اخبار لبنان
موقع كل يوم -يا صور
نشر بتاريخ: ٨ تشرين الثاني ٢٠٢٥
#fixed-ad { position: fixed; bottom: 0; width: 100%; background-color: #ffffff; box-shadow: 0px -2px 5px rgba(0, 0, 0, 0.3); padding: 15px; text-align: center; z-index: 9999; right:0px; } #ad-container { position: relative; padding-top: 50px; /* ترك مساحة كافية لزر الإغلاق */ } #close-btn { position: absolute; top: -40px; right: 15px; background-color: #007bff; color: white; border: none; padding: 12px 16px; border-radius: 50%; font-size: 24px; cursor: pointer; box-shadow: 0px 4px 8px rgba(0, 0, 0, 0.3); transition: background-color 0.3s ease, transform 0.3s ease; } #close-btn:hover { background-color: #0056b3; transform: scale(1.1); } /* لجعل التصميم متجاوبًا */ @media (max-width: 768px) { #fixed-ad { padding: 10px; font-size: 14px; } #close-btn { top: -35px; padding: 10px 14px; font-size: 20px; } } @media (max-width: 480px) { #fixed-ad { padding: 8px; font-size: 12px; } #close-btn { top: -30px; padding: 10px; font-size: 18px; } }
×
من وادي الزينة إلى قصر بعبدا، صرخة الطفلتين تهزّ لبنان وتحرّك الدولة اللبنانية في سابقة هي الأولى من نوعها، حيث وقفت الدولة ممثلة برئيس هيئة القضايا في وزارة العدل، القاضي جون قزي، مدعيةً إلى جانب الضحايا. وقد أصدرت قاضية التحقيق في جبل لبنان، جويل عيسى الخوري، قرارًا ظنيًا بحق المدعى عليه يوسف علي المصري، بعد أن ثبت ارتكابه جرائم حجز حرية زوجته وبناته القاصرات وتعنيفهنّ جسديًا ونفسيًا وتعذيبهنّ بشكل متكرر وممنهج.
بدأت فصول القضية في الرابع والعشرين من حزيران عام 2025، حين تلقّت غرفة عمليات قوى الأمن الداخلي اتصالًا من مجهول أفاد عن احتجاز يوسف المصري لزوجته وبناته الثلاث في منزله الكائن في وادي الزينة وتعنيفهنّ بوحشية. وبعد دقائق، ورد اتصال آخر من شقيقته، إيمان المصري، تؤكد فيه أن شقيقها يعنّف بناته ويحتجزهنّ داخل المنزل، ليباشر مخفر السعديات تحقيقاته فورًا، كاشفًا عن مشهد مروّع من العنف الأسري.
أفادت الطفلة آمال، البالغة من العمر 12 عامًا، أن والدها يضربها وشقيقتها كلما حاولتا الخروج من المنزل، فيما أكدت شقيقتها قمر، البالغة 10 سنوات، أنه يطفئ السجائر على جسدها وتحت عينيها، ويعذّبها بالكهرباء، ويضربها على رأسها بالهاتف حتى تنزف.
وجاء في تقرير مكتب الاتحاد لحماية الأحداث في لبنان أن يوسف المصري سجين سابق لمرات عدّة بجرائم السرقة والسلب وتعاطي المخدرات، ومعروف بسلوكه العدواني في المنطقة، إذ وردت بحقه شكاوى بإطلاق النار على شقيقه ووالدته وتعنيف والده مرارًا. كما أشار التقرير إلى أن العنف داخل منزله بلغ مستويات خطيرة وممنهجة، حيث تتعرض القاصرتان للضرب شبه اليومي، ما أدى إلى كسر ضلع الطفلة الكبرى آمال وظهور جروح عميقة وحروق في جسد شقيقتها قمر.
أمام قاضية التحقيق جويل عيسى الخوري، أنكر المدعى عليه ما نُسب إليه، فيما أكدت زوجته، فاطمة عواد، أن أعمال العنف بدأت منذ أكثر من ثلاثة أشهر، وأنه بات شرسًا وعدوانيًا معها ومع أولاده، مشيرة إلى أنه أقدم على حرق ابنته قمر بالسيجارة وضرب آمال ضربًا مبرحًا أدى إلى فكّ كتفها، كما احتجزها وبناته داخل المنزل أكثر من مرة.
وتبيّن أيضًا أن والد المدعى عليه، علي المصري، اتخذ صفة الادعاء الشخصي ضد ابنه بجرم تعنيف حفيداته وتهديده له، بينما برز التطور الأهم حين أعلنت الدولة اللبنانية، ممثلة بالقاضي جون قزي، اتخاذها صفة الادعاء الشخصي للمرة الأولى في تاريخها، مطالبةً بتوقيف المتهم وإلزامه بالتعويض واتخاذ التدابير التي تؤمّن سلامة القاصرات الثلاث ومنع تعرّضهنّ مجددًا لأي خطر.
وبعد الاطلاع على ورقة الطلب رقم 17837 تاريخ 25 آب 2025، ومطالعة النيابة العامة بتاريخ 20 تشرين الأول 2025، وعلى التحقيقات الأولية والاستنطاقية وسائر الأوراق، خلصت القاضية جويل عيسى الخوري إلى أن الأفعال المنسوبة إلى يوسف علي المصري تؤلّف جناية حجز الحرية وتعنيف القاصرين المنصوص عنها في المادة 569 من قانون العقوبات، إضافة إلى جنحتي المادتين 554 و578 من القانون نفسه، والمعطوفتين على قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري، لما شكّلته من تهديد لحياة الضحايا واعتداء على حريتهم وسلامتهم الجسدية والنفسية.
واعتبرت القاضية أن العنف الممارس داخل المنزل بلغ مستويات خطيرة وممنهجة، وأن القاصرتين تعرضتا للتعذيب الجسدي المفضي إلى كسور وحروق وتشوهات جسدية، وأن زوجة المدعى عليه تعرّضت هي الأخرى للضرب والاحتجاز، ما يجعل الأفعال المنسوبة إليه أفعالًا جرمية ثابتة.
وبناءً على ذلك، قررت القاضية الخوري اعتبار فعل المدعى عليه يوسف علي المصري من نوع جناية المادة 569 من قانون العقوبات معطوفة على أحكام قانون العنف الأسري، والظنّ به أيضًا بجنح المادتين 554 و578 من قانون العقوبات معطوفتين على القانون نفسه، وإتباع الجنح بالجناية لعلّة التلازم، وإحالته أمام محكمة الجنايات في جبل لبنان لمحاكمته وتضمينه النفقات كافة، وإحالة الملف إلى النيابة العامة لإيداعه المرجع المختص لاستكمال الإجراءات القانونية.
وجاء في ختام القرار أن الدولة اللبنانية، بصفتها مدعية، تطلب إنزال أشد العقوبات بالمدعى عليه تأكيدًا لحقها في حماية المجتمع والأسرة والطفولة من أي عنف أو انتهاك، معتبرة أن صفة الادعاء هذه ليست رمزية بل واجب وطني تمارسه الدولة في سبيل الدفاع عن كرامة الإنسان.
بهذا القرار، خطّ القضاء اللبناني سطرًا جديدًا في سجل العدالة، إذ لم تعد الدولة متفرّجة على مآسي العنف الأسري، بل تحوّلت إلى مدعية مباشرة دفاعًا عن الطفولة وحق الإنسان في الأمان، لتفتح سابقة قانونية وإنسانية تؤكد أن العدالة لا تزال قادرة على حماية المظلومين والانتصار للكرامة الإنسانية.











































































