بيت لحم 2000 -أطلقت وزارة الصحة الفلسطينية استعداداتها لتنفيذ الجولة الثامنة من حملة 'دمنا واحد' للتبرع بالدم، والتي ستعم جميع محافظات الضفة الغربية، في إطار تعزيز الجهود الوطنية الهادفة إلى إنقاذ أرواح الجرحى والمصابين في قطاع غزة، الذين يواجهون ظروفًا إنسانية وصحية بالغة الصعوبة في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر.

وأكد الوكيل المساعد لشؤون الخدمات الطبية في وزارة الصحة، الدكتور أسامة النجار، أن الحملة تأتي امتدادًا لجهود الوزارة المتواصلة منذ بداية الحرب على غزة، والتي أسفرت عن آلاف الشهداء والجرحى، مشددًا على أن احتياجات القطاع الصحي هناك من الدم ومشتقاته أصبحت يومية وملحّة بفعل كثافة القصف وارتفاع أعداد المصابين.

وأوضح النجارفيحديث خلال برنامج 'يوم جديد' مع الزميلة سارة رزق، الذي يبث عبر أثير راديو 'بيت لحم 2000': أن الاحتلال الإسرائيلي يمارس سياسة 'القتل الممنهج' بحق المدنيين الفلسطينيين في القطاع، الأمر الذي أدى إلى نزيف إنساني غير مسبوق، حيث تزداد أعداد الجرحى يومًا بعد يوم، ما يفرض ضرورة استمرار الحملات الشعبية والرسمية للتبرع بالدم، من أجل سد العجز وتوفير ما يلزم؛ لإنقاذ أكبر عدد ممكن من الضحايا.

وأشار إلى أن الجولة الثامنة من حملة 'دمنا واحد' تأتي استكمالًا للجولات السابقة التي لاقت إقبالًا واسعًا من المواطنين في مختلف المحافظات، مؤكدًا أن الشعب الفلسطيني أثبت دومًا حسه الوطني والإنساني العالي من خلال التبرع السخي بالدم، تعبيرًا عن وحدة المصير والتضامن مع أهل غزة.

وأضاف النجار أن الوزارة نسّقت مع المستشفيات والمراكز الصحية في جميع المحافظات؛لضمان تنظيم عملية استقبال المتبرعين وفق معايير طبية صارمة، بما يحافظ على سلامتهم ويوفر الكميات المطلوبة بشكل عاجل، لافتًا إلى أن بنك الدم المركزي في وزارة الصحة سيشرف بشكل مباشر على جمع ونقل وتوزيع وحدات الدم إلى مستشفيات القطاع.

كما ثمّن النجار تعاون المؤسسات الأهلية والهيئات المجتمعية التي أسهمت في إنجاح الجولات السابقة للحملة، داعيًا جميع فئات المجتمع إلى المبادرة والمشاركة الفاعلة في الجولة الجديدة، لتجسيد قيم التكافل وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني في وجه السياسات العدوانية الإسرائيلية.

وأكد أن حملات التبرع بالدم ستستمر بشكل دوري ومنتظم، بهدف تجميع كميات كبيرة وكافية من الدم ومشتقاته، ليتم إيصالها إلى أبناء الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجدهم، لا سيما في قطاع غزة الذي يشهد حاجة مستمرة وملحّة لهذه المواد الحيوية.

وأعرب النجار عن تقديره للسلوك الإنساني النبيل للشعب الفلسطيني، مؤكّدًا أن عمليات التبرع تتم بشكل متميز ورائع جدًا، مع ملاحظة تقدم كبير من المواطنين في الالتزام بالتبرع في مختلف المواقع والمراكز الصحية المنتشرة في المحافظات.

وأضاف أن وزارة الصحة توجه دعوات مستمرة عبر إداراتها ووسائل التواصل الاجتماعي لجميع أبناء الشعب الفلسطيني للاستمرار في التبرع بالدم بشكل دائم في بنوك الدم، معتبرًا ذلك واجبًا إنسانيًا ووطنيًا في الوقت نفسه.

وكشف النجار أن هناك خططًا لإطلاق الجولة التاسعة من حملة 'دمنا واحد' في القريب العاجل، استمرارًا لجهود الوزارة في تلبية الاحتياجات المتزايدة للدم ومشتقاته، مع التأكيد على أن الحملة لا تهدف فقط لإنقاذ حياة الجرحى، بل لتعزيز قيم التضامن والتكافل الوطني.

وبخصوص الإنجازات السابقة للحملات، أوضح النجار أن ما تم جمعه وإيصاله إلى قطاع غزة يصل تقريبًا إلى 21 ألف وحدة دم ومشتقاتها، وهو رقم يعكس التزام المواطنين واستجابتهم السريعة لدعوات التبرع، إضافة إلى التنسيق الدائم مع مستشفيات القطاع لتوزيع هذه الوحدات بشكل عاجل على المصابين والجرحى.

وأكد النجار أن الجولة القادمة ستنطلق صباح يوم الأحد، مع دفعة كاملة من كميات الدم التي تم جمعها، والتي تبلغ سبعة آلاف وحدة دم ومشتقاتها، تشمل ثلاثة آلاف وخمسمائة وحدة دم وألفين وخمسمائة وحدة بلازمة، بالإضافة إلى بعض المواد الضرورية المستخدمة في عمليات نقل الدم، والتي تشهد نقصًا في قطاع غزة. وأوضح أن كل هذه الكميات سيتم إيصالها إلى أبناء الشعب الفلسطيني في غزة عبر منظمة الصحة العالمية، بعد التنسيق الدقيق مع كافة الجهات المعنية لضمان وصولها في الوقت المناسب وبأمان كامل.

وحول آلية التنسيق بين بنوك الدم في الضفة الغربية وقطاع غزة، أوضح النجار أن الموضوع حساس جدًا ويعتمد على سلسلة تبريد محكمة للحفاظ على جودة الدم، مؤكدًا أن عمر وحدات الدم يبلغ 35 يومًا، بينما وحدات البلازمة المفرزة يمكن أن تبقى صالحة لمدة سنة كاملة، لكنها تحتاج إلى تخزين في درجات حرارة منخفضة تصل إلى –20 درجة مئوية. أما وحدات الدم العادية، فيتم حفظها بدرجات حرارة تتراوح بين 4 و10 درجات مئوية خلال عملية النقل.

وأشار النجار إلى أن عملية النقل تتم باستخدام سيارات مبردة خاصة توفرها منظمة الصحة العالمية، والتي تقوم أيضًا بالتنسيق مع الجانب الإسرائيلي لضمان مرور وحدات الدم دون تأخير أو فقدان، مؤكدًا أن الوزارة لا تبدأ أي حملة تبرع قبل الحصول على موافقة مسبقة من المنظمة لضمان وصول الدم بشكل آمن.

وأوضح أن بعض العراقيل قد تظهر أحيانًا بسبب القيود التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي، ما قد يؤدي إلى تأخير وصول وحدات الدم أو فقدان بعضها أثناء النقل، أو تقصير عمر الدم عند وصوله، حيث وصل عمر بعض الوحدات 12 إلى 20 يومًا بدلاً من 35 يومًا. ومع ذلك، شدد النجار على حرص الوزارة على إيصال الدم بأفضل حال ممكن، ليتم استخدامه على أطول مدى ممكن لتلبية احتياجات الجرحى والمصابين في غزة.

وأشار إلى أن أصعب التحديات التي تواجه الوزارة هي نقل وحدات الدم إلى قطاع غزة، مؤكدًا أن عملية التبرع الداخلي في الضفة الغربية تتم بسلاسة وبمشاركة واسعة من المواطنين، الذين أثبتوا سخاءً وعطاءً غير محدود في الاستجابة لحملات 'دمنا واحد'.

وأوضح أن الاحتلال الإسرائيلي يضع العراقيل ليس فقط في نقل الدم من الضفة الغربية إلى غزة، بل أيضًا داخل القطاع نفسه، حيث تواجه فرق النقل مخاطر متعددة تشمل القصف المستمر، إطلاق النار على المواطنين، والطائرات المسيرة، مما يزيد من تعقيد إيصال وحدات الدم إلى المراكز والمستشفيات التي تحتاجها بشكل عاجل. ورغم هذه الصعوبات، أشار النجار إلى أن الوزارة تبذل قصارى جهدها لضمان وصول الكميات المطلوبة إلى كل مركز بأمان، مع المحافظة على جودة الدم وصلاحيته لاستخدامه في علاج الجرحى.

كما تطرق النجار إلى الدور الحيوي للكوادر الطبية والمتطوعين في إنجاح الحملة، حيث وصل عدد الكوادر المتطوعة من نقابة الطب المخبر في فلسطين إلى أكثر من 200 متطوع يعملون بشكل مباشر في بنوك الدم، إلى جانب الكوادر العاملة في بنوك الدم، الذين واصلوا عملهم بلا توقف طوال أيام الأسبوع، رغم تقليص الدوام في القطاع الصحي نتيجة أزمة الرواتب. وقد ساهم هذا الالتزام الكبير في جمع كميات ضخمة من الدم، وفحصها، وفصلها، وتجهيزها للنقل إلى قطاع غزة.

وأشار النجار أيضًا إلى الدور الكبير للمتطوعين في التواصل مع المجتمع المحلي وتنظيم حملات التبرع، ما كان له أثر بالغ في زيادة عدد وحدات الدم المجمعة، مؤكّدًا أن العمل المشترك بين المواطنين والكوادر الطبية والمتطوعين يجسد روح التضامن الوطني والتكاتف المجتمعي في مواجهة التحديات الإنسانية الناجمة عن العدوان الإسرائيلي.

وجّه النجار رسالة شكر وامتنان لجميع أبناء الشعب الفلسطيني على تجاوبهم السريع والمستمر مع حملة وزارة الصحة للتبرع بالدم، مؤكدًا أن التبرع بالدم يمثل أغلى ما نملك لإنقاذ حياة أهلنا في غزة، وأنه أقل ما يمكن تقديمه لهم في ظل هذه الظروف الصعبة.

ودعا المواطنين إلى الاستمرار في حملات التبرع بالدم بشكل دائم وطوعي، مع أهمية توفير كميات كافية من الدم ومشتقاته بشكل مستمر، لضمان جاهزية البنوك والمستشفيات لمواجهة أي طارئ صحي أو إنساني.

وأوضح النجار أن وزارة الصحة ستستفيد من سيارات بنوك الدم المتنقلة، حيث توجد حاليًا سيارة واحدة، وسيتم استلام سيارتين إضافيتين خلال الأيام القادمة؛ إحداهما لخدمة جنوب الضفة الغربية (بيت لحم والخليل) والأخرى لشمال الضفة الغربية (نابلس وجنين والكُرَم)، مجهزة كبنوك دم متكاملة، وستتيح للمواطنين التبرع بالدم حتى لو لم يتمكنوا من الوصول إلى بنوك الدم الرئيسية.

وأشار إلى أن هناك اتفاقًا مع منظمة الصحة العالمية على توفير 2000 إلى 3000 وحدة دم شهريًا لصالح قطاع غزة، بالتنسيق مع الجانب الإسرائيلي لضمان دخول هذه الوحدات، ضمن ما يعرف بـ'سلسلة التوريد المتصلة'. وأكد أن الوزارة ملتزمة بالعمل المستمر لتوفير ما يلزم من الدم ومشتقاته، رغم الضغوط والتحديات التي تواجه الكوادر الطبية في القطاع، نتيجة القصف ونقص الإمكانيات.

وختم الدكتور النجار حديثه بشكر جميع المواطنين على روحهم الوطنية والتضامنية، مؤكدًا أن استمرار هذه الحملات يعكس وحدة الصف الفلسطيني والتكاتف المجتمعي في مواجهة الظروف الإنسانية الصعبة، داعيًا الجميع إلى التبرع الدائم والجاهزية المستمرة لدعم أبناء شعبهم في غزة.

المزيد من التفاصيل في المقطع الصوتي التالي: