التدريجي مع النظام السوري لم يبقَ خطوة رمزية، بل بدأ يُترجم على الأرض عبر تحوّلات ملموسة، من وقف المساعدات، إلى تسهيل العودة، وصولًا إلى إعداد خطة لبنانية واضحة تُعيد للدولة دورها في إدارة هذا الملف.
من الواضح أن الدولة اللبنانية، بكل مكوناتها، لم تعد قادرة على تحمّل تبعات النزوح من دون استراتيجية واقعية.
وإذا كانت الخطة المنتظرة ستُقارب العودة الطوعية كمرحلة أولى، فإن الشروط باتت ناضجة لفتح هذا الملف من الزاوية السياسية، لا فقط الاجتماعية.
تراجع التمويل الدولي، تضييق مفوضية اللاجئين، الانفتاح العربي على دمشق، وضغط قوى سياسية لبنانية... كلها عوامل تُسرّع الخروج من مرحلة الإبقاء على الأمر الواقع. القرار اتُّخذ: عودة تدريجية بدأت ملامحها تتبلور.