في مشهد انتخابي حافل بالتحالفات المعقّدة، شهدت نقابة أطباء لبنان في بيروت، انتخابات حاسمة أفضت إلى فوز الدكتور الياس جميل شلالا بمنصب نقيب الأطباء، بعد جولة انتخابية ثانية، حاز فيها على 870 صوتاً، ليُتوّج بذلك مرشح لائحة «الوحدة النقابية» التي مثّلت أبرز تحالف حزبي عرفته انتخابات النقابة منذ سنوات.

إقبال سياسي ومهني لافت

بدأت العملية الانتخابية منذ الصباح الباكر في «بيت الطبيب»، تحت إشراف وزارة الصحة، وسط حضور لافت من الجسم الطبي وأيضاً من شخصيات سياسية ونيابية ووزارية.

وكان من أبرز الحاضرين وزير الصحة العامة الدكتور ركان ناصر الدين، الذي شدّد على حيادية موقفه قائلاً: «فور دخولي بيت الطبيب، رفعتُ عني ثوب السياسة والطائفية وكل الأثقال السياسية... وصوّتُّ لِمَن يتمتّع بالكفاءة والنزاهة والشفافية».

العملية الانتخابية جرت بسلاسة، بحسب المراقبين، وشهدت مشاركة كثيفة نسبياً، عكست احتدام المنافسة بين فريقَين رئيسَيين: تحالف سياسي واسع تحت مظلة «الوحدة النقابية»، ومجموعة من المرشحين المستقلين المحسوبين على المجتمع المدني أو النقابات المستقلة.

تحالفات غير مسبوقة ضمن لائحة «الوحدة النقابية»

لائحة «الوحدة النقابية» التي دعمت ترشيح شلالا، ضمّت مزيجاً غير مألوف من القوى السياسية اللبنانية. فقد شملت تحالفًا بين «حزب الله»، حركة «أمل»، «التيار الوطني الحر»، «الحزب التقدّمي الاشتراكي»، «تيار المستقبل»، و«القوات اللبنانية».

وجاء ترشيح شلالا كحل توافقي بعد انسحاب الطبيب جورج الهبر، وتكثيف الاتصالات في اللحظات الأخيرة لتشكيل لائحة موحّدة تحظى بأوسع دعم حزبي، وهو أمر بات بمثابة عرف في انتخابات النقابة، إذ لا تُحسم التحالفات النهائية إلّا قبل ساعات من الاقتراع.

في المقابل، خاضت المنافسة لائحة «نقابة حرّة مستقلة»، برئاسة البروفيسور رائف رضا.

قبل 24 ساعة فقط من بدء الانتخابات، أحدث إشعار صادر عن محكمة الاستئناف المدنية في بيروت هزّة قانونية داخل النقابة، بناءً على طلب قدّمه المرشح رائف رضا، طعن بشرعية ترشيحات بعض الأطباء الذين «تقدّموا بعد انقضاء المهلة القانونية».

في حين، اعتبر خصومه أنّ ما يقوم به محاولة لـ«تطيير الانتخابات» بدفع من جهة سياسية، نافين وجود أي تجاوز قانوني في قبول الترشيحات.

نتائج الجولة الأولى... وتقدّم شلالا الكاسح

أسفرت الجولة الأولى عن فوز 8 أعضاء لمجلس النقابة، جاء في صدارتهم الدكتور إلياس شلالا بـ1436 صوتاً، تلاه كل من د. حسن موسى بسام (1264 صوتاً)، د. هنري ولسن فاخوري (1249)، د. محمد صادق حاسبيني (1236)، د. فيليب جورج يونس (1110)، د. بسام محمد عليق (1082)، د. زهير شفيق عمر (1071)، ود. جورج جوزف عساف (824).

أمّا في صناديق التأمين والتقاعد والمجلس التأديبي، فقد فاز:

- صندوق التأمين والإعانة: د. جو الراسي، د. محمد علي حوماني، د. رفيق سلوم، د. نمر عز الدين.

- المجلس التأديبي: د. أنطوان كاشي، د. مؤنس كلاكش.

- صندوق التقاعد: د. كريكور أجيديان، د. عماد صوان، د. علي مشيك.

- بالتزكية لمنصب مساعد مراقب عام لصندوق التقاعد: د. مروان الزغبي، محمد الموسوي.

ما بعد الفوز... تحدّيات المرحلة المقبلة

بانتهاء الانتخابات، طُوِيَت صفحة معركة انتخابية، وبدأت مرحلة جديدة بقيادة النقيب الياس شلالا، الذي يُنتظر منه التعامل مع تركة ثقيلة من الأزمات. فالأطباء في لبنان يواجهون ظروفاً استثنائية من التهميش الاقتصادي وانهيار الضمانات، فضلاً عن ازدياد هجرة الكفاءات، ما يفرض على المجلس الجديد خطة إنقاذ عاجلة تبدأ بإعادة الاعتبار إلى مكانة الطبيب اللبناني وكرامته.

وعلى رغم من هذه التحدّيات، تبقى المشاركة الكثيفة والمؤشرات إلى التنافس الديمقراطي، ولو تحت سقف التحالفات، علامات إيجابية على استمرار الحياة النقابية في لبنان.