اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الأنباء
نشر بتاريخ: ٢٤ كانون الأول ٢٠٢٥
وجه البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي «رسالة الميلاد» السنوية من الصرح البطريركي في بكركي، قائلا «لا زلنا نعيش فرح زيارة بابا الفاتيكان ليو الرابع عشر إلى لبنان. فنشكره على رسالة السلام التي حملها إلى اللبنانيين، مرددا: «السلام ممكن»، بوجه التهديدات بالحرب. فما إن غادر لبنان، حتى في اليوم التالي كانت الموافقة الأميركية والإسرائيلية على بدء المفاوضات الأمنية وتطبيق القرار 1701 وما يتصل به، بواسطة «الميكانزم» برئاسة السفير سيمون كرم. إننا نصلي من أجل نجاح هذه المفاوضات وإبعاد شبح الحرب، وتمكين الجيش اللبناني من جمع السلاح غير الشرعي وحصره بيد السلطة، لكي تبسط سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية. نشكر البابا على الرجاء والثقة بالنفس اللذين زرعهما في قلوب اللبنانيين».
وأضاف «إلى جانب الهم الأمني، لا يمكننا أن نغفل الوجع الاجتماعي العميق. العائلات تعاني في معيشتها، في مدارس أولادها، في مستشفياتها، في تأمين أبسط مقومات الحياة. الوضع الاقتصادي والمالي ما زال يضغط بقسوة، وقيمة الليرة، رغم كل الكلام، ما زالت تثقل كاهل المواطن، والإصلاحات الموعودة ما زالت غائبة. الحقيقة المؤلمة أن المواطن اللبناني هو من يدفع الثمن. وحده بصبره، وكرامته، وتضحياته. هو الذي قام بالدولة حين غابت، وحمل المؤسسات حين تهاوت، وصمد حين انهار كل شيء. المواطن اللبناني هو البطل الصامت، المناضل اليومي، المقاوم بالحياة، لا بالشعارات».
وتابع «لبنان اليوم لا يحتاج إلى إدارة أزمات متلاحقة، بل إلى رؤية وطنية شاملة، وإلى إرادة سياسية صادقة، تخرج البلاد من منطق الترقيع والانتظار، إلى منطق البناء والمسؤولية. المطلوب دولة حاضرة لا غائبة، عادلة لا انتقائية، قوية بمؤسساتها لا بهشاشتها، دولة تحمي الإنسان بدل أن تتركه وحيدا في مواجهة مصيره. نناشدكم، أيها المسؤولون السياسيون، أن تجعلوا من الإصلاح أولوية لا شعارا، ومن الشفافية نهجا لا استثناء، ومن العدالة قاعدة لا تنازلا. الإصلاح الاقتصادي والمالي لم يعد خيارا، بل ضرورة وجودية، تبدأ بإعادة الثقة، وتنظيم المالية العامة، وحماية أموال الناس، وضمان حقوقهم، وتأمين الحد الأدنى من الاستقرار المعيشي الكريم. نناشدكم أن تضعوا الإنسان في صلب السياسات العامة: الإنسان الذي يتألم، الذي يعمل، الذي يربي أبناءه بعرق جبينه، والذي ينتظر من دولته أن تكون له سندا لا عبئا. فالدولة التي لا تحمي مواطنيها، تفقد معناها، وتخسر مبرر وجودها. ونناشدكم، أن تختاروا المصالحة لا الانقسام، والحوار لا التعطيل، والمصلحة العامة لا المصالح الضيقة. فالوطن لا يبنى بالغلبة، ولا يدار بالخصومات الدائمة، بل بالتلاقي، وبالعمل المشترك، وبالقدرة على تقديم التنازلات المتبادلة من أجل لبنان. إن التاريخ لا يرحم، والأجيال المقبلة ستحاسب. والميلاد اليوم يضعنا جميعا، مسؤولين ومواطنين، أمام سؤال واحد: ماذا فعلنا بالوطن الذي أعطي لنا أمانة؟ فليكن جوابكم أفعالا تليق بالثقة، وتعيد الأمل، وتفتح باب المستقبل».











































































