رأى الباحث السياسي د. مكرم رباح في حديث خاص لـ”هنا لبنان” أنّ “كل ما يُقال عن أنّ حزب الله يتصرّف بحكمة أو أنه يُراعي الحسابات اللبنانية، وبالتالي لم ينخرط في الحرب، هو كلام غير دقيق”.

وقال: “حين تشعر إيران بأنها لم تعد تملك خيارًا سوى تحريك أذرعها، فهي ستحركها. والتجربة تثبت ذلك؛ ففي حرب 2006، لم يكن هناك سبب يدفع حزب الله للدخول في الحرب، ومع ذلك دخلها. وكذلك الأمر في الحرب الأخيرة في غزة، لم يكن هناك سبب يدفعه للدخول، لكنه دخل أيضًا”.

وأضاف رباح: “بالنسبة لتداعيات الحرب، أعتقد أننا نتجه نحو نهاية النظام الإيراني، وتفكيكه سيكون له نتائج إيجابية. فالنظام الذي كان يسيطر على خمس دول عربية، ينهار اليوم أمام أعيننا”.

وأشار إلى أنّ “سوريا، على سبيل المثال، لم تعد فقط متأثرة بشكل إيجابي، بل باتت تتصرّف بمنطق الحياد. حتى الأردن، على سبيل المقارنة، أعلن موقفًا واضحًا بأنه لن يكون إلى جانب إيران ولا بأي شكل من الأشكال”.

وتابع: “كل هذه التحوّلات إيجابية لمستقبل المنطقة”.

لكن، رغم ذلك، شدد رباح على أنّ “الحرب بحدّ ذاتها لا يمكن أن تكون إيجابية، بل من الضروري على الدول المعنية أن تتحرك وتتصرف وفقًا لمسؤولياتها. ولهذا السبب، فإنّ الوضع اللبناني لا يُطمئن، لأنّ هناك خطوات عديدة يجب أن تُتّخذ من قبل اللبنانيين، بغضّ النظر عن الإقليم”.

وأضاف: “حزب الله لم يتحرّك فعليًا، ليس لأنه يتصرّف بمسؤولية، بل لأنه لم يتلقَّ القرار الإيراني الصريح بذلك بعد”.

واعتبر أنّ “الحروب غالبًا ما تليها أحاديث عن السلام. وهذا يعني أنّ على اللبنانيين، بشكل عام، أن يبدأوا بالتفكير الجدي والشامل بفكرة السلام، وليس كمرحلة تهدئة مؤقتة”.

وفي قراءته لمجريات الحرب، قال رباح: “الأهداف العسكرية التي استُهدفت اليوم تشبه إلى حد كبير ما تعرّض له حزب الله في لبنان خلال حرب تموز”.

ورأى أنّ “الدخول الأميركي في الحرب صحيح أنه يسرّع الأحداث، لكنّ إسرائيل كانت تتّجه بشكل واضح نحو التدمير الكامل.”

ولفت إلى أنّ “المنطقة بأكملها دخلت مرحلة جديدة كليًا. أما الحديث عن وجود نوع من الردع تجاه إيران، فهو غير صحيح. لا يوجد ما يُسمى ردع إيراني اليوم”.

وأوضح رباح أنّ “إيران قامت بإطلاق كل الصواريخ التي بحوزتها، في حين أنّ إسرائيل تنتظر لتُسقطها، سواء أكانت هذه الرمايات عشوائية وبكميات كبيرة، أو بشكل عشوائي بأعداد قليلة”.

وتابع: “الجهة الوحيدة التي تأثرت في الداخل الإسرائيلي هي الجبهة الداخلية، خصوصًا ما يتعلق بملف الملاجئ. ومع ذلك، فإنّ القرار الإسرائيلي كان قد اتُّخذ: لا يمكن لإسرائيل أن تبقى بوجود سلاح نووي إيراني”.

واستكمل رباح تحليله قائلاً: “النقطة الأخرى هي أنّ إسرائيل قامت بالشقّ العسكري، في حين أن الشقّ السياسي الأميركي قد أُنجز سلفًا”.

وأضاف: “الضربة الأميركية كانت المدخل الذي يتيح للإيراني الخروج من الحرب. لم تكن ضربة سريعة بل جاءت في التوقيت المناسب، وفي إطار يسمح للأميركي بالمشاركة في الحرب دون أن يتخذ موقفًا صريحًا من مسألة إسقاط النظام في إيران”.

وختم رباح حديثه بالقول: “الضربة الأميركية كانت في مكانها، أما الكلام المتداول عن عدم وجود رغبة حقيقية بتغيير النظام الإيراني، فهو كلام فارغ. لأنّ ما يجري على الأرض الآن يثبت العكس تمامًا”.