اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة عكاظ
نشر بتاريخ: ١ تشرين الأول ٢٠٢٥
في اليوم العالمي للقهوة، لا يكتفي السعوديون برفع فناجينهم احتفاء بمشروب عالمي، بل يرفعونها كمرآة تعكس هوية وطن وثقافة شعب واقتصاد متسارع.
هنا، لا تُسكب القهوة لمجرّد المذاق، بل تُسكب كحكاية تمتد من مدرجات جازان، حيث البن الخولاني يعانق السحاب، إلى شوارع الرياض وجدة والدمام، حيث المقاهي تضج بالحياة وتضخ المليارات.
وبين الفنجان الذي يرمز إلى الكرم، والمقهى الذي يوفّر الوظائف، وسوق تتجاوز قيمتها 18 مليار ريال، تتحوّل القهوة في السعودية من عادة يومية إلى قوة اقتصادية وثقافية تمزج بين الأصالة والحداثة، وتضع المملكة ضمن أكثر 10 دول استهلاكا للقهوة في العالم.
تقارير أخرى تشير إلى أن حجم السوق العالمية بلغ نحو 223 مليار دولار في 2023، مع توقعات بارتفاعه بشكل مطرد خلال العقد القادم.
هذه الأرقام تجعل القهوة واحدة من أكثر السلع الزراعية تداولا عالميا بعد النفط.
بعض التقارير مثل Grand View تضع الرقم عند 1.83 مليار دولار (6.9 مليار ريال) في 2024، بينما تقديرات أخرى تصل به إلى 4.35 مليار دولار.
القهوة أصبحت أحد أسرع القطاعات نموا في السوق السعودية، مدفوعة بانتشار المقاهي وتغير أنماط الحياة.
الرياض وحدها تحتضن نحو 15 ألف مقهى، تليها جدة بـ10 آلاف، ثم الدمام بـ5 آلاف، فيما توزعت البقية على المدن الأخرى. وحتى النصف الأول من 2025، بلغ عدد المقاهي الشعبية وحدها نحو 27 ألف مقهى.
هذا الانتشار يعكس تحول القهوة من عادة منزلية إلى صناعة متكاملة تؤثر في أنماط الحياة الحضرية والثقافة اليومية.
في 2023 وحده، استوردت المملكة نحو 70-96 ألف طن.
هذا الاعتماد على الاستيراد يؤكد الفجوة بين الإنتاج المحلي والطلب المتزايد.
يبلغ الإنتاج المحلي حاليا نحو 800-1000 طن سنويا.
ومبادرة استدامة القهوة السعودية 2030 تستهدف رفع الإنتاج إلى 2500 طن وزراعة أكثر من 1.2 مليون شجرة بن.
والقهوة الخولانية ليست مجرد محصول اقتصادي، بل إرث ثقافي سعودي أصيل.
انتشار المقاهي أوجد فرصا واسعة للشباب والشابات كباريستا، رواد أعمال، ومصممين.
النمو المتواصل للسوق يعزز مكانة القهوة كأحد المحركات الصامتة للتوظيف وريادة الأعمال في رؤية السعودية 2030.
وفي اليوم العالمي للقهوة، يمكن القول إن السعودية لا تحتفي بمشروب عالمي بل إرث ثقافي حيّ، وسوق اقتصادية واعدة، وجسر يجمع بين الماضي والحداثة، بين الضيافة والتراث، وبين الفنجان والوظيفة.