في محاولة للتقليل من الأزمة السياسية الكبيرة، ومن الصدمة التي أثارتها استقالة رئيس الحكومة الفرنسية سيبستيان لوكورنو بعد 14 ساعة فقط من الكشف عن تشكيلة حكومته الجديدة، وبعد 27 يوماً من تعيينه، وهو ما جعله (لوكورنو) رئيس الحكومة (الفرنسية) الذي أمضى الفترة الأقصر في مهمّته (رئاسة الحكومة) منذ قيام الجمهورية الخامسة عام 1958، كلّف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لوكورنو نفسه بإجراء مفاوضات أخيرة لغاية يوم الأربعاء، ضمن مسعى لتحديد إطار للاستقرار، وللتحرّك السياسي مستقبلاً.

فماكرون، ورغم تحوُّل ولايته الرئاسية الثانية الى حكم تشاغُل بتشكيل الحكومات، وبالأزمات السياسية المتكررة والصّعبة، لا يزال يرفض الاستقالة من منصبه، وهو يلوّح بحلّ الجمعية الوطنية مجدّداً، فيما تعلو الكثير من الأصوات التي تطالبه بالتخلّي عن السلطة، أو بالدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة، وذلك رغم أن نتائج أي استحقاق جديد من هذا النوع تبدو غير قادرة على إحداث فارق يدفع باتّجاه استقرار مضمون من الآن وحتى أيار 2027، موعد نهاية ولايته (ماكرون) الثانية.

فماذا يجري في فرنسا اليوم؟ هل هي أزمة مرحلية مرتبطة بـ الماكرونية، وتنتهي بانتهاء ولاية ماكرون الثانية؟ أم أزمة مرتبطة بالصلاحيات الرئاسية والحكومية والبرلمانية عموماً، أم (أزمة مرتبطة) بشخص ماكرون الذي يستعمل الصلاحيات الممنوحة له كرئيس للبلاد، فيما بات مرفوضاً من نسبة كبيرة من المجتمع السياسي الفرنسي، إذ توصّفه نسبة لا بأس بها من اللاعبين في المجال السياسي هناك كمُغتصِب للسلطة؟

وماذا عن الحاجة الى تغيير فرنسي كبير من مستوى جمهورية سادسة مثلاً، تعالج ما هو أبْعَد من التصارُع الداخلي على حكم مرحلي، وتُنهي حقبة فرنسية كاملة امتدت منذ أيام الزعيم الفرنسي الراحل شارل ديغول وصولاً الى اليوم، لا سيما بعد الضعف الكبير الذي أصاب هيبة وصورة فرنسا على الساحة الدولية، خصوصاً في مرحلة ما بعد حكم الرئيس الراحل جاك شيراك؟

أشار مصدر مُتابِع الى أن مساعي حلّ الأزمة جارِيَة الآن بمعزل عن فرص نجاحها. وكل شيء يحصل ضمن واقع أن ماكرون متمسّك بالحكم كثيراً، بينما أكثر ما يريده حالياً هو تشكيل حكومة.

ولفت في حديث لوكالة أخبار اليوم الى أنه لا يمكن لماكرون أن يؤسّس جمهورية سادسة، وهو ليس مؤهَّلاً لذلك. كما من غير المرجّح أن تتمّ الإطاحة به في 2026، أي قبل عام من انتهاء مدة حكمه، رغم أن دوره الدولي يضعف أكثر فأكثر، الى درجة أنه ما عاد له قيمة في ملفات وتجارب عدة. ولكن قد لا يكون هناك في فرنسا الآن من باستطاعته إخراج ماكرون من الحكم.

وأكد المصدر أنه طالما بقيَت فرنسا بعدم الاستقرار السياسي هذا، فإنها ستتراجع أكثر بعد، وذلك بموازاة الوقوع في الفخّ الأوكراني عبر البحث بكيفية ضمان استمرار توفير المساعدات لأوكرانيا. الأجواء مُعقَّدَة جداً هناك الآن.

وردّاً على سؤال حول مستقبل العلاقات الفرنسية مع لبنان إذا اتّجهت فرنسا نحو جمهورية سادسة في حقبة ما بعد انتهاء حكم ماكرون، أجاب:سيسلك لبنان طريقه الجديد للمستقبل قبل احتمال إنشاء جمهورية سادسة في فرنسا. فهذا سيستغرق وقتاً هناك، فيما (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب يرسم ويعمل على كل شيء في الشرق الأوسط الآن. وبمعزل عن أن ذلك يتمّ بشكل سلبي، إلا أن مشكلة لبنان باتت كبيرة جداً بعدما فقد جاذبيته.

وختم: كانت للبنان جاذبية مهمّة في الماضي، إذ كان أكثر دولة لديها حريات وديموقراطية في الشرق. وأما اليوم، فهو لم يَعُد كذلك.