اخبار فلسطين
موقع كل يوم -شبكة قدس الإخبارية
نشر بتاريخ: ١٤ أيار ٢٠٢٥
ترجمة خاصة - قدس الإخبارية: جاء في تقدير موقف صادر عن معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، أن موافقة المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية على تعيين حسين الشيخ نائبًا لرئيس المنظمة – وهو منصب يُستحدث لأول مرة – يعكس استجابة من محمود عباس لضغوط عربية، تتقدمها السعودية، وأخرى دولية، مثل الولايات المتحدة، على خلفية تداعيات الحرب في قطاع غزة.
وبحسب تقدير المعهد، فإن عباس، وقد شارف على سن التسعين، يسعى من خلال هذا التعيين لتفادي فراغ سياسي بعد غيابه. ورغم أن التعيين لا يحسم رسميًا مسألة الخلافة، إلا أنه يضع الشيخ في موقع متقدم أمام بقية المتنافسين. ومع ذلك، يشير المعهد إلى أن عددًا من قادة حركة فتح لا يرونه مؤهلًا لقيادة السلطة الفلسطينية، ما يهدد بتحوّل تعيينه إلى عامل انقسام بدلًا من أن يكون وسيلة لدرء الفوضى.
ويضيف معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي في قراءته، أن تعيين حسين الشيخ تم خلال اجتماع المجلس المركزي في رام الله بتاريخ 26 نيسان/أبريل، في إطار سلسلة من 'الإصلاحات' أعلن عنها عباس خلال القمة العربية في القاهرة مطلع آذار/مارس 2024. وشملت هذه الإصلاحات آليات لتعويض غيابه المحتمل عن رئاسة السلطة، ودعوة لعودة من أُقصوا من حركة فتح.
ويذكر المعهد أن عزم عباس على إعادة توحيد صفوف الحركة، بعد انقسامات متراكمة منذ إلغاء انتخابات 2021، يُعد مؤشرًا لمحاولة استباق حالة التصدع الداخلي. وفي تطور لاحق، تم تعيين عزام الأحمد خلفًا لحسين الشيخ في منصب أمين سر اللجنة التنفيذية.
ويُحلل المعهد أن هذا التعيين يُعد جزءًا من إعادة هيكلة موسعة، إذ سبق للرئيس عباس أن عيّن محمود العالول نائبًا له في حركة فتح، لكن الخطوة الجديدة تقسم السلطات الثلاث التي كان يحتكرها – رئاسة المنظمة، والسلطة، والحركة – بين شخصيات مختلفة.
ويرى معهد دراسات الأمن القومي أن هذا التغيير يُعد سابقة منذ اتفاقات أوسلو، حيث كانت السيطرة بيد زعيم واحد، مثل عرفات ثم عباس. ومع ذلك، تظل السلطة الفلسطينية، وهي مركز الثقل العملي، بيد الرئيس نفسه حتى إشعار آخر، مع وجود آلية دستورية تتيح لرئيس المجلس الوطني تولي المنصب مؤقتًا في حال غياب عباس.
ووفقًا لتقييم معهد دراسات الأمن القومي، فإن حسين الشيخ (65 عامًا) يُعد من قدامى حركة فتح ومن المقربين لعباس، حيث تطورت علاقته به خلال العقدين الأخيرين ليصبح رجل ثقته. وقد سمحت له هذه العلاقة بتوسيع شبكة علاقاته مع المسؤولين الإسرائيليين والدوليين، إذ شغل منصب رئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية – المنصب الذي يتطلب تواصلًا مباشرًا مع الجانب الإسرائيلي.
وقد أشار المعهد إلى أن الشيخ معروف بالتزامه بالتنسيق الأمني مع 'إسرائيل'، رغم أنه اعتقل لدى 'إسرائيل'.
ويتابع معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي أن خلفية الشيخ تشمل عدة مناصب بارزة، منها عضويته في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وفي اللجنة المركزية لفتح منذ عام 2007، بالإضافة إلى موقعه كأمين سر لجنة المفاوضات خلفًا لصائب عريقات. ومع ذلك، تلاحقه اتهامات بالفساد والتحرش، ما يُضعف من صورته العامة، ويثير تساؤلات حول أهليته لقيادة الفلسطينيين.
وبحسب تقدير المعهد، فإن تعيين الشيخ جاء نتيجة ضغوط عربية ودولية متزايدة على عباس لتنفيذ إصلاحات حقيقية، خصوصًا من السعودية التي ربطت بين هذه الإصلاحات والتقارب مع إدارة ترامب، وكذلك من دول مانحة مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا.
ويؤكد معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي أن هذه الخطوات، رغم أهميتها، لا تحظى بتوافق داخلي، لا داخل فتح ولا بين مكونات منظمة التحرير الأخرى. فالبعض يرى أن المجلس المركزي اجتمع دون نقاش جدي للأولويات الملحة، كالتهدئة في غزة أو الإغاثة الإنسانية. وينظر المعارضون إلى حسين الشيخ كشخصية قريبة من 'إسرائيل'، ما يُقوّض من شرعيته. كما أن الطريقة التي تم بها التعيين – من خلال هيئات تهيمن عليها قيادة عباس – أضعفت من مصداقيته.
ويُحذر المعهد من أن اقتصار الإصلاحات على تعيين الشيخ دون إعادة تشكيل المجلس الوطني والمجلس التشريعي يعمّق من الأزمة البنيوية في القيادة الفلسطينية.
ووفقًا للمعهد، فإن حركة حماس سارعت إلى استنكار تعيين الشيخ، متهمةً عباس باستغلال الحرب لتصفية حسابات داخلية. كما انسحبت فصائل يسارية فلسطينية من جلسات المجلس احتجاجًا على آلية اتخاذ القرار. وفي ذات السياق، لا تُقابل دعوة عباس لعودة من أُقصوا من فتح إلى صفوفها باستجابة فعلية، نظرًا لاشتراطه تقديم اعتذار وتعهدات بعدم الإضرار بالحركة، وهو ما يراه معارضوه إهانة.
ويرى المعهد أن التيار الإصلاحي بقيادة محمد دحلان، كمثال، يرفض العودة بشكل فردي ويطالب بعودة جماعية وبضمانات.
ومن وجهة نظر معهد دراسات الأمن القومي، فإن تعيين الشيخ يُمنحه نقطة انطلاق محتملة لخلافة عباس، لا سيما بدعمه من الأجهزة الأمنية، رغم التراجع الهيكلي المستمر للسلطة الفلسطينية. ومع ذلك، فإن غياب التوافق الداخلي في حركة فتح – الذي كان شرطًا أساسيًا لشرعية عرفات وعباس – يُضعف من موقعه.
ويشير المعهد إلى أن التحدي الحقيقي يتمثل في الانتقال إلى جيل ما بعد التأسيس، الذي نشأ في بيئة مختلفة بعد أوسلو، ولم يعد يرى في منظمة التحرير مظلة قيادية حصرية.
ويشير معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي تحليله بالإشارة إلى أن هذا التعيين يُظهر بوضوح إدراك قيادة عباس لحجم التبعية المتزايدة للسلطة الفلسطينية للمجتمع الدولي، خاصة بعد 7 أكتوبر. ويُعتبر قبول الشيخ إقليميًا ودوليًا، وخاصة من السعودية، مؤشرًا إلى أنه قد يحظى بدعم خارجي في المدى القصير. ومع ذلك، لا يستبعد المعهد أن يؤدي التعيين إلى انقسام إضافي داخل فتح، ما قد يُفسح المجال أمام صعود أطراف لا تعترف باتفاقيات السلام مع 'إسرائيل'.
ويرى معهد دراسات الأمن القومي أن تعزيز وحدة حركة فتح، وإجراء انتخابات داخلية حقيقية، واستقرار مؤسساتها القيادية، يُعد مصلحة استراتيجية أيضًا لإسرائيل. ففي غياب أفق سياسي حقيقي، تبقى إدارة الصراع هدفًا واقعيًا. ومن هنا، يدعو المعهد إلى ضرورة تطوير علاقات مباشرة مع قيادات فلسطينية، وعلى رأسهم حسين الشيخ، لخلق فرص تفاهم أوسع.