تحدث وزير الخارجية المصرية الأسبق نبيل فهمي في مقابلة مع برنامج 'أبعاد روسية' الذي يقدمه أرتيوم كابشوك على قتاتنا، عن رؤيته لـ'خطة ترامب' للسلام في غزة، مشيرا إلى تصوراته حولها.

وفي ما يلي، نعرض لكم الحوار مع الوزير نبيل فهمي حول خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام في غزة:

ما قولكم بداية معالي الوزير في خطة ترامب حول غزة؟

أولا الخطة تتراوح بين 20 نقطة و 22 نقطة.. وأقصد الإشارة إلى ذلك لأبين أنها كثيرة العناصر. أيّ خطة تتضمن عناصر كثيرة، تصبح قبل أن تكون عامل جذب، عملية صعبة التنفيذ.

رد فعلي الأولي هو أن بداية الخطة ونهاية الخطة أمور تساعدني.. بداية الخطة وقف الحرب ووقف العنف هذه البداية في أول عنصر أو أول عنصرين.. ونهاية الخطة تحقيق التطلعات الفلسطينية لتقرير مصيرهم. هذا في العنصر الأخير أو قبل الأخير من الخطة.

ألا يبدو أن هذا العنصر شبه الغائب في هذه الخطة؟

هو موجود، أنا قلت البداية والنهاية. تفاصيل بين البداية والنهاية، وتفاصيل كل نقطة من هذه النقاط تحتاج إلى بحث، بمعنى هناك أحاديث كثيرة عن انسحاب إسرائيلي، ولكن لا يتحدد بالضبط انسحاب بأي معدلات وإلى أين بالتحديد.. نتكلم عن منطقة تقع على المحاور.. أين بالضبط؟ ليس واضحا في الخطة. ما هي معدلاتها؟ أيضا ليست واضحة.. هناك كلام حول عدم وجود مرحلة زمنية لتنفيذ كل هذا.

هناك مهلة 72 ساعة للإفراج عن الرهائن الإسرائيليين وبعد نزع السلاح إلخ.. إنما ليس هناك برنامج زمني كامل للخطة، من أول خطوة لآخر خطوة.. وأي شيء بدون مرحلة بدون إطار زمني في الشرق أوسط يمتد للأسف كثيرا.

كنت أفضل أن يكون هناك خطة زمنية.. كنت أفضل أن يكون هناك تصريح صريح بإقامة الدولة الفلسطينية. هناك إشارة إلى تحقيق التطلع الفلسطيني لتقرير مصيره. إشارة جيدة لكن ليست إشارة تقليدية.

هناك كلام كثير حول تحقيق الإصلاح في السلطة الفلسطينية.. هناك ربط على سبيل المثال بين غزة والضفة.. ربط غير مباشر، بأن الحديث عن أن السلطة الفلسطينية من خلال إصلاحها ستتحمل المسؤولية حتما عن غزة.

حول إنشاء إدارة مدنية جديدة في قطاع غزة دون مشاركة فلسطينية، بعد 'إصلاح' السلطة الفلسطينية:

هناك مشاركة فلسطينية.. شخصيات فلسطينية تكنوقراطية. إنما مسؤولية السلطة تأتي بالتدرج.. أي خطة فيها عناصر كثيرة إذا افترضت حسن النية يبقى التفصيل مفيدا، أما إذا كان هنالك سوء نية أو شك في حسن النية، فإذا التفاصيل الكثيرة هذه تخلق مجالا للأخذ والرد للتفسير..

هناك عدم ثقة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لاعتبارات عديدة على رأسها ما كرره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخرا من أنه لا يؤمن بدولة فلسطينية. شأنه في ذلك أسوأ من شأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.. ترامب غبر مرحب بذلك، ليس متحمسا لها. إنما نتنياهو أعلن إنها تمس الأمن القومي الفلسطيني الإسرائيلي.

إذا أنا افترضت أن نظيري يفترض أن الهدف يخلق له مشكلة لا أستطيع أن أفترض حسن النية. أنا مع البداية والنهاية منفتح. إنما لن أكون متفائلا إلا عندما أرى الترجمة على الواقع.. على الأرض.

هذه العملية لا بد أن تنتهى إلى سلطة فلسطينية للفلسطينيين على أرض فلسطين.. أن يكون المشرف عليها ترامب أو رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير أو مجموعة من آخرين. لا بد أن يكون هناك مرحلة انتقالية.. عندما يقبل ترامب أن يكون المشرف العام على 'مجلس السلام'، ويكون المدير التنفيذي بلير. وأنا لا أعلم بالضبط لماذا.. أنا أقول أنا لا أفهم لماذا لا يكون هناك تواجد فلسطيني، وبالنسبة لي المسؤولية في فشل هذه الخطة ستكون عليهما.. هما الاثنان أقرب سياسيا للجانب الإسرائيلي منهما للجانب الفلسطيني..

إذا، من ناحية أنا مؤمن تماما بأهمية وقف الحرب. مؤمن تماما بأهمية رفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني وتمكينه في غزة من إعادة الحياة. مؤمن ببدء عملية تفاوضية تنتهي إلى نقرير مصير الفلسطينيين والدولة الفلسطينية في الضفة والقطاع. فالعناصر موجودة هناك إنما ليس بالدقة الكافية وليس بالتفصيل الكافي لتجعلني أطمئن، إلا إذا افترضت حسن النية بخصوص الجانب الإسرائيلي. وهنا سيكون على ترامب مسؤولية رئيسية. المفيد جدا أمرين، أولا القادة العرب الذين اجتمعوا مع ترامب - العرب وتركيا- قبل إعلان الخطة، فعندما عرضت عليهم الخطة قدموا طلبات محددة، بمعنى نعم بشرط: منع اسرائيل من ضم الضفة .. وقف التهجير وهو قال - وهذا شيء جديد على ترامب - إن الخطة تشمل وقف التهجير من غزة، وإذا خرج أحد من حقه العودة.. هذه أمور لم يكن يقولها قبل ذلك. .وقف الحرب وتوفير آليات لإنهاء النزاع. في عناصر كثيرة. إنما حتى الآن يجيء وجود مرحلة انتقالية تولد الثقة ليس في الفلسطينيين أساسا، إنما الثقة بأن الإسرائيليين سينفذون ذلك.

في موضوع المرحلية.. هذه من الأمور التي تثير الشك، طبعا هناك استبشر الجميع خيرا في هذه الخطة.. وكأنها إنقاذ الشعب الفلسطيني في غزة وإنهاء هذه المأساة، لأن الحرب أنهكت باعتراف مسؤولين فلسطينيين كثيرا أنهكت المجتمع وأنهكت السكان وأنهكت الجميع.. ما يسمى بالمنطقة العازلة لم تتضج معالمها وملامحها، والبعض قال أن هذه ربما مقدمة لإبقاء واستمرار الاحتلال نظرا لهذه الضبابية في هذه النقطة. رأيكم:

ولذلك، إيجابيتي الشخصية كانت في بداية ونهاية الخطة، فقبل أن أكون متفائل بها، لا بد أن يكون هناك مرحلة انتقالية ليس للطرف الفلسطيني. مرحلة انتقالية لتنفيذ الجانب الإسرائيلي لالتزماته، لأنني حتى الآن غير واثق في حسن نية الجانب الإسرائيلي.

وبشأن نزع سلاح الحركة في مدة لا تتجاوز 72 ساعة وكأنها إنذار أخير شديد اللهجة ووضوح، كيف تتوقعون أن يكون موقف الحركة وما يتبعه من التدابير؟

وزراء خارجية مصر والسعودية والأردن وقطر والإمارات، وقد تكون هناك دولة سادسة، أصدروا التصريح صباح اليوم (الأربعاء) ردا على تصريحات نتنياهو الذي وضع فيه تحفظات معينة حيث قال نعم، بتفسيرات لا تتماشي مع المنطق،

الجانب العربي أكد مرة أخرى أن تنتهى إلى دولتين، ينتهي لانسحاب بالكامل، عدم احتلال، عدم ضم الضفة عدم التهجير.. وكل هذه الأمور. التقدير العربي بهذا المعنى. ليس بالمعنى المنقوص.

الشيء الآخر هو قضية الـ72 ساعة، هذا بالفعل توقيت زمني حدد للإفراج عن الرهائن. ليس لنزع سريع للسلاح، فالإفراج عن الرهائن سيكون خلال 72 ساعة بعد إعلان الموافقة على الخطة.

أنا في تقديري إذا وافقت 'حماس' على الخطة ستنفذ الخطة بحسن نية. مسألة إيجاد الرهائن جميعا لن يكون سهلا. إنما واضح أن لديهم قدرة على ذلك. ومسألة نزع السلاح أو وضع السلاح، هم استخدموا سياقات مختلفة لوضع السلاع هي مسألة تنفذ بدون شك. إنما هناك قدر من اللبس. الحديث دائما عن أمن إسرائيل.. الحقيقة الطرف الأضعف هو الطرف الفلسطيني. فيجب نتحدث عن أمن قطاع غزة بالكامل. بما فيها الدول المجاورة بمعنى إسرائيل الآمنة.

تساءلتم لماذا لا يتم تعيين شخصية فلسطينية هناك لأن يشارك في هذا مجلس السلام المزعوم هذا. يمكننا أن نضيف أيضا ولماذا إذا كان فيه اعتراض مثلا على شخصية فلسطينية، لماذا لا تكون هناك شخصية عربية؟

سيكون هناك شخصية فلسطينية. أنا أعلم بذلك، وسيكون هناك شخصيات عربية أيضا، أنا تساءلت لماذا تم أختيار رئيس وزراء بريطانيا الأسبق كرئيس تنفيذي للخطة. رئيس التنفيذي للخطة يجب يكون فلسطينيا. في اعتبار أن الخطة أساسا تخص الفلسطينيين، والرئيس الأعلى للمجلس هو ترامب، فإذا هناك رئيس أعلى وكان الطرف الآخر فلسطينيا، ومع هذا، لو ضمنا تنفيذ الخطة بحسن النية من الجانب الإسرائيلي ،أنا أتقبل هذه التجاوزات، إنما أنا أشك في النية الإسرائيلية.

هل هذه الصفقة لو طُبقت طبعا بحسن النية ولو تم أو بدأ على الأقل بتنفيذها.. هل هي تفتح بابا فريدا نادرا عربيا بأن تشارك أخيرا أو يتم أخيرا تأسيس قوة عربية أو إسلامية تدخل القطاع مثلا؟ كقوة لحفظ السلام مثلا؟ أو قوات فض اشتباك؟

لم لا ؟ العرب منذ قمة بيروت 2002 تحدثوا عن السلام الشامل بين إسرائيل وكل العرب، وقبل ذلك، الحديث كله عن السلام العربي الإسرائيلي الشامل.. العرب على استعداد تام لدعم الوضع الفلسطيني تحت غطاء فلسطيني، لتأمين الساحة الفلسطينية للمواطنين في إطار الانتقال من مرحلة التنازع إلى مرحلة السلام الكامل.

ما رُفض عربيا هو أن يُطلب من العرب أمّنوا إسرائيل من مخاطر غزة، هذا مطلب غير مقبول.. أو أمنوا إسرائيل من مخاطر غزة دون أن يكون هناك التزام مسبق بإقامة الدولة الفلسطينية. إذا ماذا نفعل؟ هل سنعمل كعسكري لدى إسرائيل؟ هذا كلام فير معقول.. هناك مثلا طلب آخر غريب بعض الشيء. كان مطروحا في الخطة الأولى ولم أجده في الخطة الأخيرة، وهو أن على العرب بناء قطاع غزة، وتحمل كل تكلفة التدمير الإسرائيلي.

لم ينص على أن إعادة الإعمار ستكون على حساب العرب.. الجانب العربي من منطلق الإخوة والعروبة سيدعّم إعادة الإعمار، إنما لن أتحمل مسؤولية التدمير الإسرائيلي.. هذه تصبح مغالطة.. هل سندعم؟ بدون شك سندعم.

منذ فترة بسيطة عندما بدأت القوات الإسرائيلية تتحرك نحو الاستيلاء على مدينة غزة بشكل محدد. بدأ هناك نزوح بشري جديد نحو سيناء. هل بدأ هذا الخط؟ وهو طبعا مرتبط بالسياسة الإسرائيلية القديمة حول التهجير وكأن هذه الخطة أيضا من إيجابياتها أنها بتوقف خطة التهجير للشعب الفلسطيني. هل تراجعت قليلا حدة التحدي الأمني والعسكري على حدود مصر مع هذا التطور؟

معدلاته نعم، إنما لم ينته. بمعنى أنه في وجود خطة، من الجميع بما في ذلك الجانب الأمريكي والجانب الدولي والجانب العربي والجانب الإسرائيلي، سيحاول تنفيذها.

هذا الأمر خفف قليلا من ضغط النزوح نحو معبر رفح وعبر الحدود المصرية، لأننا إذا افترضنا أن إسرائيل ملتزمة بتنفيذ الخطة، وحسب الخطة عليها بدء الانسحاب أساسا، إنما إذا لم تنفذ، فالتحرك الإسرائيلي دائما تحرك 'تحت السيف'.. وافقوا على الخطة، إنما شملت الموافقة تصريحا من نتنياهو إنه إذا لم تنفذ سأقضي على الفلسطينيين، بمعنى أنه يهدد بالعنف مرة أخرى حتى قبل البداية.

هل تعود المسألة إلى حركة 'حماس' إذا بالنهاية؟

تعود المسألة إلى إسرائيل، لأن إسرائيل بهذا الشكل، يمكن في أي لحظة من اللحظات أن تقرر بأن حماس لم تنفذ الخطة أو تخلّفت في تطبيقها أو أمور أخرى، فمن حقها (إسرائيل) استئناف العنف.. ولكن ليس من حقها استئناف العنف حتى إذا فشلت الخطة. . هذا موقف إسرائيلي منفرد.. لم يعط أحد هذا الحق. نحن نريد سلاما. لأكون واضحا. نريد سلاما. سلاما للطرفين الفلسطيني والإسرائيلي. وليس سلاما لإسرائيل على حساب الفلسطينين.

لكم مقالات مهمة سابقة وصفتم في بعضها إسرائيل بالدولة الخارجة عن النظام الدولي. ولكن في نفس الوقت لكم قول آخر. 'نبيل فهمي يحذر من أن إسرائيل تسعى لفرض هوية شرق أوسطية بنكهة إسرائيلية'. وتضيفون أن 'هذا يتزامن مع ضعف الرؤية العربية وغياب المشروع العربي الموحد'، وهو ما يراه نبيل فهمي 'أخطر ما تواجه المنطقة حيث لا توجد كما تفضلتم أطروحة عربية واحدة جادة لحل أزمة الشرق الأوسط. سكوتنا سيمنحهم القلم ليعيدوا رسم خارطة المنطقة بمعزل عنا'، تعليقكم:

سأوضح لك، بإشارة إلى تصريحات محددة وليس رأيي. الجانب الإسرائيلي أعلن أخيرا أنه هو يؤيد، بمن فيه رئيس وزراء، التطلع الديني.. التوراتي.. ومرتبط بإسرائيل الكبرى.

وزير الأمن القومي الإسرائيلي (إيتمار بن غفير) أعلن إنه هو يؤمن بإسرائيل الكبرى، وأن يكون جزء منها أراضي مصرية.. أراضي لبنانية، أراضي سورية، أراضي أردنية، وأراضي عراقية. أراضي سعودية بالإضافة إلى فلسطين.. أي أن نظرتهم فيها هيمنة وفيها تجاوز على حدود الجميع، والغرض منها تغيير سمات المنطقة، أصبحت إسرائيل الكبرى وليس إسرائيل من ضمن الدول عربية.

بالإضافة إلى ذلك، واقع الأمر، منهجية إسرائيل الكبرى هو أنه من حق إسرائيل استخدام القوة في أي لحظة في أي مكان كما بدأت تفعل.. جزء منها أن تستخدم القوة بصرف النظر عن أي قانون ولا أي صديق ولا أي عدو..ضربت أهدافا في قطر، الدولة اللي هي تستضيف الوساطة.. شيء غير مقبول.. بالإضافة إلى كل هذا.. الغرض الاسرائيلي اصلا من تهجير الفلسطينيين: تمييع الهوية الفلسطينية في الضفة والقطاع وتخفيضها، لأن الخطر على اسرائيل الان ليس خطرا عربيا من الخارج، إنما خطر ديموغرافي من الداخل، لأن تعداد السكان الفلسطينيين يتزايد ‘كثر.. هذا عنصر آخر من موضوع الهوية.

آخر نقطة، بالنسبة للموقف العربي. أنا عروبي الهوى. ليس بمعنى عاطفي، إنما هويتي عربية. مؤمن بالسلام المبني على الحق. أنا لا أدعو إطلاقا إلى اصطدام دون داع.. إنما نجد اقتراحات وخططا: أولا إيرانية منذ عهد الخميني (مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية) لنشر الثورات في المنطقة، ثم تركيا لتبني مفهوم ديني شرق أوسطي.. ثم خطة إسرائيلية - وهذا موقف رسمي معلن لنتنياهو يأنه سيغير خريطة الشرق الأوسط - هناك على الأقل 5 إلى 6 اقتراحات من هذه الدول بشكل جديد للمنطقة.

هنالك 22 دولة عربية، لماذا لا يكون هنالك 10 اقتراحات عربية عن العالم العربي وعن العالم الشرق أوسطي عن البحر الأحمر والبحر الأبيض ونتناقش ونتكلم؟

أنا لا أدعو أن تكون المنطقة عربية فقط. إطلاقا. إنما لا بد ان يكون هناك رؤى . وهذا مطلوب. وأعتقد أن الحراك العربي الأخير ساعد حتى الآن ساعد في تعديل توجه ترامب من التهجير والتهويد إلى: كلا ليس هنالك تهجير، وهذا الأمر قاله ترامب أخيرا. وموجود في هذه الاقتراحات، حيث أنه لا يوجد تهجير، والذي يغادر غزة يمكن أن يعود.. هذا رد فعل على موقف عربي يحذر من أن هناك حدودا لهذه القضية.

المصدر: RT