اخبار لبنان
موقع كل يوم -أي أم ليبانون
نشر بتاريخ: ١٦ تشرين الثاني ٢٠٢٥
كتب عيسى يحيى في 'نداء الوطن':
تعيش بلدة عرسال منذ أشهر حالة من الغليان الصامت، يختنق فيها صوت المعاناة تحت وطأة قرارات لم تعد تُحتمل. مئات الشاحنات والآليات ما زالت محتجزة لدى الجيش اللبناني، فيما أصحابها ينتظرون منذ أكثر من ستة أشهر تنفيذ وعود بإطلاقها. الأزمة لم تعد قضية قانونية فحسب، بل تحوّلت إلى مسألة حياة وكرامة لعشرات العائلات التي فقدت مصدر رزقها الوحيد، وباتت اليوم مهددة بالجوع والعجز.
في هذا المناخ المأزوم، انعقد اجتماع في دار إفتاء بعلبك الهرمل، جمع مفتي المحافظة الشيخ بكر الرفاعي وعددًا من أبناء عرسال، في محاولة لإيجاد مخرج قبل أن تنفجر الأوضاع اجتماعيًا. وقد تناول اللقاء حيثيات الملف الذي بدأ بمصادرة الجيش عددًا كبيرًا من الشاحنات والآليات، تحت ذريعة التهريب، في حين أن قسمًا كبيرًا منها قانوني ومسجل أصولًا. وأوضح المجتمعون أن اتصالات أجريت سابقًا مع رئاسة الحكومة عبر المفتي أفضت إلى اتفاق يقضي بالإفراج عن الآليات المسجلة بعد مصادرة المواد المهربة، غير أن هذا الاتفاق بقي حبرًا على ورق، ووزارة الدفاع وقيادة الجيش لم تبادرا إلى تنفيذه حتى الساعة.
وقال المفتي الرفاعي خلال اللقاء، اجتمعنا اليوم في دار إفتاء بعلبك الهرمل مع وفد من أهلنا في بلدة عرسال، ولديهم معاناة عمرها أكثر من ستة أشهر وهذه المعاناة بدأت مع مصادرة قيادة الجيش عددًا كبيرًا من الشاحنات والآليات، والحجة في ذلك تهريب المحروقات والمواد الغذائية، ونحن تعاطينا مع الموضوع وفق مبدأ الالتزام بالقانون، وتم الاتفاق مع رئيس الحكومة على أن تسترد الشاحنات والآليات المسجلة بعد أن تصادر المواد المهربة، والآليات غير القانونية تتم متابعتها قانونيًا حتى تسترد.
وقد مضى على هذا الاتفاق ستة أشهر ولا تزال وزارة الدفاع وقيادة الجيش تصران على عدم تنفيذ مضمون الاتفاق. والسؤال المطروح ماذا يفعل أهل عرسال: صدرت قرارات بإقفال المقالع والكسارات، النزوح السوري الذي كان يشكل حلقة اقتصادية ناشطة انتهى، موضوع التهريب الذي كان يجب أن يتابع عندما كانت المواد مدعومة والاقتصاد اللبناني يستنزف لم يتابع. وسأل هل يتعامل مع القرى الحدودية وعلى طول الحدود كما يتعامل مع عرسال؟ هناك 400 عائلة تعاني منذ ستة أشهر، وسيلة العيش مصادرة، وبعضهم مستأجر لتلك الآليات ويسدد قيمتها التأجيرية شهريًا. ونحن نتجه إلى انفجار اجتماعي سريع في بلدة عرسال، وهي تتحول إلى ضحية من جديد. وأضاف، نجدد ونطالب الدولة وقيادة الجيش ووزارة الدفاع أن تتعامل مع عرسال وأبنائها بطريقة عادلة، فالقوانين لا تطبق دفعة واحدة، ولا نستطيع أن نتعامل مع المنطقة الحدودية كما لو أن الظروف والأحوال كما هي منذ سنة، ثمة تغيرات منذ سنة حصلت، ويجب أن نغير من طريقة تفكيرنا وتعاملنا مع هذه المناطق الحدودية، ونطالب بحل الملف قبل أن تتجه الأمور إلى التصعيد ونطالب الدولة أن تستوعب أبناءها.
تصريح المفتي شكّل صرخة تحذير صريحة من انفجار اجتماعي وشيك في البلدة التي طالما دفعت أثمانًا باهظة في محطات سابقة. الأهالي بدورهم، أعلنوا أنهم باتوا على أبواب التصعيد، وأنهم سيضطرون إلى قطع الطرقات وتنفيذ تحركات ميدانية إذا لم يُفرج عن الآليات خلال فترة قصيرة، معتبرين أن المماطلة في تنفيذ الاتفاقات الرسمية لم تعد مقبولة.
عرسال اليوم تقف على حافة أزمة جديدة، وسط شعور متزايد بالغبن والتمييز، ومطالبة واضحة بأن تُعامَل كبقية المناطق الحدودية لا كمنطقة خارجة عن القانون. فبين انتظار العدالة وخطر الانفجار، تبقى المسؤولية على الدولة في المبادرة إلى حلّ سريع يُنهي معاناة مئات العائلات التي تعيش منذ أشهر بين الأمل المعلّق واليأس المتزايد.











































































