نهاية الاستحقاق البلدي والاختياري، بداية العودة الى المشاكل العالقة بعد فاصل ديموقراطي، وابرزها مأساة الجنوب الذي عاد محتلاً بعد ربع قرن على التحرير، والكارثة المالية التي لم تتلمس بعد طريقها الى الحل على رغم تدفق الوعود. وفي جردة سريعة لنتائج الانتخابات لناحية الخاسرين والرابحين يتبين الآتي: أولاً، هزيمة نكراء منيت بها القوى التغييرية في بيروت وعلى مساحة لبنان، بإقرار من اركانها، الذين فشلوا ليس فقط في تحقيق اي فوز على الاطلاق، بل حتى في تأمين حضور ولو شكلي بالحد الأدنى، في مختلف اللوائح. ثانياً، تأكيد التمثيل الشعبي الكاسح لثنائي حزب الله-حركة أمل في الوسط الشيعي، على رغم ما حلَّ بالضاحية والجنوب والبقاع بفعل العدوان الاسرائيلي، وتعذر إعادة الاعمار. ولعل ابرز مفارقات الاستحقاق البلدي هذا العام، حلول الثنائي الشيعي محلَّ تيار المستقبل في ضمان المناصفة في العاصمة، حيث شكل رافعة للائحة الجامعة التي ضمت في صفوفها مرشحين للقوات والكتائب وسائر الاطراف. ثالثاً، الفراغ الكبير الذي لا يزال تيار المستقبل يتركه في المشهد السني اللبناني، بدليل النتائج في عاصمتي الشمال والجنوب طرابلس وصيدا، التي طبعتها الخروقات المتبادلة بين اللوائح، ما ادى الى ولادة مجالس بلدية هجينة، ما قد يؤثر في قدرتها على العمل. رابعاً، تحلّق درزي ثابت حول الخط الجنبلاطي، الذي تعرض لبعض النكسات، لكنه بقي محور الحركة والقرار. خامساً، على المستوى المسيحي، تأكد بما لا يقبل الشك، الرفض الشعبي القاطع لأي آحادية سياسية، بدليل المشهد التنافسي المتنوع في مختلف المدن والبلدات والقرى، علماً أن النتائج افرزت بوضوح تام ان التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية يبقيان حتى اشعار آخر، الاكثر تمثيلاً على المستوى العام، مع تفاوت بين منطقة وأخرى لمصلحة هذا الطرف او ذاك، في مقابل انحسار تمثيل غالبية الاحزاب والشخصيات السياسية الاخرى في اقضية وبلدات محددة. لكن في الخلاصة، انجز لبنان استحقاقه المؤجل منذ ثلاث سنوات بفعل التمديد، ونجحت الدولة بمختلف اجهزتها في تنظيمه بالحد الادنى من المشاكل، عسى ان يستدرك المعنيون في المستقبل القريب ثُغرات القانون فيدفعون به الى التعديل، ولاسيما ما يتعلق ببلدية بيروت، لا ان يستمروا في العادة اللبنانية السيئة، بالهرب الدائم من المشاكل... الى الامام.