اخبار لبنان
موقع كل يوم -صحيفة النهار اللبنانية
نشر بتاريخ: ٦ أيلول ٢٠٢٤
جاء اجتماع أوبك+ الأخير ليؤكد على استمرار التحالف في خفض الإنتاج بهدف مواجهة التحديات الاقتصادية المستمرة في سوق النفط العالمي. أعلنت منظمة أوبك أن ثماني دول أعضاء في التحالف، بما في ذلك السعودية وروسيا والإمارات والكويت والجزائر وسلطنة عمان، وافقت على تمديد تخفيضات الإنتاج الطوعية بمقدار 2.2 مليون برميل يومياً حتى نهاية تشرين الثاني (نوفمبر). هذه الخطوة تأتي في إطار الجهود المبذولة لضمان استقرار السوق النفطية العالمية، وذلك في ظل تراجع الطلب والضغوط الاقتصادية.
التزام جماعي لضمان استقرار السوق
التمديد الذي أقرته الدول الأعضاء يعكس الالتزام الكامل بضمان الامتثال للتعديلات الإنتاجية المتفق عليها، خاصة في ظل التحديات التي تواجه السوق، بما في ذلك تراجع الطلب العالمي وزيادة المخاوف بشأن تباطؤ الاقتصاد في الولايات المتحدة والصين. هذا الالتزام يبدو واضحاً من خلال إعلان العراق وكازاخستان، اللتان أنتجتا أكثر من حصتيهما منذ بداية العام، عن عزمهما على تحقيق الامتثال الكامل والتعويض عن الإنتاج الزائد.
العراق، على سبيل المثال، أعلن عن خفض صادراته النفطية إلى 3.3 مليون برميل يومياً، في خطوة تؤكد التزامه بالتعاون مع أوبك+ لضمان التوازن في السوق. هذا التوجه يعكس حرص الدول المنتجة على تجنب أي إغراق للسوق بالنفط، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تراجع الأسعار بشكل أكبر.
تحليل جيه.بي مورغان: النظرة المستقبلية لسوق النفط
في تحليل أصدره بنك جيه.بي مورغان، توقع البنك أن تحافظ أوبك+ على مستويات إنتاجها الحالية لمدة عام آخر على الأقل، مشيراً إلى أن ذلك سيساهم في استقرار سعر خام برنت حول مستوى 75 دولاراً للبرميل في 2025. ومع ذلك، حذر البنك من أن استمرار تراجع الطلب العالمي قد يدفع الأسعار إلى الانخفاض إلى 60 دولاراً للبرميل بحلول نهاية العام 2025.
هذا التراجع المتوقع في الأسعار يعكس القلق المتزايد حول ضعف الطلب في الأسواق الكبرى، مثل الولايات المتحدة والصين، إلى جانب احتمال زيادة الإمدادات من دول مثل ليبيا. ويشير جيه.بي مورغان إلى أن سعر 60 دولاراً للبرميل ليس مناسباً لا للمنتجين ولا للمستهلكين، وهو ما قد يدفع أوبك+ إلى اتخاذ خطوات أعمق بخفض الإنتاج بمقدار مليون برميل يومياً للحفاظ على توازن السوق.
تحديات الطلب والعرض
إضافة إلى ذلك، أظهرت البيانات الأميركية الأخيرة تراجعاً في مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة بمقدار 6.9 مليون برميل في الأسبوع الأخير من آب (أغسطس)، لتصل إلى أدنى مستوى لها منذ أيلول (سبتمبر) 2023. بينما ارتفعت مخزونات البنزين، وهو ما يعكس انخفاض الطلب على النفط الخام واستمرار الضغوط على السوق النفطية العالمية.
في ظل هذه التطورات، تستمر أوبك+ في الحفاظ على استقرار إنتاجها لضمان تجنب أي صدمات كبيرة في العرض أو الطلب. ومن المحتمل أن يستمر التحالف في مراقبة السوق واتخاذ تدابير إضافية لضمان التوازن، خاصة مع اقتراب نهاية العام وتزايد التحديات الاقتصادية.
الأثر على الاستثمارات النفطية
تمديد تخفيضات الإنتاج الطوعية قد يحمل انعكاسات مهمة على الاستثمار في قطاع النفط. من جهة، قد تدفع الأسعار المستقرة حول مستوى 75 دولاراً للبرميل إلى استثمارات أكبر في البنية التحتية النفطية ومشاريع التنقيب الجديدة. ولكن، إذا استمر التراجع في الطلب وأسعار النفط اقتربت من 60 دولاراً للبرميل، قد تجد الشركات النفطية نفسها مضطرة إلى تقليص نفقاتها وتقليل الاستثمارات في المشاريع الجديدة.
الدور المستقبلي لأوبك+ في إدارة السوق
من الواضح أن أوبك+ تلعب دوراً حيوياً في إدارة السوق النفطية العالمية، خاصة في ظل تزايد التقلبات والضغوط الاقتصادية. ومع استمرار التحالف في مراقبة التطورات العالمية واتخاذ خطوات استباقية لضمان استقرار الأسعار، فإن دوره سيظل أساسياً في الحفاظ على التوازن بين العرض والطلب.
الخطوات التي اتخذتها دول مثل السعودية وروسيا، إلى جانب التزام دول أخرى مثل العراق وكازاخستان، تعكس الوعي الجماعي بأهمية الحفاظ على استقرار السوق النفطية، رغم التحديات الكبيرة التي تواجه الاقتصاد العالمي.
في المحصّلة، يبقى السؤال الأساسي هو ما إذا كانت أوبك+ ستتمكن من مواجهة هذه التحديات في السنوات القادمة. في حين أن التزام التحالف بخفض الإنتاج يمكن أن يساهم في استقرار الأسعار على المدى القصير، فإن المستقبل يبقى غامضاً وسط التغيرات الاقتصادية العالمية. ومع استمرار ضعف الطلب العالمي، قد تجد أوبك+ نفسها مضطرة إلى اتخاذ خطوات إضافية لضمان استقرار السوق وتجنب تراجع الأسعار إلى مستويات غير مريحة للمنتجين.