اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ٢٥ أيلول ٢٠٢٥
د. حمد الكواري:
من منبر الأمم المتحدة إلى ضمير العالم:
نداء الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لاستعادة النظام الدولي
بوصفي أحد رجال الأمم المتحدة المؤمنين برسالتها، وقد عملت في أروقتها سنواتٍ طوال وكانت محور دراستي العليا، فقد استوقفني بعمق ما ورد في مقدمة كلمة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. تلك المقدمة شخصت بدقة الوضع الدولي الراهن المؤسف، ودعت إلى تداركه قبل فوات الأوان.
وانطلاقًا من هذا التشخيص، يبرز اليوم واجبٌ جماعي لإعادة تفعيل منظومة الأمن الجماعي واستعادة فاعلية الشرعية الدولية وفقًا لميثاق الأمم المتحدة، بما يعيد الاعتبار لسيادة الدول، ويمنع تغوّل منطق القوة على القانون، ويضع حدًا لواقع 'الأمر الواقع' الذي يقوّض السلم الدولي.
إن جوهر ميثاق الأمم المتحدة هو حظر استخدام القوة إلا في إطار الدفاع المشروع أو بقرار من مجلس الأمن، والتزام جميع الدول بتسوية النزاعات بالوسائل السلمية، واحترام سيادة الدول وكرامة الإنسان. هذا ليس مبدأً قانونيًا مجردًا، بل هو أساس النظام الدولي الذي أنقذ البشرية من ويلات حربين عالميتين.
وإذا استمرّ تراجع هذا النظام أمام منطق القوة، فسوف نفقد آخر الضمانات التي تحمي السلم والأمن الدوليين. لذلك فإن الجمعية العامة مدعوة اليوم إلى أن تتحول من ساحة نقاش إلى ساحة فعل: تفعيل آلية 'متحدون من أجل السلام'، دعم ضبط استخدام حق النقض في الجرائم الجسيمة، وإنشاء آلية متابعة مستقلة تقيس التزام الدول بالمبادئ الأساسية للميثاق.
إن ما دعا إليه صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ليس خطابًا أخلاقيًا، بل تحذيرٌ قانوني وسياسي يستوجب تحركًا سريعًا. فالشرعية الدولية، إذا استعيدت فعاليتها، يمكن أن تعيد الثقة لـ النظام الدولي وتضع حدًا لمسار الفوضى الحالي، وتثبت أن القانون هو قاعدة التعامل بين الدول لا مجرد خيار سياسي.
دكتور حمد الكواري
وزير دولة بدرجة نائب رئيس وزراء
رئيس مكتبة قطر الوطنية