تمر مدينة طرابلس بمرحلة دقيقة تتطلب تدخلًا فعّالًا يعيد الثقة بين المواطن والبلدية. سنوات من الفشل الإداري والتخبط أدت إلى هوة واسعة بين الناس والسلطة المحلية، لذلك لابد مقاربة عملية تنطلق من واقع تشارك المرأة فيه، كعضو فاعل منطلقة من خبرة وعمل قانوني، فهل نرى تغييرًا؟

فعن دور المرأة في المجلس البلدي والترشح فيما إذا كان يرتكز على تمثيل نسائي فعال أم مجرد تواجد رمزي ' تقول المحامية بالاستئناف والمرشحة لعضوية المجلس البلدي في طرابلس رولا دندشلي في حديث ل 'نداء الوطن: 'لا أؤمن بالرمزية، فترشحي نابع عن قناعة راسخة أن النساء ممن يملكن الكفاءة والخبرة يستطعن إحداث فرق فعلي في الحياة العامة، خصوصًا أن المرأة من كونها أم تسعى لتأمين بيئة حاضنة لأطفالها، فالبلدية هي مرفق عام يعنى بالشؤون الحياتية للمواطن مما يحتّم أن نكون صوتًا صلبًا لكل من لا صوت له وليس فقط صوتًا نسائيًا، من هنا فصوتي مبني على معرفة قانونية وميدانية'.

وضمن برنامجها الانتخابي تقول دندشلي: 'أولوياتي بالنسبة لطرابلس تتمثل بضرورة استعادة ثقة الناس بالبلدية، فعبر سنين طويلة ومجالس عدة كانت بمجملها فاشلة، فقد سكان طرابلس ثقتهم فيها لذلك يجب العمل على استعادة الثقة عبر مقاربة عملية وشفافة للخدمات الأساسية مثل النفايات، والنقل والكهرباء خاصة أن طرابلس هي المدينة الوحيدة التي تعاني من فاتورتيّ كهرباء، واحدة للاشتراك حيث يرفض أصحاب المولدات تركيب عدادات بسبب التغطية التي حصلوا عليها إما من السياسيين أو من محافظ المدينة، وفاتورة الكهرباء الأصلية وهذا ما لا نجده في بلديات أخرى'. من هنا يجب إعداد قانون شفاف لتتبع المشاريع من لحظة إعدادها وحتى تنفيذها مع نشر كل البيانات على منصات علنية مما يستقضي تفعيل دور الهيئة الرقابية الداخلية وفتح قنوات تواصل دائمة مع المجتمع المدني لضمان رقابة الأعمال التي تقوم بها البلدية والمشاريع والعقود.

وترى دندشلي ضرورة التركيز على مشاريع مستدامة في الطاقة المتجددة، فبدلًا من أن يكون نهر أبو علي على سبيل المثال طبيعيًا يلامس حياة الناس، تم سقفه، لذلك يمكن استغلال هذا الشيء بوجود ألواح شمسية تستفيد منها المناطق حوله وأن تتوزع الطاقة الزائدة على المحال التجارية مما يخفف الفاتورة على اصحاب المشاريع لتبقى هناك فرص عمل لأبناء المدينة.

أما عن تفعيل مشاركة الشباب والمجتمع المدني في العمل البلدي تؤكد دندشلي أن 'الشباب هم وقود التغيير وهذا لا يلغي فكرة وجود كبار السن ممن يمتلكون الحكمة لنستمد منهم النصيحة ولنستفيد من خبراتهم، ومن الضروري إنشاء مجلس بلدي شبابي استشاري يشارك البلدية فعليًا في القرار، فما خاب من استشار. من هنا يجب علينا اشراك الجمعيات في صياغة خطط التنمية وفتح البلدية لتكون مساحة تفاعلية وليست مغلقة، فقد شاهدنا بأم العين ما حدث فيها بعد الاجتماعات المغلقة التي كانت تتم'.

وانطلاقًا من كون دندشلي تمتلك خبرة تنبع من معرفة قانونية فهي تعتبر ذلك 'سلاحًا بوجه الفوضى ويجب أن ننطلق من مبدأ الدستور أولاً، فعدم احترام الدستور والقانون دليل على الفوضى وهو ما نشهده في هذه الأيام، وبالتالي يجب التسلح بالقانون وأن يكون كل قرار صادر عن مجلس البلدية مستندًا إلى قانون وليس إلى محسوبيات ولا محاصصات سياسية وتفعيل حق الوصول إلى المعلومات، فهذا القانون موجود في لبنان لكنه غير مطبق وضرورة تطوير أنظمة الرقابة والمساءلة داخل البلدية مما سيكرس الثقة ويمنع الاستنسابية، فالبلدية اليوم بحاجة إلى عيون قانونية ساهرة على تطبيق القانون وليس للالتفاف عليه.

وتختم دندشلي برسالة للنساء المرشحات 'كل سيدة قررت الدخول إلى معترك العمل البلدي يجب أن تعرف أن الترشح ليس خطوة رمزية، بل مسؤولية وطنية تحتم علينا أن نكون على قدر الأمانة مهنيًا وأخلاقيًا. فحتى نصل إلى مراكز قيادية نحن بحاجة دعم وهذا الدعم يأتي من جهتين إما حزب سياسي، أو عائلة أشبه بحزب، والعائلة عندما تأخذ قرارًا بدعم امرأة مرشحة من أبنائها، فهو دليل انفتاح وتقدم في المجتمع، لذلك أتمنى من باقي العائلات أن تكرر تجربة هذه العائلة في دعم النساء ذوات الخبرة'.