النظام الموقت يحظر ترشح دعاة التقسيم والانفصال والاستقواء بالخارج وداعمي النظام البائد

أعلنت اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب في سوريا اليوم الأحد إجراء العملية الانتخابية غير المباشرة لاختيار أعضاء برلمان انتقالي في الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، بناء على الإعلان الدستوري الصادر بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد.

ومنذ وصوله إلى السلطة عقب الإطاحة بالأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) عام 2024، أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع سلسلة خطوات لإدارة المرحلة الانتقالية، شملت حلاً فورياً لمجلس الشعب السابق، ثم توقيع إعلان دستوري حدد المرحلة الانتقالية بخمس سنوات.

ومن المقرر أن يضم مجلس الشعب الجديد الذي سيمارس مهماته التشريعية 210 أعضاء، 140 منهم تنتخبهم هيئات ناخبة تشكلها لجان فرعية تختارها لجنة الانتخابات العليا، و70 عضواً يعينهم الرئيس أحمد الشرع.

وقالت اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب عبر تطبيق 'تيليغرام' اليوم إن الانتخابات ستجري في الخامس من أكتوبر 'في الدوائر الانتخابية بالمحافظات السورية'.

ولكن وفقاً لما أعلنته في نهاية أغسطس (آب) الماضي، فقد أُرجئ التصويت في محافظة السويداء (جنوب) ذات الغالبية الدرزية التي شهدت أعمال عنف في يوليو (تموز) الماضي، وفي محافظتي الرقة والحسكة (شمال شرقي) اللتين يسيطر عليهما الأكراد، بسبب الوضع الأمني والسياسي.

ومنح الإعلان الدستوري الشرع سلطات شبه مطلقة في تشكيل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، على رغم أنه نص على مبدأ 'الفصل بين السلطات'، مما أثار انتقادات منظمات حقوقية ومكونات سورية أبرزها الأكراد.

ووفقاً للإعلان الدستوري، سيتم اختيار أعضاء البرلمان لمدة عامين ونصف عام قابلة للتجديد، ويمارس صلاحياته التشريعية إلى حين إقرار دستور دائم وإجراء انتخابات جديدة.

وتعرضت آلية اختيار أعضاء مجلس الشعب المقبل لانتقادات، وأشار المعترضون إلى تركيز السلطات في أيدي الرئيس وغياب تمثيل المكونات العرقية والدينية في البلاد.

وبعد سقوط نظام بشار الأسد، أعلنت سوريا الجديدة حل مجموعة من مؤسسات النظام السابق، بينها مجلس الشعب والأجهزة الأمنية، وفي ظل حاجة البلاد إلى سلطة تشريعية أصدر الرئيس أحمد الشرع مرسوماً ينص على إجراء انتخابات لمجلس الشعب، وتشكيل لجنة لإجراء هذه الانتخابات.

وفي الـ 19 من أغسطس (آب) 2025، أصدر الرئيس السوري أحمد الشرع المرسوم رقم (143) لعام 2025 القاضي بالمصادقة على النظام الانتخابي الموقت لمجلس الشعب السوري، وشدد النظام الانتخابي على 'منع المحافظين والوزراء السابقين من الترشح لعضوية البرلمان الجديد'.

وأشار المرسوم كذلك إلى أن 'النظام الانتخابي الموقت يحظر ترشح دعاة التقسيم والانفصال والاستقواء بالخارج وداعمي النظام البائد'، وحدد المرسوم في فصله الأول تعريفات رئيسة مرتبطة بالعملية الانتخابية، إذ نصت المادة الأولى على أن اللجنة العليا هي المشرفة على الانتخابات وتشكّل بمرسوم من رئيس الجمهورية، في وقت تتولى اللجان الفرعية تنظيم الانتخابات على مستوى الدوائر، كما عرّف المرسوم الهيئة الناخبة ولجنة الطعون والدائرة الانتخابية والمركز الانتخابي، إضافة إلى صفتي الناخب والمرشح.

وبحسب المادة الثانية فإن عدد أعضاء مجلس الشعب هو 210 أعضاء، يُنتخب الثلثان منهم وفق أحكام المرسوم، بينما يجري توزيع المقاعد على المحافظات بحسب التوزع السكاني، ونصت المادة الخامسة على أن عدد أعضاء الهيئة الناخبة في كل دائرة يساوي عدد المقاعد المخصصة لها مضروباً في الرقم 50 على ألا يقل العدد عن 30.

وأكد المرسوم في المادة السادسة أن مقر اللجنة العليا سيكون في دمشق، و'تتولى الإشراف الكامل على الانتخابات وضمان حريتها ونزاهتها، وتمارس عملها باستقلالية تامة عن أي جهة أخرى، كما نص على تشكيل لجنة قانونية تابعة لها لتقديم المشورة وصياغة اللوائح، إضافة إلى لجان فرعية على مستوى الدوائر تشرف على العملية الانتخابية بتفاصيلها.

وكان المتحدث باسم اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب نوار نجمة قال لـ 'اندبندنت عربية' إنه 'من الصعب الانتهاء من انتخابات مجلس الشعب السوري قبل زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكن ستنتهي الانتخابات قبل نهاية شهر سبتمبر (أيلول) الجاري'.

وفي خصوص اسم البرلمان السوري الجديد، أضاف نجمة أن 'اسم مجلس الشعب مرتبط بذكريات سيئة لدى الشعب السوري، إذ كان السوريون يسمونه مجلس التصفيق، وفي الحقيقة هو مجلس المصالح والمحسوبيات، وخلال فترة الثورة السورية برر المجلس ودافع عن الانتهاكات والجرائم التي قام بحقها النظام البائد، لذلك فإن هذه التسمية للبرلمان (مجلس الشعب) مرتبطة بكل هذه الذكريات السيئة'.

وأشار إلى أن مسألة تغيير اسمه مناطة بالأعضاء القادمين للمجلس، ولهم وحدهم الحق في تغيير اسم مجلس الشعب الذي كان يُعرف في مراحل سابقة بمجلس النواب أو المجلس النيابي، وربما يكون من الأنسب اليوم العودة لإحدى هذه التسميات لأنها تعكس طبيعة المرحلة وتعبر عنها بصورة أفضل، وهذا التغيير ضروري لمساعدة المجتمع في تجاوز الذكريات السابقة'، متابعاً أن 'البرلمان السوري سيعقد أولى جلساته مطلع أكتوبر (تشرين الأول) المقبل ومدة دورته 30 شهراً قابلة للتمديد'.

ولفت المتحدث باسم لجنة الانتخابات إلى أن الحديث عن تشكيل المجلس يكون عبر التعيين وليس الانتخابات أمر غير صحيح على الإطلاق، 'وسيجري انتخاب ثلثي أعضاء مجلس الشعب بصورة نزيهة وشفافة، ووفق القانون سيجري تعيين 70 عضواً من قبل رئيس الجمهورية، ومن أهداف هذه التعيينات هو ضمان التمثيل لمختلف المكونات والطوائف والأعراق، وكذلك ضمان تمثيل المرأة'.

وتابع المسؤول السوري 'نواصل حالياً درس طلبات الترشح لعضوية الهيئات الناخبة تمهيداً لإقرار اللوائح النهائية، وسيحدد جدول زمني دقيق لسير العملية الانتخابية فور الإعلان عن القوائم النهائية للهيئات الناخبة'.

وأكد نجمة إغلاق أبواب الترشح للهيئات الناخبة منذ الـ 11 من سبتمبر الجاري في جميع المحافظات، مضيفاً أن 'مجلس الشعب هو أهم مؤسسة تعبّر عن تطلعات الناس، والإقبال على الترشح كان كبيراً وشمل مختلف المكونات، واللجان الفرعية في المحافظات تدرس كل طلب ترشح للتأكد من توافقه مع المعايير، ومهمات هذه اللجان تشمل أيضاً التقصي عن عدم وجود ضغوط مالية على الهيئات الناخبة، مع إمكان إجراء الانتخابات في بعض مناطق الحسكة والرقة، في حين تحرم الفصائل المسلحة أبناء السويداء من المشاركة في الانتخابات مما سيبقي مقاعد المحافظة شاغرة'.

وأوضح نجمة أن 'تشكيل اللجان الفرعية يعد خطوة أساسية في عمل اللجنة العليا للانتخابات، إذ جرى إنشاؤها على مستوى المحافظات والمناطق وفق آلية قريبة من طريقة تشكيل الهيئات الناخبة، واللجنة العليا حرصت على إجراء جولة واسعة من المشاورات والنقاشات مع فعاليات اجتماعية وسياسية في سوريا للوصول إلى تشكيل لجان فرعية تعكس طبيعة المجتمع السوري، وجرى التأكيد على تمثيل المرأة وضمان مشاركة مختلف مكونات المجتمع، إضافة إلى اختيار الكفاءات القادرة على أداء هذه المهمة بمسؤولية ونزاهة وكفاءة، نظراً إلى حساسية عملية الاختيار ودقتها'.