اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ٣٠ كانون الأول ٢٠٢٥
كتب علي حيدر في 'الاخبار':
يبرز ملف لبنان وسلاح المقاومة كأحد أكثر الملفات حساسية وتعقيداً على جدول أعمال لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو. فاللقاء لا يُقرأ فقط كتنسيق ثنائي بين حليفين، بل كمحطة تقريرية قد تحدد اتجاه السياسة الأميركية – الإسرائيلية حيال المنطقة، ومن ضمنها لبنان.
تتعامل إسرائيل مع مرحلة ما بعد حرب 2024 كلحظة انتقالية، بعدما فشل الحسم والرهان على عدد من الخيارات التي تلتها، والتي تراوحت بين استمرار الوضع القائم، أو تصعيد الضغوط السياسية والميدانية ضمن سقوف متحركة، أو الانزلاق نحو عدوان واسع، أو التوصل إلى صيغة أكثر توافقاً مع المخطط الأميركي لمواجهة نتائج معركة «أولي البأس».
في هذا السياق، تشدد إسرائيل على مطلب نزع سلاح حزب الله وفرض آليات تنفيذية فعّالة، مع التلويح بأن أي فشل في المسار السياسي قد يفضي إلى تصعيد عسكري واسع. ويتقاطع هذا المطلب مع الدور الأميركي في المنطقة.
فإسرائيل ترى أن الترتيبات القائمة لم تُحدث تغييراً بنيوياً في معادلة القوة كما كانت تأمل، فيما يؤكد استمرار الضربات أن الهدف يتجاوز مجرد «الأمن»، إلى فرض وقائع سياسية جديدة. أما الدولة اللبنانية، فتتحرك كما لو أنها «الوكيل»، المضطر إلى مراعاة المعادلات الداخلية حتى الآن.
في السياق البنيوي والزمني، لا يُطرح مطلب نزع السلاح كإجراء تقني فحسب، بل كجزء من إعادة هندسة أمنية إقليمية أوسع تشمل غزة وإيران والمنطقة، ما يجعل لبنان ساحة ضغط متداخلة، لا ملفاً مستقلاً.
وعلى صعيد الفاعلين، تمتلك إسرائيل تفوقاً عسكرياً واضحاً، لكنها مقيّدة بعدم ضمان تحقيق النتائج المرجوّة، وبتكاليف الحرب الطويلة، وبالحاجة إلى غطاء أميركي يحمي مصالح واشنطن. الولايات المتحدة، من جهتها، توازن بين الرغبة في إظهار حزم سياسي وإنجاز ديبلوماسي، والخشية من انفجار إقليمي قد يخرج عن السيطرة. أما حزب الله، فينطلق من إدراك أن أي نزع قسري للسلاح يمثل تهديداً لوجود لبنان ومستقبله، فيما ترى الدولة اللبنانية أن أي خطوة غير توافقية قد تُحوّل الصراع إلى الداخل.
المصالح هنا متعارضة بنيوياً: إسرائيل تسعى إلى إزالة التهديد، وحزب الله يريد الحفاظ على قوة لبنان كضمانة لأمنه، بينما لبنان الرسمي يريد الكثير لكنه مقيد بإمكانياته، مع أداء يُركّز حتى الآن على الحفاظ على الاستقرار الداخلي مع ميل لتلبية بعض الإملاءات الإسرائيلية – الأميركية. هذا التعارض قد يفضي إلى افتراضات خطرة، أبرزها الاعتقاد بأن الضغط العسكري يمكن أن يحقق ما فشلت السياسة في إنجازه، وهو ما لم يحدث حتى الآن، أو دفع الدولة اللبنانية إلى خطوات متهورة تعتمد على تقديرات خطأ.
في المحصلة، يشكّل لقاء ترامب – نتنياهو نقطة مفصلية، ليس لأنه سيحسم فوراً ملف سلاح حزب الله، بل لأنه سيحدد الاتجاهات وسقف الأدوات المسموح باستخدامها، مع بقاء دائرة الاحتمالات مفتوحة على المستوى النظري. أما المقاومة، فقد حسمت موقفها، الذي أعلنه الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أول من أمس، مع الاستعداد لمواجهة أخطر السيناريوهات المحتملة.











































































