اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة اللواء
نشر بتاريخ: ٣٠ كانون الأول ٢٠٢٥
نوال أبو حيدر
بعد سنوات من التعطيل والمماطلة، أقرّ مجلس الوزراء قانون الفجوة المالية بوصفه خطوة محورية نحو معالجة الانهيار المالي في لبنان. غير أن هذا الإقرار لم يخلُ من اعتراضات واسعة، حيث انقسمت الآراء حوله بين من يعتبره إطارا ضروريا لتنظيم الخسائر المتراكمة، ومن يراه تشريعا متأخرا يفتقر إلى العدالة ويُعيد تثبيت الخلل ذاته الذي حمّل المودعين أعباء الأزمة منذ بدايتها.
بالرغم من الانتقادات، يُنظر إلى القانون كخطوة أولى لوضع إطار قانوني واضح يمكن البناء عليه لمعالجة آثار الأزمة المالية، وتحديد مسؤوليات المصارف والدولة والمودعين على حد سواء. وينتظر أن يفتح هذا القانون الباب للنقاش والتطوير في مجلس النواب، بما يضمن تحقيق العدالة لأكبر شريحة ممكنة من المودعين، مع مراعاة الإمكانات المالية المتاحة والواقع الاقتصادي والأمني في البلاد.
ويبقى السؤال الأهم: هل يحقق قانون الفجوة المالية الأهداف المرجوة ويلاقي الصدى المطلوب لدى جميع الأطراف المعنية؟
الأسمر: أمل لغالبية المودعين
في حديث خاص لصحيفة «اللواء»، يؤكد رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر أننا «جميعا نعلم كيف يبدو الوضع الاقتصادي في البلد، وندرك تماما حجم الضغوط السياسية والاقتصادية التي يتعرض لها منذ العام 2019. كما نعلم أنه لم تجرِ أي معالجة جدية لهذا الواقع إلا مع الحكومة الحالية، ونرى أن هذه المعالجة تعطي نوعا من الأمل لحوالي 85% من المودعين، من عمال وفقراء وذوي الدخل المحدود والمتوسط وما دون، إضافة إلى العسكريين».
دعوة للثقة والتطوير
ويضيف: «من المفترض أن نبدأ من نقطة معينة، مع الاستعداد للنقاش في مجلس النواب ومحاولة تطوير هذا القانون ومنحه طابعا أكثر عدالة لمن لم يستفد منه بالشكل الكافي. فعلى سبيل المثال، فإن من يملك مدخرات تفوق 100 ألف دولار، أو مليون دولار، أو خمسة ملايين دولار، هم بطبيعة الحال متضررون من هذا القانون، لكنني أدعوهم إلى عدم إعطاء انطباع بعدم الثقة بإمكان تطبيقه، أو ربطه بالأصول وكأنه إعلان عدم ثقة بلبنان، لأن هذا الأمر أراه خطيرا جدا، علما أن آليات تنفيذ القانون واضحة وقابلة للتطبيق، في حال كانت ثقتنا كبيرة بلبنان ومستقبله».
الاستقرار الأمني والاقتصادي... شرط نجاح القانون
وعن الصعوبات التي قد تواجه تطبيق هذا القانون، يوضح الأسمر أن «هذه الصعوبات ناتجة عن الواقع الأمني غير المستقر في المنطقة، إذ ان أي حرب تحصل في لبنان تعيده سنوات عديدة إلى الوراء. وبالتالي، في حال تم التوصل إلى نوع من الحلول لما نعانيه في الجنوب وعلى مختلف حدودنا، فإن هذه الحلول، إذا سلكت طريقها إلى التنفيذ، ستنعكس إيجابا على الاقتصاد اللبناني، وبالتالي على هذا القانون أيضا. لذلك، يفترض أن يكون السعي باتجاه تطوير هذا القانون ومنحه الوقت اللازم لمعرفة ما إذا كان يتلاءم مع الواقعين الأمني والاقتصادي اللذين قد يستجدان في لبنان».
ويشدّد على أن «الأهم من ذلك هو العمل على تطوير هذا القانون، لا وضع «العصي في الدواليب» لتعطيله أو إسقاطه، إذ لا خيارات أخرى متاحة. ونحن، كهيئات اقتصادية، نستعد لرفع مذكرات إلى مجلس النواب بهدف تطوير هذا القانون».
مصادر مصرفية: قانون عدم الرضى
وفي سياقٍ متصل، تنقل مصادر مصرفية عبر «اللواء» أن هذا هو «قانون عدم الرضى»، أي إنه لا يرضي أيًّا من الأطراف، فلا المصارف راضية، ولا مصرف لبنان راض، ولا الخزينة راضية، ولا حتى المودع. هذا الأمر قابل للنقاش والتغيير والتعديل، لكنه يتطلب قرارا من مجلس النواب. غير أن أهميته تكمن في أنه أصبح لدينا اليوم مادة تُعرض على المجلس النيابي لإجراء ما يراه مناسبا من تعديل أو تغيير، بهدف إقرار إطار قانوني يمكن العمل عليه لإنهاء هذه الأزمة التي مضى عليها ست سنوات وما زالت مجرد كلام في الهواء، من دون أي مشروع، أو قانون، أو حتى اقتراح متكامل لحلها».
وتتابع: «إلا أن هذه الأزمة ذات حجم كبير جدا، ومن غير الممكن أن يتحملها طرف واحد. وهذا لا يعني أن هذا المشروع مثالي أو متكامل، لكن أهميته تكمن في أنه كان يجب أن يصدر بعد ست سنوات من الإنكار والمماطلة. وبالتالي، لا بد من وجود إطار قانوني تُحدّد من خلاله المسؤوليات، ليكون حل هذه الأزمة بموجب قانون. وبالطبع، فإن الموارد غير متوافرة، ولو كانت متوافرة لكان الحل أسهل، الأمر الذي يجب أخذه بعين الاعتبار».وفي سياقٍ متصل، توضح المصادر نفسها أن «القانون أخذ بعين الاعتبار مبدأي المساءلة والمسؤولية، فحمّل البنوك والخزينة ومصرف لبنان، وحتى الودائع، جزءا من عملية التصحيح. وبطبيعة الحال، فإن خسائر المصارف كبيرة جدا، كما أن مسؤولياتها وتحدياتها ستكون أكبر بكثير في المرحلة المقبلة، لا سيما لجهة كيفية الاستمرار وإمكانية الاستمرارية في السوق. وعلى جميع المساهمين أن يدركوا أن ذلك يتطلب منهم متطلبات كبيرة جدا من أجل ضمان الاستمرارية».
عليه، تختم المصادر أن «المصرف المركزي يتحمل مسؤولية كبيرة فيما يتعلق بمواجهة هذا التسديد، من خلال موجوداته التي وُضعت، وعبر تصفية هذه الموجودات في حال حصول ذلك أو عند اللزوم. كما أن وزارة المالية ستدعم مصرف لبنان وفقا للمادة 113، وتحافظ على استدامة الدين العام، إذ لا يمكن لها، في حال التوجه نحو الصناديق الدولية، أن تخرج في وقت يكون فيه سقف الدين خارج المفهوم الدولي. إذ أنه من الممكن أن يكون هناك نقاش في السند القانوني لكل ما يتم التعاطي به مع المودع، على أن يترك هذا الأمر لمجلس النواب للبحث فيه وتحديد وجهته».











































































