وسط الظروف الصعبة التي تعيشها محافظة جنين وبلدة برقين تحديدًا، برزت مبادرة 'اليد العليا' كحل مبتكر لدعم الأسر المتعففة والنازحين من مخيم جنين، عبر توفير فرص عمل لهم بدلًا من تقديم المساعدات المباشرة، مما يضمن لهم دخلًا يحفظ كرامتهم ويمنحهم شعورًا بالإنتاجية والمشاركة المجتمعية.

وقال الإعلامي والمبادر من برقين عبد الباسط خلف، في حديث خاص لـ'رايــة'، إن فكرة 'اليد العليا' جاءت استجابة للتحديات الاقتصادية التي يواجهها الناس بعد توقف العمال عن العمل في الداخل الفلسطيني، وانقطاع الرواتب، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة.

وأوضح 'نستقبل يوميًا مناشدات من أسر متعففة عبر صفحة رابطة خريجي مدارس برقين، فقررنا أن نقدم المساعدة بطريقة مختلفة: بدلاً من تقديم المال فقط، نوفر فرص عمل مؤقتة لمن يستطيع العمل، بحيث يحصل على أجر مقابل تقديمه خدمات للمجتمع، وهذا مستوحى من الحديث النبوي الشريف: 'اليد العليا خير من اليد السفلى.'

كيف تعمل المبادرة؟

وأكد خلف أن المبادرة بدأت في ديسمبر الماضي، ثم انتقلت إلى مرحلة ثانية في يناير وفبراير، حيث تم توظيف نحو 40 أسرة في أعمال متنوعة، تشمل:

- تنظيف وصيانة المدارس والمساجد والطرقات.

- ترميم وإصلاح منازل النازحين لاستقبالهم في برقين.

- إزالة الأعشاب من الطرقات وتحسين المشهد العام.

وتابع 'نحن لا نعطي مساعدات مجانية دون مقابل، بل نطلب من المستفيدين المشاركة في أعمال تخدم المجتمع، حتى يشعروا بقيمتهم وبأنهم يكسبون رزقهم بكرامة.'

وفي المرحلة الثالثة، تسعى المبادرة إلى عقد شراكات مع القطاع الخاص، بحيث تدفع المبادرة نصف أجر العامل، بينما تدفع المؤسسة المشغلة النصف الآخر، لتوفير فرص عمل طويلة الأمد للأسر المتعففة.

ماذا عن العائلات غير القادرة على العمل؟

أكد خلف أن هناك استثناءات، فالعائلات التي لا يوجد لديها أفراد قادرون على العمل، مثل الأسر التي تعيلها نساء مسنّات أو أطفال، تحصل على دعم مباشر من خلال مبادرة فرعية باسم 'همزة وصل'، والتي تهدف إلى ربط المتبرعين بالأسر الأكثر احتياجًا بطريقة شفافة ومباشرة، حيث يختار المتبرع العائلة التي يريد مساعدتها دون وسيط.

وأضاف 'نحن نؤمن بأن من يستطيع العمل ويكاسل، لا يستحق المساعدة. لكن من لديه عذر قهري، نقدم له الدعم بطريقة تحفظ كرامته.'

نحو استدامة المبادرة وتوسيعها

وأشار خلف إلى أن المبادرة حظيت بدعم واسع من أبناء برقين داخل الوطن وخارجه، حيث تمكنت في وقت قياسي من جمع 70 ألف شيكل لدعم النازحين من مخيم جنين.

وتعتمد المبادرة على الشفافية الكاملة، حيث يتم نشر جميع البيانات المالية والتبرعات بشكل واضح، ويتم شراء المواد من خلال عروض أسعار ومناقصات لضمان الجودة والسعر الأفضل بحسب خلف.