تحت وابل القصف وصمت العالم، يُولد أطفال غزة ليجدوا أنفسهم بلا غذاء، بلا رعاية، وبلا أبسط مقومات الطفولة، في قطاعٍ محاصرٍ منذأكثر من 18 عامًا، تُفاقم الحرب الدائرة منذ أشهر الأزمة، لتمتد إلى أهم ما يحتاجه الطفل منذ ولادته: الحليب الصناعي والحفاضات، فينا تصرخ الأمهات بصمت، والرضع يبكون جوعًا، ولا يصل الصوت خارج جدران الخيام وركام المنازل.

وفق تقرير مشترك أصدرته منظمة الصحة العالمية واليونيسف في يوليو 2025 بأن أكثر من 85% من الأطفال الرضع في غزة لا يحصلون على الحليب الصناعي اللازم و 70% من الأمهات غير قادرات على الرضاعة الطبيعية بسبب سوء التغذية والإجهاد النفسي ، حيث نقص الحليب يهدد حياة أكثر من 135 ألف رضيع، معظمهم في المناطق المدمرة والمخيمات.

أم رائد – أم لطفلين من دير البلح تقول 'اضطررنا لاستخدام قطع القماش من الملابس القديمة مكان الحفاضات... طفلي مصاب بالتسلخات والحمى بسبب ذلك'.

ويقول محمود السقا - صاحب صيدلية في النصيرات ' بأن الحفاضات لم تدخل غزة منذ أكثر من شهرين، والموجود في السوق يُباع بأسعار جنونية إن وُجد.

و تشير تقارير صادرة عن الأونروا إلى أن أكثر من 90% من الأطفال دون سن الثانية في غزة لا تتوفر لديهم مستلزمات النظافة الشخصية الأساسية، وعلى رأسها الحفاضات.

 أم سالي – من مواصي خان يونس، أم لرضيعة تبلغ شهرين: 'طفلتي لم تتناول الحليب منذ يومين، لم أعد أمتلك سوى ماء وسكر... هذا إن وُجد السكر أصلًا. هل يُعقل أن يُترك رضيعٌ يموت بهذاالشكل؟'.

ويؤكد الدكتور إياد النخالة – طبيب أطفال في مستشفى ميداني شمال غزة  :' بأنه يصلنا يوميًا أكثر من 70 طفلًا يعاني من الجفاف وسوء التغذية الحاد بسبب نقص الحليب، بعضهم يُصاب بتشنجات عصبية، وآخرون دخلوا في غيبوبة.'

من المسؤول؟

بحسب بيان صادر عن برنامج الأغذية العالمي (WFP) في 23 يوليو 2025 بأن الحصار المفروض على قطاع غزة يُعيق بشكل مباشر إدخال المساعدات الغذائية والطبية، خصوصًا تلك المخصصة للرضع، رغم أنها تُصنف كمساعدات إنسانية بحتة.'

ووفقًا لتصريح اليونيسف: 'عمليات إدخال حليب الأطفال والحفاضات تُرفض عند المعابر تحت حجج أمنية... وهذا انتهاك مباشر لاتفاقيات جنيف المتعلقة بحماية المدنيين والأطفال في النزاعات.'

أكثر من 60 منظمة إغاثية دولية طالبت بضرورة فتح ممرات إنسانية آمنة وعاجلة لإدخال المواد الأساسية للأطفال، لا سيما في جنوب ووسط القطاع، حيث الكثافة السكانية الأعلى ، كما أكدت منظمة 'أنقذوا الأطفال – Save the Children' أن 'إذا استمر منع دخول حليب الرضع، سنشهد خلال أسابيع موجة وفيات بين الأطفال تُعد الأبشع منذ بدء الحرب.'

طفل غزة لا يواجه اليوم قذائف الطائرات فقط، بل يُحارب ليحصل على جرعة حليب أو حفاضة تحمي جسده الصغير من المرض، بل هي مجزرة صامتة تُرتكب بلا دم، لكن بنزف البكاء والألم والأحضان الفارغة ، فأن أبسط الاشياء و هو الحليب صار حلمًا، والحفاضات سلعة نادرة، والطفولة مجرد كلمة غريبة وسط الرماد