اخبار لبنان
موقع كل يوم -جنوبية
نشر بتاريخ: ٤ أذار ٢٠٢٥
هل ستبقى المحاصصة هي الحاكمة، ام ان لدى رئيسي الجمهورية والحكومة القدرة على كسر حلقاتها، هذا هو الامتحان الأول والأهم، فاذا وقعت الحكومة في تبرير المحاصصة، فهذا يعني ان فرص التغيير ستتقلص كثيرا ان لم تنعدم.
الرسالة التي اطلقها رئيس الجمهورية جوزاف عون في وجه الوفد الايراني الذي زاره قبل ساعات قليلة من حفل تشييع امين عام حزب الله في مدينة كميل شمعون الرياضية، بأن لبنان لا يتحمل ولا يريد ان يكون ساحة لصراع الآخرين، بدت وكأنها مقدمة للزيارة التي ينوي الرئيس القيام بها الى السعودية، هي بالتأكيد موقف نابع من مصلحة وطنية لبنانية بمعزل عن اي شيء، الا انه جرى استخدامها اعلاميا في سياق الربط بزيارة المملكة.
مصالح مشتركة مع السعودية
وجوزاف عون الذي حظي بدعم عربي وسعودي تحديدا في معركة انتخابه رئيسا، وصل الى الرياض وهو يدرك ان تحديات شتى تواجه لبنان، وتواجهه كرئيس ينظر اليه قائدا لمسيرة الانقلاب على كل السياسات التي دمرت وعزلت وشوهت لبنان، وهو يلتقي ولي العهد محمد بن سلمان، طامحا بأن يحظى بمزيد من الدعم للبنان، سياسيا واقتصاديا وحتى امنيا وعسكريا، لن يجد امامه بابا مشرعا للاستجابة على ما كان الحال قبل عقود سابقة، فالسياسة السعودية تجاه لبنان في زمن بن سلمان، لم تعد مبنية على حسن النوايا فقط، بل على اسس سياسية واجرائية واضحة، تعكس المصالح المشتركة بين الدولتين، وضمن برامج واضحة في الاهداف وفي إليات التنفيذ، وفي رصد التقدم في العمل.
السياسة السعودية تجاه لبنان في زمن بن سلمان، لم تعد مبنية على حسن النوايا فقط، بل على اسس سياسية واجرائية واضحة، تعكس المصالح المشتركة بين الدولتين
في لقاءات سابقة مع السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، وهو العارف الدقيق بتفاصيل لبنان، كان يشير ومنذ وصول ميشال عون الى الرئاسة في عام ٢٠١٦ الى ان المملكة اعدت بالتنسيق مع الجهات الرسمية والأهلية في لبنان اكثر من عشرين اتفاقية تعاون في معظم القطاعات، لكن لبنان لم يبدِ الاهتمام المطلوب على رغم حاجة لبنان لتنفيذ الاتفاقيات اكثر من السعودية، وكان يشير الى ان لبنان الرسمي وبطريقة غير مباشرة لا يرغب في هذا التعاون.
إقرأ أيضا: المجلس الشيعي: من مؤسسة وطنية جامعة إلى هيئة تابعة متهمة بتبييض الأموال!
ربما اعتادت الحكومات اللبنانية المتعاقبة في ذلك الحين وقبله، على ان المملكة تقدم للبنان من دون حساب، وان سياسة الهبات والودائع هي الاساس، لكن مع مرور هذا الزمن الطويل من سنوات السياسة التي رسخها ولي العهد، يدرك الجميع ان السعودية ليست تلك التي كانت وقدمت واعطت بلا حساب.
في مواجهة المنظومة
في اول زيارة لبلد عربي يقول جوزاف عون ان السعودية هي المرتجى في بناء الشراكة الاستراتيجية مع لبنان، وهذه الشراكة تتطلب سلة اجراءات مطلوبة لبنانيا بالدرجة الأولى، وهي لن تتحقق في وقت قريب، فالانقلاب على المسار السابق يتطلب رؤية توفرت في خطاب القسم، وقرار حازم من اجل ترسيخ القانون وتثبيت الدولة بمؤسساتها المتعددة، وهذا دونه مصاعب واهوال سترفعها المنظومة في وجه الرئيس ومن داخل مجلس الوزراء، ولعل التعيينات الامنية والعسكرية والادارية ستعطي الرسالة ومضمونها، هل ستبقى المحاصصة هي الحاكمة، ام ان لدى رئيسي الجمهورية والحكومة القدرة على كسر حلقاتها، هذا هو الامتحان الأول والأهم، فاذا وقعت الحكومة في تبرير المحاصصة، فهذا يعني ان فرص التغيير ستتقلص كثيرا ان لم تنعدم.
هل ستبقى المحاصصة في لبنان هي الحاكمة، ام ان لدى رئيسي الجمهورية والحكومة القدرة على كسر حلقاتها، هذا هو الامتحان الأول والأهم
ما يمكن ان يحظى به لبنان في زيارة الرئيس عون الى المملكة هو الدعم المعنوي والسياسي، مع استجابة لمطلب دعم الجيش والقوى الأمنية لمساعدة الدولة على بسط سلطتها، اما سوى ذلك لن يأتي، طالما ان منظومة الحكم الفاسدة بالتجربة والوقائع لم تزل تحكم لبنان.