اخبار لبنان
موقع كل يوم -ام تي في
نشر بتاريخ: ٢ تشرين الأول ٢٠٢٥
شكل اجتماع البيت الأبيض بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رسالة واضحة إلى حركة «حماس»، ومن خلالها إلى «حزب الله» وفصائل الممانعة بأن أمامها خيارين لا ثالث لهما: إما التخلي طوعًا عن سلاحها ومشروعها القتالي، أو استمرار الحرب حتى إلزامها التخلي بالقوة عن مشروعها.
فلا أنصاف حلول في هذه الحرب بعدما تخلّت إسرائيل عن قواعد الاشتباك مع «الحركة» و»الحزب»، وانتقلت إلى منطق الغالب والمغلوب، المنتصر والمهزوم. وهي تحظى بدعم كامل من الإدارة الأميركية التي وعدت نتنياهو بمنحه الضوء الأخضر إذا رفضت «حماس» العرض الأخير.
اعتادت أذرع إيران في المرحلة السابقة على لعبة «البينغ-بونغ» مع إسرائيل، وقد ظنت وتوهمت أنها بقوة إسرائيل، فيما الأخيرة كانت مستفيدة من اللعب مع هذه الأذرع من أجل إبعاد كأس السلام المر الذي لا تريده. لكن بعد عملية «طوفان الأقصى» وشعورها بخطر وجودي، قرّرت إسرائيل وقف اللعب والذهاب إلى الحسم.
وحسم إسرائيل على أذرع إيران لا يعد انتصارًا لإسرائيل في القضايا الفلسطينية واللبنانية والعربية، لأن هذه الأذرع تقاطعت مع تل أبيب بهدف ضرب هذه القضايا وفي طليعتها الدولة الفلسطينية، إذ إنها وضعت «حماس» في مواجهة هذه الدولة، واستخدمتها من موقع العداء لإبعاد شبح الدولة الفلسطينية.
وإن تمسُّك «حماس» بسلاحها لا يعد انتصارًا للمشروع الفلسطيني، وتسليمها السلاح لا يعد هزيمة لهذا المشروع، بل على العكس نهاية «حماس» العسكرية تفتح الباب أمام الدولة الموعودة، وتبعد خطر تهجير الفلسطينيين عن غزة وتغيير هويتها، فضلا عن أنها في وضعية Lose Lose Situation، فإذا لم تسلِّم سلاحها ستنزعه إسرائيل بالقوة بعدما تمكنت منها عسكريًا، وتكون بذلك قد أدّت خدمة كبرى لنتنياهو الذي لا يريد إنهاء الحرب إلا بعد القضاء الكامل عليها وتهجير الفسطينيين من غزة.
وما ينطبق على الحركة ينسحب على «حزب الله»، الذي بحجة مواجهة إسرائيل، صادر قرار الدولة اللبنانية لمدة 35 عامًا بالشراكة في المرحلة الأولى مع نظام الأسد، وقدمت له إسرائيل أكبر خدمة من خلال سياسة قواعد الاشتباك، فنصّب نفسه وصيًا على الدولة والجمهورية واللبنانيين، وتوهّم أن باستطاعته أن يهزم تل أبيب، لكن عندما قررت وقف اللعب معه، وجهت ضربات قاتلة لقيادته وبنيته ومشروعه، ومنحته فرصة أخيرة مع اتفاق الاستسلام الذي وقع عليه في 27 تشرين الثاني من أجل أن يسلِّم سلاحه للدولة اللبنانية ويُنهي مشروعه المسلّح.
وكما أساء التقدير في إعلانه «حرب الإسناد»، أساء التقدير مرة أخرى بالتعامل مع اتفاقية 27 تشرين على غرار تعامله مع القرار 1701، فظن أن بإمكانه إعادة بناء قوته والحفاظ على دوره، متجاهلًا التحوّل الإسرائيلي الاستراتيجي، وأن هناك إسرائيل جديدة بعد حرب الطوفان.
وقد شكل «حزب الله» الخطر الأكبر على لبنان والقضية اللبنانية، وكان الحاجز الأساسي أمام قيام دولة فعلية، ولم يكن من الممكن إنهاء هذا المشروع الإيراني إلا عبر تطورات إقليمية هو من بادر إليها وأقحم نفسه فيها.
وفي اللحظة التي تنتهي فيها إسرائيل من «حماس» ستخيِّر «حزب الله» بين أن يُنهي مشروعه طوعًا، أو أنها ستتكفّل بإنهائه بالقوة، وقد أظهرت الحرب الأولى أنها أقوى منه بكثير، وإبان هذه الحرب كان وضعه أفضل بكثير من وضعه اليوم في ظل وجود قيادته التاريخية ونظام الأسد وقبل حرب الـ 12 يومًا مع إيران، بالتالي، فإن أي حرب جديدة ستقضي عليه نهائيًا.
لم يفهم «حزب الله» بعد، ولا مرجعيته الإيرانية، أن دوره المسلّح انتهى، وأن أمامه فرصة تاريخية للتخلي عن سلاحه ومشروعه، وتجنيب بيئته الموت والدمار والتهجير والكوارث، وفي حال لم يقرأ رسائل البيت الأبيض جيدًا، فإنه سيعرِّض نفسه للإبادة، وبيئته لمجزرة، ولبنان واللبنانيين للخراب، فهناك مرحلة جديدة بدأت في الشرق الأوسط ولا مكان فيها لإيران وأذرعها.