كامل جميل - الخليج أونلاين

تبذل الجهود سنوياً لتحسين سلامة الحجاج، ودائماً ما تكون ضمن أولويات السعودية، حيث تؤكد أنها تعمل على وضع خطط لمنع حوادث ومخالفات فترة الحج كالتي وقعت في موسم الحج الأخير؛ لأن سلامة زوار بيت الله تعد أولوية قصوى في هذا الحدث الديني الكبير.

على الرغم من الخطط الكبيرة التي اتخذتها المملكة في موسم الحج الأخير، الذي وافق في يونيو الماضي، للحفاظ على سلامة الحجيج، والخدمات غير المسبوقة، لكن عدد الوفيات كان مرتفعاً بين الحجيج.

شارك في موسم الحج الماضي أكثر من 1.8 مليون شخص، وبحسب ما أعلنت السعودية توفي ما لا يقل عن 1301 من الحجاج.

أكدت المملكة أن 83% من الحجاج المتوفين كانوا من غير المصرح لهم بالحج، الذين ساروا مسافات طويلة تحت أشعة الشمس، بلا مأوى ولا راحة، وبينهم عدد من كبار السن ومصابي الأمراض المزمنة.

إجراءات جديدة

إجراءات جديدة سوف تعتمدها وزارة الحج والعمرة لوضع حدّ أمام التجاوزات من أجل 'حجّ آمن'، حيث أعدت مسودة ضوابط أعمال مكاتب شؤون حجاج الخارج، بحسب ما كشفت عنه صحيفة 'عكاظ'، الخميس (29 أغسطس الجاري)، وتضمنت هذه الإجراءات:

التزام مكاتب شؤون الحجاج في البلدان المعنية الضوابط المتعلقة بقدوم الحجاج من خارج المملكة.

هذه المكاتب مسؤولة بشكل تام عن كافة الحجاج القادمين من دولها، وعليها أن تدخل بياناتهم في المسار الإلكتروني قبل قدومهم إلى المملكة.

منع الحجاج من حمل أي صور، أو كتب، أو أعلام، أو شعارات، أو منشورات سياسية.

حظر قدوم أي شخص لأداء الفريضة بالطرق غير الرسمية.

حظر أعمال التجارة والسمسرة والحصول على عمولات من الأطراف التي يتعاقد معها، أو يتعامل معها المكتب في ما يتعلق بخدمات الحجاج.

حظر القيام، أو المشاركة، أو التحريض بشكل مباشر، أو غير مباشر على أي أعمال تخل بالأمن العام.

تمكين موظفي وزارة الحج والجهات ذات العلاقة من أداء المهام المنوطة بهم.

تخفيض عدد أعضاء المكتب للمواسم التالية في حال كانت نتيجة تقييم أدائه أقل من المتوسط.

إلزام المكتب باتخاذ التدابير اللازمة كافةلمعالجة أي خلل في تقديم الخدمة.

حظر استخدام المخيمات والمساكن ووسائل النقل المخصصة لخدمة الحجاج لغير الغرض المقصود لها، أو تأجيرها، أو السماح لأشخاص غير الحجاج المستهدفين باستخدامها أو تيسير دخولهم إليها.

ارتفاع درجات الحرارة

ما تأكد من خلال حجاج وأصحاب شركات حج تحدثوا لـ'الخليج أونلاين'، ووسائل إعلام مختلفة، أن الخدمات التي قدمتها السعودية للحجاج، وما اتخذته من وسائل لتنظيم الحج بسلاسة ويسر، لم تكن مسبوقة.

لكن ارتفاع درجات الحرارة العالية في موسم الحج، مع التجاوزات والمخالفات التي ارتكبت من زوار مخالفين، كانت وراء ارتفاع عدد الوفيات.

وجراء تجاوز الحرارة الـ50 مئوية، نصحت وزارة الصحة السعودية الحجاج باستخدام المظلات وشرب المياه على مدار اليوم، والالتزام بكل التعليمات والنصائح الصحية، وعدم التعرض لأشعة الشمس أو المشي على الأسطح أو لمسها خلال ساعات الذروة.

وسعت وزارة الداخلية السعودية مسبقاً إلى منع دخول غير الحجاج إلىمدينة مكة المكرمة، أو داخل المنطقة المركزية والمشاعر المقدسة، ومحطة قطار الحرمين بالرصيفة، وكذا مراكز الضبط الأمني، ومراكز الفرز، ومراكز الضبط الأمني المؤقت دون تصريح حج.

ووضعت عقوبات لمنع ذلك تشمل:

غرامة قدرها 10 آلاف ريال (2660 دولاراً) للمخالفين لأنظمة الحج بغض النظر عن جنسياتهم ووضعهم القانوني.

ترحيل المقيمين المخالفين إلى بلدانهم ومنعهم من دخول المملكة.

سجن لمدة تصل 6 أشهر، وغرامة مالية تصل إلى 50 ألف ريال (13.300 ألف دولار)، ومصادرة وسيلة النقل البرية لمن ينقل المخالفين.

ترحيل الناقل المخالف إذا كان مقيماً بعد تنفيذ العقوبة، ويُمنع من دخول المملكة.

أسباب المخالفات

أعداد كبيرة من المسلمين يؤدون في كل عام شعائرالحج، تفوق أعدادهم المليون ونصف المليون، وبلغ خلال موسم الحج الماضي 1.8 مليون، شريطة حصولهم على التصاريح اللازمة لذلك، على أن تلتزم كل دولة بما لديها من حصة محددة لعدد حجاجها، وذلك لتسهيل التنظيم السعودي للمشاعر، ومنع التدافع والتزاحم.

ومن جراء أسباب عديدة، بينها ارتفاع تكلفة السفر، وعدم ظهور أسماء الأشخاص في قرعات الحج، يعمد أشخاص بأعداد كبيرة إلى المخالفة وأداء الحج بشكل غير رسمي.

والحج غير الرسمي يضطر الشخص إلى تجنب الاقتراب من منظمي الحج في المشاعر المقدسة، ما يحرمهم من الوصول إلى الأماكن المكيّفة وأماكن المبيت والراحة التي وفّرتها السلطاتالسعودية للحجاج الرسميين.

وبحسب وكالة 'فرانس برس'، فإن عدد وفيات الحجاج هذا العام التي بلغت1301، أكثر من نصفهم منمصر.

والثلاثاء (27 أغسطس الماضي)، أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية فرض عقوبات قاسية على شركات السياحة التي ثبت تورطها في سفر مواطنين لأداء الحج بصورة غير نظامية، وصلت إلى سحب تراخيص 36 شركة، فيما حظرت السفر للحج إلا لمن يحمل تأشيرة مخصصة لذلك.

وقال أعضاء بغرفة شركات السياحة إن الكيانات الوهمية والسماسرة يقفون وراء أزمة الحج، بسبب تسفيرهم للحجاج من خلال تأشيرة الزيارة، دون توفير أي أماكن لهم في المناسك.

وجاءت العقوبات نتيجة لتحقيقات أجرتها خلية أزمة الحجاج المُشكلة بناءً على قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي لمتابعة وإدارة الوضع الخاص بحالات وفاة الحجاج المصريين خلال موسم الحج الأخير.

بدورها أوقفت وزارة الأوقاف والشؤون المقدسة في الأردن، في يوليو الماضي، اعتماد 18 شركة حج وعمرة عن ممارسة أعمالها بشكل كامل، وذلك حتى انتهاء التحقيقات الجارية في قضية تقديم خدمات الحج لحاملي فيزا الزيارة إلى السعودية.

العدد الكبير الذي يجتمع في مكان واحد وبوقت واحد خلال أداء طقوس الحج 'لا يمكن أن نراه في مكان آخر بالعالم'، بحسب ما يقول نوار بهاء الزبيدي، المدير المفوض لشركة 'الخير للحج والعمرة' ومقرها العراق، مؤكداً أن جهوداً كبيرة تبذلها السعودية لإنجاح هذا الركن من الدين الإسلامي.

الزبيدي الذي تحدث لـ'الخليج أونلاين' يقول إن السعودية نجحت كثيراً في التغلب على درجات الحرارة 'بشكل غير مسبوق' خلال مواسم الحج الأخيرة؛ من خلال توفير مستلزمات عديدة من أماكن راحة ومبيت وخيم ومرشات ماء ومظلات وخدمات صحية.

موسم الحج الماضي، وعلى الرغم من ارتفاع عدد الوفيات فيه، لكن الزبيدي يقول: 'إنه أفضل موسم حج شهدته أنا وغيري، وأشادت به جميع شركات الحج من مختلف الدول'.

وتابع يقول: 'كانت درجات الحرارة مرتفعة بشكل غير مألوف، لكن جميع الحجيج لم يشعروا بها نتيجة الخدمات العديدة، ووسائل الراحة التي لم يفتقدها أي مكان، أما عن الوفيات فجميعها طبيعية تحدث لكبار السن والمرضى، لكن المخالفين هم من رفعوا عدد الوفيات'.

حول القرارات الجديدة التي ستفرضها المملكة على شركات الحج يؤكد الزبيدي: 'إنها ضوابط شديدة الأهمية. للأسف هناك شركات لا تعمل بشكل صحيح، بعضهم يستغلون رغبة الناس بالذهب لأجل الحج لأجل التكسب وهو تكسب غير مشروع لأنهم يخالفون القوانين والشروط ويعرضون حياة هؤلاء الأبرياء للخطر'.

ويضيف: 'مناسك الحج معروفة، والغاية من الحج معروفة وواضحة وبينة، ومن في داخله نوازع معينة أو غايات ما سيؤثر على الآخرين، فالحج ليس مكاناً للتظاهر أو إرسال رسائل معينة، أو ترديد شعارات سياسية وغير ذلك، من يريد أن يفعل هذا فليفعل في بلده'.

يلفت الزبيدي إلى أنه 'في مرات عديدة شهدت مواسم الحج مخالفات تسببت بأذى ووفيات لأبرياء. السعودية لها كل الشكر لأنها تعمل لتوفير أكبر ومختلف الخدمات، وعلينا نحن الشركات العاملة في مجال الحج والعمرة التعاون معها'، مؤكداً: 'مهما كانت القرارات سنلتزم بها لأنها بالتأكيد تصب في صالح الحجيج وسلامتهم وسلامة وأمن الأراضي المقدسة'.