أكد رئيس الهيئة العامة للموانئ المهندس سليمان بن خالد المزروع، أن الموانئ تُعد محورًا رئيسيًا لارتباط الاقتصاديات العالمية، إذ يمر عبرها 85% من حجم التجارة الدولية، ما يجعل تطويرها عاملًا مضاعِفًا لأثر مختلف الأنماط الاقتصادية الحديثة، بدءًا من الاقتصاد الأزرق والأخضر والاقتصاد الدائري الكربوني وصولًا إلى الاقتصاد الرقمي.

وأوضح المهندس المزروع خلال مشاركته في قصة مشروع بعنوان 'موانئ السعودية.. شراكة وتمكين' ضمن أعمال ملتقى الميزانية 2026م، أن الموانئ لم تعد مجرد مراسٍ للسفن، بل أصبحت جزءًا أساسيًا من مرونة ومتانة سلاسل الإمداد العالمية، وباتت تحتضن مناطق لوجستية ومصانع ومراكز توزيع جعلتها لاعبًا محوريًا في الاقتصاد الدولي، وهو التحول الذي أدركته رؤية المملكة 2030 ووضعته في صلب خططها لتطوير الاقتصاد الوطني.

وأشار إلى ما وصفه بـ 'المعادلة الصعبة' التي تعمل المملكة على تحقيقها بامتياز، والمتمثلة في ضمان الأمن الوطني والغذائي والدوائي، وتوفير احتياجات المستهلك بسهولة وبأسعار منافسة، وفي الوقت نفسه تمكين الصناعات الوطنية من الوصول إلى الأسواق العالمية، ودعم مكانة المملكة كمركز لوجستي عالمي.

وبيّن أن الحل يكمن في شراكة فعّالة مع القطاع الخاص، تتيح له الاستثمار وتحقيق عوائد مجزية، وتُسهم في تحقيق النمو الاقتصادي ومستهدفات رؤية المملكة 2030 بأن تكون المملكة قوة صناعية رائدة ومنصة لوجستية عالمية، مع الحفاظ في الوقت نفسه على تلبية احتياجات الوطن والمواطن.

ولفت رئيس الهيئة العامة للموانئ النظر إلى أن المملكة نجحت في هذه المعادلة عبر منظومة موانئ متطورة وشراكات واسعة مع القطاع الخاص، انعكس أثرها في زيادة استثمارات القطاع الخاص بالموانئ لتصل إلى 30 مليار ريال، ونمو الإيرادات وارتفاع الطاقة الاستيعابية وزيادة مناولة الحاويات، إلى جانب إسهامها في تقدم المملكة 17 مرتبة عالميًا في مؤشر الأداء اللوجستي الصادر عن البنك الدولي، وإيجاد أكثر من 42 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة، مشيرًا إلى أن هذه الجهود أثمرت إنشاء 22 مركزًا لوجستيًا في موانئ المملكة باستثمارات تتجاوز 10 مليارات ريال.

واستعرض نماذج من الاستثمارات النوعية التي استقطبتها الموانئ، ومنها مركز شركة أمازون اللوجستي في ميناء جدة الإسلامي الذي أسهم في تقليص زمن وصول المنتجات من ثلاثة أسابيع إلى أقل من يوم واحد، ومركز شركة أبيات الإقليمي في ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام الذي يخدم أسواق الخليج بكفاءة، ومركز ميرسك اللوجستي الضخم في ميناء جدة الإسلامي، الذي يُعد أكبر استثمار لوجستي عالمي للشركة على مساحة 255 ألف متر مربع، مؤكدًا أن هذه الأمثلة ليست سوى جزء من مسيرة لا تزال في منتصفها، متوقعًا تضاعف الإنجازات بحلول عام 2030.

واختتم المهندس المزروع حديثه بالتأكيد على أن كل معادلة صعبة تصبح ممكنة حين تتوفر رؤية واضحة، وقيادة ملهمة، وأبطال يعملون على الأرض ضمن منظومة 'موانئ'.