اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٧ أيلول ٢٠٢٥
اعتبر الكاتب والمفكر المصري فهمي هويدي، أن تصريحات رئيس السلطة محمود عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي قال فيها إن عملية السابع من أكتوبر لا تمثل الشعب الفلسطيني، تمثل 'إهانة للوطنية الفلسطينية وتاريخها النضالي'، مؤكدًا أن دعوات نزع سلاح المقاومة وطرح فكرة دولة فلسطينية منزوعة السلاح تثير 'الخزي والعار'، فيما وصف التسريبات حول تعيين توني بلير حاكماً على غزة بأنها 'مهزلة كبرى' تستخف بدماء الشهداء الفلسطينيين.
وقال هويدي في حديث متلفز تابعته صحيفة 'فلسطين': 'أستغرب كثيراً لسماع هذا الكلام، ولولا أني رأيت التسجيل لتصورت أن من يقلد صوت الرئيس عباس هو من قال هذه الكلمات. لا أعرف من يمثل، وأخشى أن يكون ممثلاً لطرف آخر لا علاقة له بالشأن الفلسطيني'، مضيفاً أن كلام عباس حول السابع من أكتوبر 'غير قابل للتصديق ولا يمكن حمله على محمل الجد'.
مهزلة كبرى
وعن دعوات نزع سلاح المقاومة، قال: 'غير مصدق لما سمعته كله، سواء كلام محمود عباس أو ما ذكر عن نزع السلاح أو حتى عن تولي توني بلير إدارة غزة. هل دفع الفلسطينيون كل هذا الثمن وقتل أكثر من 70 ألف إنسان وشرد عشرات الآلاف، من أجل أن ننتهي بهذه النهاية؟ هذه مهزلة كبرى، وظني أنه هزل في موقع الجد، ولا يمكن وصفه إلا بالفضائح السياسية التي لا يليق أن تصدر في هذا التوقيت بهذه اللغة وبهذه الرسالة'.
كما تناول تصريحات عباس بأن منظمة التحرير اعترفت بـ(إسرائيل) عام 1988، وقال: 'كأننا في مشهد يحفل بالهزل في موقف الجد. هذا كله لا يليق أن يقال بعد كل ما بذل من تضحيات وكل الدماء التي أُريقت. لا أعرف كيف يمكن أن تُمحى هذه الصفحة من سجل الوطنية الفلسطينية التي أعرف جيداً أنها أعظم من هذا المستوى. أشعر بالخزي لسماع هذا الكلام، سواء ما صدر عن محمود عباس أو ما قيل عن دور توني بلير. ليس هكذا تعالج القضايا الكبرى، وليس هكذا تُفتح صفحة جديدة في النضال الفلسطيني. هذا إهانة للشعب الفلسطيني وللوطنية الفلسطينية'.
كما أبدى استهجانه من تكرار عباس في خطاباته الحديث عن دولة فلسطينية 'منزوعة السلاح'، وقال: 'أشعر بالخجل أن يصدر هذا الكلام عن مسؤول في السلطة الفلسطينية. بأي معيار تعد هذه وطنية، وهي لم تثبت أنها لا سلطة ولا وطنية؟'. وقال إن المقاومة الفلسطينية 'لن تسلّم سلاحها في بلد محتل'، معتبراً أن كل الشروط المطروحة مجرد محاولات لتسهيل التمدد الإسرائيلي، وتمهيد لمستقبل مظلم للمنطقة.
وفي سياق متصل، تناول هويدي ما نشر حول تعيين بلير حاكماً على غزة ضمن خطة أمريكية، وقال: 'المشهد كله هزلي وساخر وفاضح. هل يُعقل أن تنتهي التضحيات الهائلة التي قدمها الشعب الفلسطيني بتسليم غزة إلى توني بلير؟ هذا يطوي صفحة النضال ويهين المقاومة التي قدمت منذ 7 أكتوبر تضحيات كبيرة، بينما العالم كله يطالب بحرية فلسطين'.
لا تغيير للواقع
ورأى هويدي أن موجة الاعترافات الأوروبية بدولة فلسطين قد تكون ذات قيمة سياسية أو تاريخية، لكنها 'ليست مدعاة للسعادة في زمن الإبادة'.
وأوضح: 'قد تكون مفيدة إذا بُني عليها مسار سياسي يقود إلى المساءلة والحساب، لكنها تبقى مجرد حدث يسجل في التاريخ ولا يغير الواقع القائم'، لافتاً إلى أن الاعترافات تقترن أحياناً بشروط مجحفة مثل منع عودة حماس أو تغيير المناهج الدراسية، وهو ما اعتبره 'حلقة أخرى من حلقات الهزل والاستهزاء بالعمل الوطني الفلسطيني'.
وأشار إلى أن الحكومة الإسرائيلية ماضية في مشروعها التوسعي، من خلال ضم الضفة الغربية والسيطرة على غزة، قائلاً: 'موضوع الدولة الفلسطينية هامشي في السياق الراهن. على الأرض، هناك مسار آخر تبنيه (إسرائيل)، بينما يتم التعامل مع الحلم الفلسطيني بنوع من السخرية والمسخرة'.
وأكد هويدي أن الخطر الإسرائيلي لم يعد يهدد فلسطين وحدها بل المنطقة كلها: 'الطموحات الإسرائيلية المجنونة تصل إلى حد الحديث عن (إسرائيل الكبرى). هذا يفترض أن يوقظ النائمين لأن ما يحدث يمهد الطريق للتغول الإسرائيلي على حساب المنطقة كلها'.
أما بشأن فشل مجلس الأمن في وقف الحرب على غزة بفعل الفيتو الأمريكي، فقد اعتبر هويدي أن ذلك يعكس 'تزويراً في النظام الدولي وتصدعه'، لكنه أشار إلى وجود مؤشرات على وعي شعبي عربي وتحركات دولية أكثر نزاهة، قائلاً: 'بعض الدول العربية والشعوب اتخذت مواقف أكثر التزاماً بالقيم، وهذا يفتح الباب للحديث عن نظام عالمي جديد أكثر عدلاً'، مضيفاً أن ما يجري يقنع الجميع بأن 'الأمم المتحدة ومجلس الأمن لم يعودا عائقاً أمام مشاريع التغول الإسرائيلي'.
وختم هويدي بالإشارة إلى أن الدول العربية والشعوب ما زال لديها أوراق قوة، لكن السؤال هو في وجود الإرادة لا غير، مؤكداً أن ما تحتاجه فلسطين اليوم هو 'إرادة سياسية تليق بثمن الدم الباهظ الذي دفعه الشعب الفلسطيني'.