طه العاني - الخليج أونلاين

ما نسبة نمو سجلات البلوك تشين في المملكة؟

سجلت 51% حتى منتصف 2025.

كم يُتوقع أن يصل حجم سوق البلوك تشين؟

أكثر من 35 مليار دولار بحلول 2033.

تخطو السعودية خطوات متسارعة نحو مستقبل رقمي متكامل، مستفيدة من التقنيات الحديثة مثل 'البلوك تشين' التي تفتح آفاقاً واسعة لتعزيز الشفافية والأمان في المعاملات، بما ينسجم مع مستهدفات التحول الرقمي لـ'رؤية 2030'.

وتعد تقنية 'البلوك تشين' من أبرز الابتكارات الرقمية التي أعادت رسم مشهد الثقة والأمان في العصر الحديث، وتقوم على نظام لا مركزي لتسجيل البيانات، يوزع عبر شبكة من الحواسيب، ما يجعل اختراقه أو التلاعب به أمراً بالغ الصعوبة.

كما تعمل من خلال سلسلة من الكتل المترابطة يحتوي كل منها على بيانات مشفّرة يتم توثيقها جماعياً، دون الحاجة إلى جهة وسيطة.

وقد برزت هذه التقنية أولاً مع العملات الرقمية، لكنها اليوم تستخدم في مجالات واسعة مثل العقود الذكية، وسلاسل الإمداد، والتصويت الإلكتروني.

نمو لافت

وكشفت وزارة التجارة السعودية (8 يوليو 2025) عن تسجيل نمو لافت في سجلات تقنيات سلاسل الكتل 'البلوك تشين' بنسبة 51% حتى نهاية الربع الثاني من عام 2025، حيث بلغ إجمالي السجلات 4005 سجلات، مقارنة بـ2644 سجلاً في نفس الفترة من العام الماضي.

وتصدرت العاصمة الرياض قائمة المناطق الأكثر تسجيلاً بـ2463 سجلاً، تلتها مكة المكرمة بـ806، ثم المنطقة الشرقية بـ430، فالمدينة المنورة بـ104، وأخيراً منطقة القصيم بـ51 سجلاً، ما يعكس الانتشار الجغرافي لتبني هذه التقنية الحديثة.

كما تُبرز أحدث تقارير مجموعة (IMARC) التقنية الأسترالية الصادرة في فبراير 2025، أن الرؤية السعودية الواضحة والمبادرات الاستراتيجية تُعد من أبرز المحركات الداعمة لتوسع سوق البلوك تشين في المملكة.

وبفضل التزام المملكة بتبني أحدث الحلول التقنية ضمن إطار رؤية 2030، باتت تقنية البلوك تشين حجر الزاوية في خطط تنويع الاقتصاد وتعزيز كفاءة القطاعات الحكومية والخاصة، وفق التقرير.

كما دعمت الحكومة هذا التوجه عبر مبادرات نوعية مثل 'مبادرة البلوك تشين السعودية' لتوسيع نطاق التقنية في التمويل والرعاية الصحية وسلاسل الإمداد، مع التركيز على رفع مستويات الشفافية وتقليل فرص الاحتيال.

وتجلّى الزخم الاستثماري في إعلان شركة إنفيديا، في مايو 2025، عن عدة شراكات استراتيجية مع المملكة لتطوير بنية 'البلوك تشين' والذكاء الاصطناعي، في خطوة تعكس توجهاً قوياً نحو الحوسبة اللامركزية ودعم العملات المشفرة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي.

كما يُعزّز تركيز المملكة على التحول الرقمي والابتكار مسار النمو، مدفوعاً بمشاريع نوعية مثل توقيع شركة (Blockchain Sports Ecosystem) البريطانية مذكرة تفاهم لتطوير مجمع رياضي متكامل بقيمة 3.3 مليارات دولار في الرياض، يجمع بين الرياضة والمدن الذكية والمنصات العقارية الرقمية.

وتشير تقديرات (IMARC) أيضاً إلى أن حجم سوق 'البلوك تشين' في المملكة بلغ 230 مليون دولار في عام 2024، مع توقعات قوية ببلوغه أكثر من 35 مليار دولار بحلول 2033 بمعدل نمو سنوي مركب يتجاوز 65%.

مركز ابتكار

ويعكس توسع 'البلوك تشين' في السعودية ثقة السوق بقدرتها على تحويل إدارة البيانات والمعاملات، مما يعزز كفاءة الأعمال وتنافسية المملكة رقمياً.

وذكر تقرير صادر عن الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة 'منشآت'، في أبريل 2025، أن هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات كشفت خلال ورشة عمل متخصصة، أقيمت عام 2021 أن سوق 'البلوك تشين' في المملكة مرشح للنمو بوتيرة سنوية تتجاوز 41% حتى 2025.

وأضاف التقرير أن سوق التقنيات الناشئة وخدمات تقنية المعلومات الذي بلغ حجمه 65 مليار ريال (17.3 مليار دولار) في 2020، قد تتجاوز قيمته 100 مليار ريال (26.7 مليار دولار) بحلول 2025.

وفي العام 2020، أعلن البنك المركزي السعودي استخدام تقنية البلوك تشين لإيداع جزء من حزمة السيولة البالغة 50 مليار ريال (13.3 مليار دولار) في القطاع المصرفي، ما يعكس دور التقنية في تعزيز كفاءة العمليات المالية.

كما نفذ مصرف الراجحي تجربة تحويل مالي خارجي باستخدام تقنية البلوك تشين بالتعاون مع منصة (Ripple)، ليصبح أول بنك سعودي يقدم هذه الخدمة عبر الحدود ضمن خططه للتحويل الرقمي وتحسين تجربة العملاء.

وامتد أيضاً الواقع العملي لتقنية 'البلوك تشين' إلى قطاعات أخرى؛ إذ استخدمتها الجمارك السعودية لتحسين كفاءة عمليات الشحن البحري من خلال ربط منصة 'فسح' بمنصات 'بلوك تشين' بالتعاون معالشركة السعودية لتبادل المعلومات'تبادل'، بما يعزز موثوقية الإجراءات ويرفع كفاءة التصدير.

كما تشكل مشاريع العملات الرقمية المشتركة مثل العملة الرقمية للبنكين المركزيين السعودي والإماراتي، التي أعلنت عام 2019، خطوة إضافية لتعزيز جاهزية المملكة لاستيعاب الحلول المالية المتقدمة.

تحول قوي وفعال

يقول الخبير التقني وصانع المحتوى المهندس أحمد طه طاهر، إن النمو في سجلات البلوك تشين السعودي يعد مؤشراً استراتيجياً على تحول قوي وفعال نحو الاقتصاد الرقمي الآمن والشفاف، مضيفاًلـ'الخليج أونلاين':

- هذا النمو ليس تقنياً فحسب، بل هو انعكاس مباشر لرؤية الدولة في بناء بنية تحتية رقمية ذات موثوقية عالية، مما يجعل السعودية مركزاً للابتكار، خاصة في تقنيات 'الويب 3'.

- من الملاحظ ارتفاع عدد الشركات العاملة في هذا المجال، وهذا النمو تعبير عن تمكين البيئة التنظيمية وتسهيل الإجراءات، إضافة إلى الدعم الحكومي المكثف الذي يعزز ثقة المستثمرين ويدفع عجلة التحول الرقمي.

- المبادرات السعودية والدعم الحكومي يسهمان بشكل كبير في جعل البلوك تشين جزءاً أساسياً من اقتصاد متنوع ومستدام.

- المملكة تعمل على ربط تقنية البلوك تشين برؤية 2030، ليس فقط كتطبيق تقريبي بل كعنصر فعال في التحول الرقمي.

- من أبرز هذه المبادرات منصة 'إتقان' الحكومية، التي اعتمدت على 'البلوك تشين' في توثيق المزادات العقارية، واستخدام وزارة الصحة أيضاً لها لأرشفة أكثر من 1.5 مليون ملف طبي إلكتروني.

- توسع استخدام 'البلوك تشين' في السوق المحلي يواجه تحديات رئيسية يمكن حصرها في جوانب تشريعية وبشرية وتقنية، وذلك رغم الحماس الكبير في المملكة.

- التطبيقات القادمة لـ'البلوك تشين' لن تكون محصورة على جهات معينة، بل ستتجه بقوة إلى مجالات محددة.

- قطاع سلاسل الإمداد واللوجستيات سيشهد نمواً كبيراً، حيث يمكن للبلوك تشين توثيق حركة الشحنات وتأكيد مصدر البائع وتفاصيل التتبع، خاصة في الأغذية والأدوية.

- القطاع الصحي سيشهد نقلة نوعية كبيرة، حيث يمكن لـ'البلوك تشين' ربط المستشفيات والعيادات، وتمكين المريض من التحكم الكامل ببياناته الطبية على شبكة عالمية آمنة.

- الخدمات الحكومية ستستفيد كثيراً، فوزارة العدل يمكنها توسيع استخدام 'البلوك تشين' لتوثيق صكوك العقارات والوكالات الرقمية والإيجارات، كما يمكن للنيابة العامة توثيق سلسلة الأدلة الجنائية رقمياً لحمايتها من التلاعب.