اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٢ تشرين الأول ٢٠٢٥
كأن زلزالًا هائلًا ضرب المنطقة وقلبها رأسًا على عقب.. هذا ما بدا عليه المشهد في منطقتي اليرموك والنفق شمالي مدينة غزة، بعدما بدأ السكان بالعودة إلى منازلهم عقب دخول وقف حرب الإبادة الإسرائيلية حيز التنفيذ.
تدفق المئات من الأهالي بين أكوام الركام، يبحثون بأعين دامعة عما تبقى من بيوتهم التي كانت تضج بالحياة يوماً ما، قبل أن تحيلها آلة الحرب الإسرائيلية إلى ركام. الصدمة والذهول كانا العنوان الأبرز لهذه العودة، فيما لم تغادر رائحة البارود المكان بعد.
كأنه زلزل
الشاب شعبان اسليم كان يسابق الزمن للوصول الى منزلهم فور فتح الطريق الواصل بين جنوب قطاع غزة وشماله، على أمل أن يصل إلى منزله في شارع اليرموك، لعل معجزة ما تكون قد أنقذته من الدمار، لكن الواقع كان أكثر قسوة مما تخيل.
يقول شعبان بصوت يملؤه الانكسار: 'حجم الدمار كارثي ولا يستوعبه العقل، لا يمكن بأي شكل وصف المشهد. كأن زلزل ضرب المنطقة ولم يترك أي منزل دون تدميره وتسويته بالأرض'.
لم يكن حال الشاب رامي عبد الله، أفضل كثيرًا. فحين وصل إلى المكان الذي ولد فيه واحتضن ذكرياته، فتح عينيه على مساحة شاسعة من الخراب. يقول: 'الدمار مهول ولا يمكن تصوره، البيوت سُحقت والشوارع تمزّقت وامتلأت بالركام، والحفر التي خلفتها الصواريخ جعلت المنطقة كأنها ساحة زلزال. جيش الاحتلال دمر كل شيء عن قصد، حتى صارت الحياة هنا شبه مستحيلة'.
معالم المنطقة تغيرت
الستيني أبو إياد كان يقف على أنقاض منزله المكون من 4 طبقات وقد غطى الغبار وجهه يقول: 'لم أتعرف على الشارع الذي سكنت فيه أكثر من 40 عامًا.. كأنني أقف في مدينة أخرى. بيتي تحول إلى كومة ركام'.
ويضيف: 'تركت منزلي وهو في حالة جيدة، وطوال الأيام الماضية كنت أفكر فيه ليلًا ونهارًا، أتساءل: هل ما زال قائمًا؟ أين سآوي عائلتي المكونة من 6 أفراد إن دُمر؟ والآن لا أملك سوى أن أبدأ من جديد'.
وفي مكان قريب، كانت أم أحمد تجمع بيديها قطعًا محطمة من أثاثها القديم، وتقول بصوت متكسر: 'كنت أحلم أن أعود وأجد بيتي كما تركته، لكنني وجدته ركامًا.. هذا الدمار يشبه الزلزال، فلم يترك جيش الاحتلال شيئًا على حاله، ونحن بحاجة لسنوات طويلة حتى نعيد إعمار منازلنا، إذ لا يوجد مكان سليم هنا'.
ويروي المواطن محمد حميد، الذي فقد منزله المكون من ثلاث طبقات: 'عدت إلى المكان الذي كبرت فيه، ولم أجد إلا الخراب. كنت أعرف كل حجر هنا، أما الآن فلا أعرف أين أقف، لكننا لا نملك خيارًا آخر غير أن نبدأ من جديد'.
ويضيف حميد وهو يشير إلى ركام منزله: 'كنت أظن أننا سنعود فنجد شيئًا يمكن ترميمه، لم يبقَ شيء سوى الذكريات. ومع ذلك عدت، لأن الغياب أقسى من الخراب'. وتضيف: 'عشنا أيامًا لا يمكن وصفها، لكن العودة اليوم رغم الألم تشبه ولادة جديدة. نريد فقط سقفًا نحتمي تحته، وسنبدأ الحياة من تحت الركام'.
وبدأ مئات آلاف النازحين أول من أمس، العودة إلى الأماكن التي انسحب منها جيش الاحتلال في مناطق مختلفة من قطاع غزة، مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، ليجدوا 90% من البنية التحتية في قطاع غزة مدمرة.
ودمر جيش الاحتلال 300 ألف وحدة سكنية كليا و200 ألف جزئيا، في قطاع غزة، وأخرج 25 مستشفى من 38 عن الخدمة، وتضرر 95% من المدارس، وخرج 85% من مرافق المياه عن العمل. ويحتاج القطاع لإزالة 55 مليون طن ركام، وتقدر تكلفة الإعمار بـ53 مليار دولار.