اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة اللواء
نشر بتاريخ: ٢٧ كانون الأول ٢٠٢٥
أقرّ مجلس الوزراء أمس مشروع قانون الانتظام المالي واستعادة الودائع بعد عدة جلسات، وقد ظهر الانقسام الوزاري جليّا حول هذا المشروع من خلال انتهاء النقاش حوله الى التصويت حيث أشارت المعلومات الى ان 13 وزيرا صوّتوا لصالح قانون «الفجوة المالية» مقابل اعتراض 9 وزراء. والمعترضون هم: وزراء القوات وحزب لله وحركة أمل، باستثناء الوزير ياسين جابر، الوزير عادل نصار وزيرة الشباب والرياضة.
فقد عقد المجلس عند الساعة التاسعة من صباح أمس جلسة له في السراي الحكومي برئاسة الرئيس سلام خصصت لدرس مشروع الانتظام المالي واستعادة الودائع، وانتهت قرابة الثالثة إلّا ربعا من بعد الظهر. وبعد الجلسة تحدث الرئيس سلام وقال: أقرّ مجلس الوزراء اليوم (أمس) مشروع قانون الانتظام المالي واستعادة الودائع. وللأسف، خلال الأيام الأخيرة، ومنذ وضعنا هذا المشروع على طاولة البحث في مجلس الوزراء، صدرت الكثير من التعليقات والكتابات التي خالفت حقيقة مضمون القانون وتم تداولها بشكل مضلل. لذلك أودّ أن أؤكد على أمور أساسية.
أولا: جرى التشكيك في أن هذا القانون لا يدفع للمودعين ولا يضمن لهم 100 ألف دولار، سواء كانت مؤمنة أم غير مؤمنة. أودّ أن أؤكد بشكل واضح أن المودعين الذين تقل قيمة ودائعهم عن 100 ألف دولار سيحصلون على هذا المبلغ كاملا، أي من دون أي اقتطاع، إضافة إلى الفوائد المتراكمة عليه، وذلك خلال فترة 4 سنوات. وهؤلاء يشكّلون نحو 85% من المودعين، سيحصلون على أموالهم كاملة وفي أقصر فترة زمنية ممكنة. أما المودعون الآخرون، فقد أكدنا وقلنا إنه لا يوجد شرط لبدء استرداد أموالهم، لأنهم سيستردون ودائعهم كاملة أيضا، ولكن ليس بالسرعة نفسها التي سيحصل عليها صغار المودعين. هؤلاء سيحصلون أولا على 100 ألف دولار، ثم على سندات قابلة للتداول بقيمة الرصيد المتبقّي من حساباتهم.
لقد سمعنا الكثير من الكلام عن هذه السندات، وأنها بلا قيمة. هذا الكلام غير صحيح. هذه السندات لها قيمة كبيرة، لأنها معززة بأصول مصرف لبنان ومحفظة أصول المصرف المركزي تشمل ما يقارب 50 مليار دولار. لذلك من غير الصحيح القول إن هذه السندات مجرد أوراق بلا قيمة.
إضافة إلى ذلك، بعد حصولهم على 100 ألف دولار، يحصل المودعون على هذه السندات، وخلال الفترة الزمنية التي تلي ذلك يمكنهم سنويا استرداد ما نسبته 2% من قيمة هذه السندات. فعلى سبيل المثال، من يملك ودائع كبيرة، كمن لديه 3 ملايين دولار، يمكنه أن يسترد سنويا ما يقارب ستين ألف دولار تضاف إلى حسابه.
وكان هناك أيضا تشكيك في أن هذه السندات معززة بموجودات مصرف لبنان، وبأن الذهب في خطر. وقد شاهدنا حملات تزعم أننا نبيع الذهب. أؤكد بشكل قاطع أن لا أحد يبيع الذهب، لا أنا ولا غيري، ولن نبيع الذهب ولن نغامر به. هذا الكلام افتراء، وما شهدناه هو حملات رخيصة تهدف إلى التشويش.
لذلك أضفنا اليوم (أمس) إلى المشروع بندا يؤكد تعزيز هذه السندات بما لا يخالف أحكام القانون رقم 42/86 المتعلق بحماية احتياطي الذهب لدى مصرف لبنان. ولن نقوم بأي مزايدات في هذا الموضوع، فمسألة الذهب محسومة، وكل ما قيل خلاف ذلك هو افتراء.
كذلك قيل إن هذا القانون هو قانون عفا لله عما مضى، وهذا كلام معيب وغير صحيح. للمرة الأولى، يتضمن هذا القانون مساءلة ومحاسبة. وإذا كان هناك أي التباس حول مسألة التدقيق الجنائي، فإننا في بيان الحكومة الذي نلنا على أساسه الثقة، التزمنا باستكمال التدقيق الجنائي والمحاسبة.
نؤكد مجدّدا أن استكمال التدقيق الجنائي والمحاسبة أمر أساسي ولا نقبل المزايدة فيه. كل من حول أمواله قبل الانهيار المالي عام 2019 مستغلا موقعه أو نفوذه، وكل من استفاد من الهندسات المالية، وكل من استفاد من أرباح أو مكافآت مفرطة، سيخضع للمساءلة وسيطلب منه دفع تعويض قد يصل إلى 30% من هذه المبالغ.
كل هذا الكلام الذي تم تداوله هدفه التشويش وإثارة الخوف لدى المودعين، لا سيما صغار المودعين، وهو كلام غير صحيح.
نحن لا نستهدف المصارف بحد ذاتها. نعلم جميعا أنه لا يمكن لأي اقتصاد أن ينمو من دون قطاع مصرفي سليم. لكننا ندرك أيضا أن الثقة بالنظام المصرفي قد تضررت بشدة خلال السنوات الماضية. هذا القانون يهدف إلى حماية المودعين والسماح باسترداد ودائعهم، كما يهدف إلى تعافي القطاع المصرفي من خلال تقييم أصول المصارف وإعادة رسملتها، لكي تستعيد دورها الطبيعي في تمويل الاقتصاد، وتحفيز النمو، وتسهيل الاستثمار، والقضاء على اقتصاد الكاش المتفشي في البلاد.
إن هذا القانون ليس مثاليا، وفيه نواقص، وقد أدخلنا عليه تعديلات مهمة في الجلسات الأخيرة لمجلس الوزراء. قد لا يحقق تطلعات الجميع، وهذا أمر طبيعي، لكن الأهم أنه خطوة واقعية ومنصفة على طريق استعادة الحقوق، ووقف الانهيار الذي يعاني منه البلد، وإعادة العافية إلى القطاع المصرفي.
نحن نعمل ضمن الإمكانيات المتاحة، ولا نبيع أوهاما كما حصل في السنوات الماضية. نريد أن نكون صادقين مع الناس، والناس تستحق الصدق.
وردّا على سؤال، قال: المودعون الذين تقل ودائعهم عن 100 ألف دولار سيحصلون على ودائعهم كاملة وبأسرع وقت ممكن. أما باقي المودعين، فسيحصلون جميعا على 100 ألف دولار، وما تبقى من ودائعهم سيكون على شكل سندات. وأكرر أن هذه السندات ليست أوراقا بلا قيمة، بل هي معززة بأصول حقيقية.
وبعد الحصول على 100 ألف دولار، يمكن للمودعين سنويا استرداد 2% من قيمة هذه السندات. وقد أعطيت أمثلة عن كبار المودعين، فمن يملك 4 ملايين دولار مثلا يمكنه أن يسترد سنويا نحو 80 ألف دولار، إضافة إلى ما يحصل عليه من هذه السندات.
وردّا على سؤال حول عدم الإجماع الوزاري على هذا المشروع، قال الرئيس سلام: مجلس الوزراء مؤسسة ديموقراطية، هناك آراء مختلفة ، وأنا كنت أحبذ ان نستطيع تسديد الودائع أسرع، ولكن الإمكانات المتوفرة لدينا اليوم لا تسمح بذلك.
وردّا على سؤال عن وزراء قالوا إننا نبني على فرضيات وليس ارقاماً ثابتة، قال: «ليس هناك من يملك أرقاماً ثابتة أو يعلم كيف سيكون اقتصاد البلد بعد عشر سنوات ، فأنا لا أملك ذلك ولا يوجد أحد يدّعي النبوة.
وهناك أمران أساسيان، انه كل يوم نتأخّر فيه كل ما تآكلت ودائع الناس، فهل ترغبون بوقف هذا التآكل؟ وأنا رأيي بضرورة وقف هذا التآكل، والأمر الثاني هو أن ثقة البلد التي نحاول استعادتها ستبدأ بالتراجع، والثقة هي الركن الأساسي في قوانين الإصلاح المالي، وإذا عجزنا اليوم عن إقرار هذا القانون نكون بذلك نضرب الثقة التي عملنا على استعادتها وأنا لست مستعدا لذلك».
وردّاً على سؤال حول ما إذا أقرّت الحكومة موضوع دين الـ١٦ مليار لمصرف لبنان، قال: «ان رقم الـ١٦ مليار مطروح من طرف واحد وليس ثابتا، نحن أقرّينا آلية لبحث الأمر بين مصرف لبنان وبين وزارة المالية والعودة بالأمر بعد أن يكون استكمل التدقيق في أصول مالية لمصرف لبنان. ومجلس الوزراء سيحدد مقدار هذا الدين إذا كان مترتبا على الدولة، وفي مطلق الأحوال الدولة ستتحمّل مسؤوليتها في هذا القانون وفقا للمادة 113 من قانون النقد والتسليف التي تفرض إعادة رسملة مصرف لبنان، ولا يقول لنا أحد بأن الدولة لم تتحمّل مسؤوليتها».
وقيل له من سيتحمّل مسؤولية الخسائر، فقال: أولا سنوقف الخسائر، فكل نهار يمرّ من دون إقرار القانون تتأكل فيه الودائع وهذه أكبر خسارة، ومصداقيتنا تتآكل، أنا لا أريد أن تتآكل ودائع الناس ومعها مصداقيتنا، نحن نريد أن نستعيد ثقة اللبنانيين وأشقائنا العرب وثقة العالم.
وعما إذا كان هناك وقت لاستحقاق السندات، قال: كل شخص لديه سند فسيستحق هذا السند وسيتم تحصيله بالكامل بحسب حجم وديعته. وهذا السند قابل للتداول من اليوم الذي يحصل عليه، وهو يستند الى محفظة مصرف لبنان، ويتقاضى الشخص المبلغ بما يتطابق مع المبلغ الإسمي للوديعة. ومن هو بحاجة لجزء من أمواله، يمكنه بيع جزء من السند مع حسم.
وأمل أن يقرّ مجلس النواب مشروع القانون هذا في أسرع وقت.
وعن رأي صندوق النقد الدولي الذي هو الأساس قال: صندوق النقد ليس هو الأساس، نحن أقرّينا هذا المشروع، فكيف سيعطي صندوق النقد الدولي رأيه فيه إذا لم نقرّه؟
وأعرب وزير الإعلام عن «تحفظه على مشروع قانون الفجوة المالية»، مشددا على « ضرورة تحصيل مزيد من حقوق المودعين والعمل على النهوض بالقطاع المصرفي وإعادة تشغيله من جديد»، مشيرا إلى «غياب الأرقام الواضحة والكافية في المشروع».
من جهة أخرى استقبل الرئيس سلام بعد ظهر امس السفير الفرنسي هيرفيه ماغرو، وتركّز النقاش حول دور الميكانيزم. ومن جهته، أدان الرئيس سلام بشدّة الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على الجنوب والبقاع، وأكّد أن الأولوية هي لوقفها، ولانسحاب إسرائيل من الأراضي التي تحتلّها، وعودة الأسرى.
كما استقبل الرئيس سلام رئيس مجلس الإدارة والمدير العام لمجموعة CMA-CGM السيد رودولف سعادة، يرافقه المدير الإقليمي للمجموعة السيد جو دقّاق.
وخلال اللقاء، جرى التوقف عند الأنشطة الجارية في مرفأ بيروت، وبحث آفاقه المستقبلية في ضوء التحولات السياسية والاقتصادية الكبرى التي تشهدها المنطقة.
وأكد المجتمعون أن استعادة مرفأ بيروت لدوره التنافسي على المستوى الإقليمي تتطلب إحراز تقدم على عدة مسارات متوازية، أبرزها توسيع القدرة الاستيعابية للمرفأ، وتحسين الربط مع الداخل وتسهيل الإجراءات الحدودية، إضافة إلى تطوير التكامل اللوجستي. وشدّدوا على أن هذه الخطوات مجتمعة تشكّل مدخلًا أساسيًا لإعادة إدماج المرفأ في سلاسل الإمداد الإقليمية، وتمكينه من الإسهام الفاعل في تعافي الاقتصاد اللبناني.
كما استقبل رئيس مجلس الوزراء وفدًا من مؤسسة يوسف صادر للثقافة القانونية، وهي جزء من مؤسسة «صادر» التي تأسست عام 1863. وقد قدّم الوفد للرئيس سلام كتابًا أعدّوه حول الدستور اللبناني وتفاسيره، وذلك بمناسبة مئوية الدستور اللبناني الصادر عام 1926.











































































