اخبار لبنان
موقع كل يوم -ام تي في
نشر بتاريخ: ١٦ تموز ٢٠٢٥
كان للنائب أسامة سعد مداخلة في الجلسة العامة لمجلس النواب جاء فيها: كلمتي ليست في مساءلة الحكومة، هي أفكار لنقاش عام بات ملحًا وضروريًا. لبنان أمام تحديات ومخاطر وحقول ألغام وأسئلة قلقة حول خرائط جديدة في العالم العربي ومعادلات قوة ونفوذ استجدت فرضتها ميادين القتال. العدو الاسرائيلي يسعى إلى تصفية كاملة للقضية الفلسطينية عبر حرب إبادة وتجويع وتطهير عرقي. يتوسع العدو في اتجاه لبنان وسوريا وبدعم من أميركا وبجبروت سلاحها يقدّم نفسه كقوّة عظمى في المنطقة العربية. النظام الرسمي العربي متهالك وقد سلّم أقدار الشعوب العربية إلى ما تراه أميركا مفيداً لها ولإسرائيل وطلباً للسلامة. لبنان كان أمام أزمات شتى تفاقمت واستحكمت بعد أن داهمته الحرب.
وأضاف: الآن يجب أن لا يسعى أحد من اللبنانيين إلى تأزيم المأزوم أصلاً. لا داعي لتعداد أزمات البلد، الكل يعرفها من الاحتلال والعدوان إلى قضية السلاح إلى إعادة الإعمار إلى الأزمة الاقتصادية والاوضاع المعيشية وغيرها وغيرها. الانكشاف السياسي وعدم القدرة على صياغة توافقات تضمن سلامة الدولة مشروع ضغط على لبنان. الانكشاف الاقتصادي وتداعياته الاجتماعية مشروع ضغط على لبنان. تواصل العدوان والاحتلال مشروع ضغط على لبنان. الوساطة الأميركية المنحازة لإسرائيل بذاتها مشرع ضغط على لبنان. وغير ذلك من عوامل ضغط على البلد... تلك حقائق ماثلة لا إنكارها مفيد ولا التوظيف السياسي فيها مفيد. واهم أي لبناني يعتقد أن هذه الحقائق سوف تعيد صياغة معادلات النفوذ والقوة لمصلحته. إن لم ننتبه ونعالج بعقل وطني وتموضع وطني بعيداً عن التموضعات الطائفية والمذهبية والفئوية القاتلة فإن الأثمان على اللبنانيين ستكون باهظة وإن الإنهيار الكبير بل الانفجار الكبير سيكون محتماً.
وقال سعد: دولة الرئيس، أمام لبنان طريق واحد لجبه التحديات والمخاطر لا ثاني له هو التوافقات الوطنية الراسخة بالحوار المسؤول وبالرضا وبالالتزام الوطني الخالص حول ملفاته الحساسة. نحتاج إلى شجاعة الاعتراف بالأزمات التي تعصف بالبلد ونحتاج إلى أن نتصارح لا أن نتكاذب... فلتتسع الصدور لكل رأي ولكل اجتهاد. إن أسوأ ما يحدث في لبنان الآن أن الحوار العام معطل والوقت يهدر وكأننا بحالة انتظار لسيناريوهات الاستسلام أو سلام القوة الذي تريده كل من أميركا واسرائيل للبنان وللعالم العربي. وكأن البلد بلا مناعة وبلا قدرة وكأن قواه السياسية والحية قد فقدت أدوارها في تحصينه وحمايته من انكاشافات قد اتسعت إلى حدود الكارثة الوطنية ومن أزمات تكاد أن تفجر البلد وتهدد كيانه الوطني ومن تدخلات خارجية توشك أن تزهق هوية البلد وإرادة شعبه ... إن غياب الحوار المسؤول بهدف إرساء قواعد وتوافقات وطنية قد أدى إلى تصحّر سياسي ومناكفات سياسية فارغة وسخيفة وحياة سياسية قائمة على المحاصصات والصفقات. ضجر اللبنانيون من الاخفاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتتالية. وحدهم الناس العاديون من الطبقة الوسطى والفقراء والمعوزين من يسدد فواتير هذه الاخفاقات.
وتابع: هذا ليس كلاماً مرسلاً لا يستند إلى دلائل، النقاش العام اليوم في مجلس النواب وفي المجال العام كلّه، يدور في الأساس حول الشرعية، مَن يمتلكها وما هي أدوارها ووظائفها؟ في قضية السلاح... لا نجادل ولا نساجل في حصرية السلاح بيد الدولة فذلك واحدة من ضرورات الشرعية. ولكن أن لا نناقش ونجادل في تجاهل البعض الاحتلال والعدوان والقتل والتدمير وكأننا نسير نحو نوع من الاستسلام لإرادة الاحتلال بذريعة الشرعية. فذلك خطأ فادح في التقدير لا يستقيم معه أي حوار ولا يستقيم معه أي منطق. أليس من دواعي تقويض الشرعية هذه التدخلات الخارجية الفظّة في الشأن اللبناني؟ أليس إعطاء أميركا لإسرائيل تفويضاً بحرية التصرف في لبنان انتهاك صارخ للشرعية والسيادة؟ وأليس السكوت عن هذا تفريط بشرعية الدولة. عندما تفقد الأجيال الجديدة أي أمل لها في المستقبل في بلدها وتفرّ إلى بلاد العالم إلا ينال ذلك من شرعية الدولة من أدوارها ووظائفها؟.
ولفت سعد الى أنّ الدولة تكتسب قوتها وشرعيتها حين تلبي مطالب الأغلبية من الطبقة الوسطى ومحدودي الدخل والفقراء وتطلعاتهم نحو الحرية والعدل الاجتماعي والأمن والأمان والدولة الحديثة المنيعة العادلة التي تحميهم من كل قهر ومن كل ظلم ومن كل تبعية. هكذا تآكلت قواعد الشرعية وتراجعت معها معدلات الثقة في الدولة والمستقبل. قضية الشرعية لا هي محصورة بالسلاح ولا هي معزولة عن سلامة أداء الدولة لوظائفها وأدوارها بما يؤمن الكرامة الوطنية والكرامة الانسانية. هنا تتبدى معضلة الشرعية لا شرعية ناجزة لدولة تذعن لمطالب الاحتلال ولا تقاومه بكل مقدراتها لا شرعية ناجزة لدولة لا تقيم العدل الاجتماعي وتمارس سياسات القهر والتجويع والإذلال لنعد للشرعية قواعدها ومفاهيمها الحقيقية ولنبعدها عن المصالح والتجاذبات الضيقة والتفسيرات الظرفية. إن أي خطأ في التقدير سوف يدفع لبنان نحو توترات أهلية جديدة لا تحتملها ظروفه الاجتماعية القاسية وأوضاعه السياسية المضطربة.
وختم سعد، قائلاً: دولة الرئيس، إننا أامام لحظة تاريخية فارقة يمر بها لبنان وسائر العالم العربي، حيث تطوى خرائط وتستنبش خرائط وتستحضر خرائط، وفقًا لحسابات المصالح الاستراتيحية للأقوياء الإقليميين والأقوياء الدوليين على حساب الشعوب العربية. في ظل الانقسامات الحادة حول الملفات الحساسة تصبح الحاجة ملحة لفتح القنوات لحوار عام يتسع لكل تنوع في الأفكار والتجارب والخيارات، وقادر على بناء توافقات وطنية حول القضايا الأساسية التي تقلق الرأي العام وتشغله. فورشة الإنقاذ الوطني الكل معني بها، ولتكن مخرجاتها توافقات وطنية حاسمة إزاء تحديات كبيرة وهائلة ، توافقات يتشارك فيها الجميع ويتحمل مسؤوليتها الجميع. ذلك هو المسار الآمن للخروج من الأزمات المستحكمة و المخاطر الداهمة إلى الطريق الصحيح والمعالجات السليمة. أما أن نصنع أقدارنا بأنفسنا أو نترك الأمر للآخرين وأكثرهم ذئاب كاسرة متربصة.