اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكالة شمس نيوز
نشر بتاريخ: ٦ أيار ٢٠٢٥
تمكن محامون من مؤسسات الأسرى، ولأول مرة منذ بداية الحرب على قطاع غزة، من زيارة أسرى 'وحدة النخبة' التابعة لأذرع المقاومة العسكرية، حيث يتواجدون في زنازين تحت الأرض بمستوى رقابة مشددة.
ونشرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، تقريرًا، اليوم الثلاثاء، وثقت فيه شهادات مفزعة وصادمة لعدد ممن زارهم المحامون في قسم يُدعى 'ركيفت' القابع تحت سجن 'نتيسان - الرملة'.
وأشارت المؤسستان في تقريرهما، إلى أنّ الاحتلال خصص قسم 'ركيفت' لمن أطلق عليهم بـ 'أسرى النخبة' ممن اعتقلوا بعد السابع من أكتوبر/ تشرين أول 2023 وخلال الحرب على غزة من المقاومين.
الزيارة التي تمت بمرافقة السجّانين، بدأت بإدخال الطواقم القانونية لمدخل بناية قديمة تُشبه المخزن، ثم فُتح لهم بابًا لمدرج درج تحت الأرض، كان المكان مليئًا بالصراصير والحفر وفق وصف طاقم المحامين.
واشترطت إدارة سجون الاحتلال، بمنع إخبار المعتقلين بأي شيء يتعلق بعائلاتهم أو بشأن ما يحدث في الخارج، وكانت علامات الرعب والخوف ظاهرة على هيئات المعتقلين الذين تمت زيارتهم.
وواجه المحامون في بداية الزيارة، صعوبات كبيرة بفتح حديث مع أي من الأسرى، بسبب الرقابة التي فُرضت عليهم، لكن بعد محاولات عدة، تمكّن الطاقم القانوني من طمأنة المعتقلين بأنهم وفد حقوقي جاء لزيارتهم.
وفيما يلي استعرض التقرير، إفادات الأسرى الذين زارهم المحامون، مؤكدين أنّهم استمعوا لتفاصيل صادمة تعد امتدادًا لعشرات الشهادات التي تم الحصول عليها من معتقلي غزة منذ بدء الإبادة.
موسيقى صاخبة وحفاظات لقضاء الحاجة..
يقول المعتقل 'س.ج' إنه اعتقل في شهر ديسمبر/ كانون الأول 2023 ونُقل إلى التّحقيق مباشرةً الذي استمر لـ 6 أيام، وصفها بأنها 'الأشد والأصعب'، إذ تعرض خلالها لتحقيق (الديسكو) و(البامبرز).
إذ خلال هذه المدة أُجبر على سماع الموسيقى الصاخبة طوال الوقت، واستخدام الحفاضات لقضاء حاجته، وتم تغييرها مرتين فقط، كما حُرم من الطعام، بينما يُسمح له بنصف كأس من الماء يوميًا، وطوال فترة التّحقيق كان مقيد اليدين، ومعصوب الأعين.
ولاحقاً جرى نقله من معسكر 'سديه تيمان' إلى سجن عسقلان، فيه بقي لـ 45 يوماً، ثم جرى نقله إلى معتقل المسكوبية لـ 85 يوماً، ثم إلى سجن عوفر، وأخيراً إلى قسم 'ركيفت' تحت الأرض.
ووصف المعتقل ظروف الاعتقال في قسم 'ركيفت' بأنها الأشد صعوبة مقارنة مع جميع السجون التي نقل إليها على مدار فترة اعتقاله.
ففي كل زنزانة داخل هذا القسم الذي لا تدخله أشعة الشمس، يتواجد ثلاثة أسرى، واحد منهم ينام على الأرض، بينما يتم الخروج إلى الفورة أي (ساحة السجن) يوماً بعد آخر.
وخلال الفورة يبقى الأسرى مقيدين، ويتعرضون للإهانة والإذلال، كما يمنع عليهم رفع رؤوسهم.
'لا نعلم متى تشرق الشمس وتغيب'..
المعتقل 'و.ن' الذي اعتُقل في شهر ديسمبر/ كانون الأول 2024، يقول في إفادته إنه جرى استجوابه من قوات الجيش قبل أن يتم نقله إلى معسكر في 'غلاف غزة' حيث تعرض هناك لتحقيق من المخابرات الإسرائيلية تخلله تهديد وضرب عنيف.
ولاحقاً تم نقله إلى سجن 'الرملة'، مؤكدًا أنّه بات يُعاني من مشاكل صحيّة، وآلام شديدة في جسده، و'الأمر الذي يزيد من معاناتي هو إجبارنا الجلوس على الركبتين لفترة طويلة'.
وتعرض الأسير لاعتداء جنسي من خلال ضربه عبر جهاز التفتيش على أجزاء حساسة من جسده.
وذكر أنّهم يعيشون في عزلة تامة عن العالم الخارجي 'لا نعلم متى تشرق الشمس، ومتى تغيب، يتم تزويدنا بملابس مهترئة وتالفة لكننا مضطرون على ارتدائها كما أننا محرومون من توفير ملابس داخلية'، وفق إفادته.
إلى جانب كل هذا يُجبر الأسرى على شتم أمهاتهم، عدا عن الضرب والقمع، حيث 'تسبب الضرب خلال عملية نقلي إلى السجن بكسر أحد أصابعي، وهو أسلوب يستخدمه السجانون أثناء التحقيق، وقد حدث ذلك مع أكثر من معتقل'. حسب قوله
في السياق ذاته، أكد المعتقل 'خ. د' أنّ إدارة السجن تعاقب الأسرى من خلال كسر إصبع الإبهام.
وأشار في إفادته إلى أنّه تعرض لتحقيق 'الديسكو'، ولاحقا للتحقيق من قبل مخابرات الاحتلال، وتكرر ذلك من 3-4 مرات، وتعمدوا شبحه على الكرسي لفترات طويلة، ورميه على الأرض وهو مقيد.
واستمر التحقيق معه لـ 30 يومًا في زنازين سجن عسقلان، وطوال هذه المدة تعرض للضرب المبرح.
ويعاني اليوم من مرض (السكايبوس)، حيث أصيب به خلال احتجازه في سجن عوفر واستمر معه المرض بعد نقله إلى سجن الرملة.
واليوم يعاني إلى جانب ذلك، أوجاعًا شديدة في الصدر تزداد حدتها جراء عمليات التقييد التي تتم إلى الخلف.
كاميرات داخل الزنازين..
أما المعتقل 'ع.غ' فقد أفاد بأنه جرى احتجازه لـ 35 يوما في معسكر 'سديه تيمان'، تعرض خلالها لتحقيق 'الديسكو' لـ 5أيام.
وعند اعتقاله كان يُعاني الأسير من إصابة ولم يتلقَ أي علاج، كما أُصيب بحمى شديدة في بداية الاعتقال، وطوال الوقت كان يصرخ من شدة الألم.
هذا بالإضافة إلى كونه يُعاني من مشاكل في القلب وقد تعرض لفقدان للوعي عدة مرات، فيما كان يكتفي السجانون، بالتأكيد أنّه لا زال على قيد الحياة.
وجاء في إفادته: 'في المرحلة الأولى من الاعتقال لم يكن لدي ملابس، أو غطاء، كنت أشعر بالبرد الشديد كوني كنت محتجزا في بركس مفتوح من عدة جهات مما فاقم من معاناتي، وعلى مدار 15 يومًا كنت مقيد اليدين ومعصوب الأعين طوال الوقت'.
'ثم جرى نقلي لاحقاً إلى قسم 'ركيفت' في سجن الرملة، في جميع الغرف هنا كاميرات توثق تحركاتنا بشكل دائم، يمنع علينا الصلاة، ويهددوننا طوال الوقت بالقتل'.
وتُشكل عملية إخراجهم للفورة فرصة للسجانين للاعتداء عليهم بالضرب المبرح وإهانتهم وهم مقيدي الأيدي.
وتابع: 'لا نرى الشمس نهائياً، نجبر على شتم أمهاتنا، السجان هو من يقرر وقت الاستحمام والمدة، كل ثلاثة أيام يتم تزويد كل زنزانة بلفة ورق للحمّام، كما أنّ كميات الطعام قليلة جداً، نعلم أن هذا وقت الفجر من خلال قيام السّجانين بسحب الفرشات والأغطية'.
وسجن 'ركيفت -الرملة' واحد من بين سجون ومعسكرات استحدثها الاحتلال منذ الإبادة أو أعيد فتحها مجدداً لاحتجاز معتقلي غزة، وبينها كذلك: 'سديه تيمان'، 'عناتوت'، معسكر 'عوفر'.
وشكلت هذه المعسكرات العناوين البارزة لجرائم التعذيب، حيث حوّلها الاحتلال إلى حيزات لتعذيب المعتقلين جسدياً ونفسياً بشكل لحظيً، وفق ما جاء في تقرير 'هيئة الأسرى' و'نادي الأسير'.
يذكر أنّ عدد معتقلي غزة الذين اعترفت بهم إدارة سجون الاحتلال حتى بداية شهر نيسان/ أبريل 2025، بلغ 1747 ممن صنفتهم (بالمقاتلين غير الشرعيين)، وهذا المعطى لا يشمل جميع معتقلي غزة المحتجزين في المعسكرات التابعة لجيش الاحتلال، فقط يشمل من هم تحت إدارة السّجون.