اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الديار
نشر بتاريخ: ٢٩ أيار ٢٠٢٥
بعد إنجاز الحكومة للانتخابات البلدية والاختيارية في مراحلها الأربع، يتجه اهتمام الناخبين اليوم ليس فقط الى الانتخابات النيابية، المزمع أن تحصل في أيّار من العام المقبل 2026، إنّما الى السؤال عن 'وفق أي قانون'؟! فالمعركة قد تكون مصيرية بالنسبة لبعض الأحزاب أو الطوائف، رغم أنّ نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة أكّدت لبعض المراهنين أنّهم لا يستطيعون إلغاء أي طرف أو فريق سياسي مشارك في الحكم. وما يُحتّم وضع قانون انتخابي جديد، أو تعديل القانون النافذ المفعول رقم 44 الصادر بتاريخ 17/06/2017، هو أنّه فور انتهاء انتخابات العام 2018 علت الأصوات بضرورة إدخال التعديلات عليه. علماً بأنّ دورة العام 2022 جرت وفق القانون نفسه، وقد أعاد للمسيحيين بعضًا من حقوقهم المهدورة، بفعل تراجع عددهم خلال العقود الماضية.
يرى البعض أنّه من المستحيل وضع قانون انتخابي جديد في الفترة القصيرة المتبقية للانتخابات (رغم أنّها تمتد الى نحو سنة)، لأنّ فترة ولاية مجلس النوّاب العادية تنتهي نهاية أيّار الجاري، في حين أنّ الدورة التشريعية الثانية للمجلس تبدأ في 15 تشرين الأول المقبل، ما يعني مضي خمسة أشهر من المهلة الفاصلة عن موعد الانتخابات سدى. علمًا بأنّ اللجان النيابية المشتركة تستمر في مناقشة القوانين المقترحة وفقًا لنظام عمل المجلس، وفي حال توصّلت الى صيغة قانونية معيّنة، يمكن لرئيس مجلس النوّاب نبيه برّي عقد دورة استثنائية لمناقشة الصيغة المتفق عليها، وإلّا فإنّ أي قانون جديد سيتمّ الانتقال به الى الدورة التشريعية المقبلة.
وبين وضع قانون جديد، وإدخال التعديلات على القانون الانتخابي الحالي، تقول مصادر سياسية مطّلعة إنّ كثرة اقتراحات القوانين المقدّمة، وعددها 6، تدلّ على الخلافات الكبيرة القائمة اليوم بين مواقف وتطلّعات الكتل النيابية والأحزاب السياسية، رغم أنّ كلّ منها يتحدّث عن إدخال التعديلات لضمان 'صحّة التمثيل'. فهل يريد كلّ حزب زيادة عدد ممثلّيه، ولهذا يقوم بتقديم اقتراح مفصّل على قياسه؟! ويجري حاليا مناقشة عدد من اقتراحات القوانين في اللجان، أبرزها اثنان: الأول مقدّم من 'كتلة التنمية والتحرير'، وينصّ على “لبنان دائرة انتخابية واحدة وفق النظام النسبي، مع اعتماد اللوائح المقفلة وإلغاء الصوت التفضيلي'. والثاني من كتلة 'اللقاء الأرثوذكسي' التي تضمّ عددًا من نوّاب 'التيّار الوطني الحرّ'، وينصّ على النظام النسبي مع صوت تفضيلي واحد، وعلى أن كلّ طائفة تنتخب ممثّليها في البرلمان، لكيلا تشعر أي منها أنّها مغبونة أو أنّ نوّابها ينتخبون بأصوات الطوائف الأخرى. ويعتمد بعض التعديلات المتعلّقة بالكوتا النسائية، وبإنشاء 'الميغاسنتر' (أي مراكز الاقتراع الكبرى)، وباستخدام البطاقة الممغنطة، وذلك بهدف تحسين إدارة العملية الانتخابية وصحّة التمثيل.
كما تدرس اللجان موضوع التقسيمات الانتخابية، على ما تضيف المصادر، وانتخاب المغتربين وحقّهم في التصويت. ويُعبّر 'التيّار الوطني الحرّ' عن تأييده لهذا الحقّ وتمثيل المغتربين بستة نوّاب إضافيين الى النوّاب الـ 128، وفق ما ينصّ عليه القانون، ما يرفع عدد النوّاب الى 134. في الوقت الذي تطالب فيه 'القوّات اللبنانية' بالسماح للمغتربين بممارسة حقّهم الديموقراطي في انتخاب النوّاب في لبنان، على ما حصل في الدورة الماضية، وإن لم تكن نسبة انتخاب الناخبين مرتفعة، الأمر الذي يُبقيهم على صلة بوطنهم الأم، ويشجّعهم على العودة اليه. علماً بأنّ إجراءات وتدابير تسجيل المقترعين المغتربين في دول الخارج تبدأ في تشرين الأول المقبل، ما يحتّم على المجلس النيابي اتخاذ القرار النهائي بهذا الشأن في أسرع وقت ممكن.
وإذا كان برّي يؤيّد وضع قانون انتخابي جديد أكثر تمثيلا من وجهة نظره، على ما عقّبت المصادر العليمة، فإنّ رئيس الجمهورية جوزاف عون مع 'تطوير قوانين الانتخاب، بما يُعزّز فرص تداول السلطة والتمثيل الصحيح والشفافية والمحاسبة'، على ما أورد في خطاب القسم. كذلك فإنّ رئيس الحكومة نوّاف سلام مع اعتماد قانون حديث، شرط أن تتوافق عليه المكوّنات السياسية ويسمح الوقت بإقراره.
غير أنّه قبل مناقشة الاقتراحات في اللجان المشتركة، وصياغة قانون انتخابي جديد أو معدّل من قبل لجنة أساسية أو تشريعية، ومن ثمّ عرضه على اللجان قبل إحالته الى الهيئة العامّة، على ما تلفت المصادر، لا بدّ من تحرّك الحكومة في هذا الصدد، فتعمل على تقديم مشروع قانون لكي يتمكّن مجلس النواب بعد ذلك من إدخال التعديلات عليه. ففي ما يتعلّق باعتماد البطاقة الممغنطة، على سبيل المثال، والتي لم تُستخدم خلال الدورة الماضية لعدم التمكّن من إصدارها، أن تقرّ مرسومًا في هذا الإطار بأكثرية الثلثين، على ما تنصّ عليه المادة 84 من قانون الانتخاب الحالي، يقضي باتخاذ الإجراءات اللازمة لاعتماد البطاقة الممغنطة، وأن تقترح التعديلات عليه لاستحداث 'الميغاسنتر'، ومن ثمّ تحيله الى مجلس النوّاب لكي يتمكّن من الشروع في إدخال التعديلات على القانون. فطلب التعديل بجب أن يأتي من الحكومة حصرًا، لكي يتمكّن مجلس النوّاب من القيام بعد ذلك بما يوجَب عليه.
أمّا الخلافات الحاصلة اليوم في اللجان المشتركة، وفق المصادر، فعلى أربع أو خمس نقاط، إذ يجد كلّ فريق سياسي أنّ التعديل يصبّ لمصلحته في ما يتعلّق بتقسيم الدوائر، أو اعتماد دائرة انتخابية واحدة، وفي انتخاب المغتربين واعتماد 'الميغاسنتر' التي من شأنها إلغاء 'البوسطات' الانتخابية، إذ تُسهّل على الناخب الاقتراع في مكان إقامته بدلًا من الانتقال الى بلدته البعيدة عن مكان سكنه. كما ثمّة خلاف حول اعتماد صوت تفضيلي واحد أو صوتين بهدف إعطاء الناخبين أكثر من خيار.
فحركة 'أمل' تعتبر أن اعتماد لبنان دائرة واحدة وفق النظام النسبي، على ما تقول المصادر، يُتيح تمثيلا أكثر عدالة وتنوّعا للناخبين. في حين يجد 'التيّار الوطني الحرّ' أنّ القانون الأرثوذكسي من شأنه أن يجعل النوّاب المسيحيين منتخبين من طوائفهم بشكل مباشر. أمّا 'القوّات اللبنانية' كما 'الكتائب اللبنانية' فترى أنّ النظام النسبي في دائرة واحدة، قد يؤدي إلى تهميش تمثيل بعض الطوائف، خصوصاً في ظل توزيع غير متوازن للناخبين بين الطوائف.
ولهذا تعارض الأحزاب المسيحية هذا الاقتراح، معتبرةً أن النظام الحالي يوفر تمثيلًا أفضل للمسيحيين ويحافظ على توازن القوى في المجلس النيابي.
إلّا أنّ أيًا من الاقتراحات التي تناقش اليوم في اللجان المشتركة، على ما اعتبرت المصادر، يحتاج الى توافق حوله لكي يمرّ. ولهذا، فإنّ الحلّ قد يكون بالدمج بين الاقتراحات القانونية، وتقديم قانون انتخابي موحّد، بعد التوافق بالطبع، يحفظ حقوق الطوائف، ولا يؤدّي الى ما يخشاه البعض من الإخلال في التوازنات السياسية القائمة. وإلّا فإنّ من شأن الخلافات في حال بقيت على حالها، أن تجعل التعديلات طفيفة على القانون الحالي قد لا تتعدّى استخدام البطاقة الإلكترونية الممغنطة و 'الميغاسنتر'، هذا إذا ما تمكّنت الحكومة من تأمين التمويل اللازم لهما.