اخبار لبنان
موقع كل يوم -نداء الوطن
نشر بتاريخ: ١٦ أيار ٢٠٢٥
كان من المتوقع أن تنتهي تركيبة اللوائح الانتخابية المتنافسة في بلدة عيتنيت، إحدى بلدات البقاع الغربي المطلّة على بحيرة القرعون، باختيار تسع مرشحات سيتنافسن على مقاعد المجلس البلدي الـ 12 في لائحتين، ستّ منهن في لائحة يرأسها رئيس البلدية الحالي أسعد نجم، على أن تكون نيابة الرئاسة لسيدة، وثلاث في اللائحة المنافسة. إلّا أن حسابات اللحظات الأخيرة، دفعت بنجم، إلى التخلّي عن هذه التركيبة، فاستقرّ عددهنّ على أربع مرشحات في لائحته، وهو عدد المرشحات السيدات الذي تكرّر في قرى بقاعية أخرى، ولا سيّما المسيحية منها أو المختلطة، حيث نشاط المرأة في مجالات عديدة، جعلها أبعد من مجرّد خيار لتزيين اللوائح بالجنس اللطيف أو لإبراز وجه حضاري في تشكيل اللوائح.
تبدو المفارقة لافتة، أن تعثر في عيتنيت، واحدة من أصغر البلديات في البقاع الغربي، على تسع مرشحات مؤهّلات لعضوية المجلس البلدي، ولا تكون هناك ولو مرشحة واحدة مثلاً على اللوائح المتنافسة في جب جنين، مركز القضاء الذي يتشكل من نسيج اجتماعي مختلط مسيحي ومسلم، أو في بلدة المرج، بوابة البقاع الغربي الوسطية، حيث 18 عضواً في كل من اللائحتين المتنافستين أيضاً، ولا سيدة بينهم.
قد نتوهّم للحظة أننا قبضنا على كوتا المناصفة والإيمان بها، في واحدة من بلديات الأطراف البقاعية، ولكن 'يا فرحة لم تكتمل'. فالموضوع لم يكن سهلاً على نجم، وليس ذلك بسبب الحسابات التي تحاول أن تتدارك التنمّر على لائحة سعت لتكون متساوية جندرياً، في مجتمعات تعتبر ترشيح السيدة في البلدية 'تكملة لعدد'، وإنما لمراعاة التوازنات العائلية والسياسية، بظل انقسامات عمودية سياسية وأفقية محلية، أبعدت في معظم الأحيان الشخص المناسب عن المكان المناسب.
وهكذا إذاً اضطر نجم للتخلي عن مرشحتين من ست. واحدة منهنّ سيدة تعتمد عليها البلدية حالياً في إدارة الكثير من شؤونها الإدارية، ربما كان فوزها في الانتخابات سيظلمها بحرمانها من أجرة عملها، ولكن بالطبع كانت ستشكل عضواً فاعلاً في المجلس، مثلما يعوّل على اندفاعة معظم السيدات متى انخرطن بالشأن العام.
قاسية تبدو هذه المعارك الانتخابية على السيّدات، ليس فقط بسبب الذكورية التي تسيطر في الخيارات العائلية، وإنما لما تفوّته على المجالس من طاقات نصف المجتمع، وهي طاقات تعرّف إليها رؤساء بلديات حاليون وسابقون، ويجزمون بأن عدم استثمارها، يشكل خسارة للبلديات وليس للطامحات للعمل البلدي.
عن خبرة يوافق نجم على ذلك، خصوصاً أن المجلس المنتهية ولايته كان يضم ثلاث سيدات حملت كلّ منهن ملفاً أو أكثر وتابعته حتى النهاية. يتشارك بهذا الرأي رؤساء بلديات آخرون، حتى في زحلة، حيث بصمة سيدات تولّين المسؤولية سواء في ولاية المجلس الحالي أو في مجالس بلدية سابقة واضحة جداً. وبرأي نجم، فإنه إذا كنا فعلاً نترشح للبلدية رغبة في العمل لمدننا وقرانا، علينا إسقاط كل المعايير السياسية والجندرية وحتى العائلية، والبحث عن الكفاءات.
المفارقة أن الإقصاء يُرتكب باسم 'التوازنات'، فيما توازن المجالس يبقى مختلاً ما دامت نصف طاقاته تُهدر عمداً. بينما ترى المحامية إليز تامر، وهي عضو سابق في مجلس بلدية زحلة، 'أن حضور المرأة كالرجل في البلدية، ومؤهّلاتها لا تقلّ عن مؤهّلات أعضاء المجلس البلدي من الذكور'. ولكنها لا تنفي أن 'نزعة التهميش في مجتمعنا موجودة، ولذلك المطلوب من السيدات أن يثبتن أنفسهنّ وكفاءتهنّ'.
نقلت تامر شعلة حماسها للعمل البلدي لابنتها المرشحة في الدورة الانتخابية الحالية، ونصيحتها للسيدات اللواتي لم يقدمن على العمل بالشأن العام 'أن يؤمنّ بأنفسهنّ، خصوصاً أن الشابات اليوم متعلمات، وبالتالي لا يجب أن تكتفي السيدة بدورها كأم، إنما يجب أن تكون فعّالة بمجتمعها، وتؤمن بأن مؤهّلاتها ليست أقل من مؤهّلات الرجال، وأنها قادرة على أن تخلف بصمتها الجيدة في مجتمعها'. معتبرة أيضاً أن المحيط يتحمل مسؤولية أساسية في تحفيز النساء على الإقدام.