في مشهد جديد من مشاهد الانحدار الأخلاقي والإنساني الذي تكرّسه آلة الحرب الإسرائيلية، تعرّض مستشفى ناصر في خانيونس والمستشفى الأوروبي جنوب قطاع غزة لقصف عنيف، أسفر عن استشهاد وإصابة عشرات المواطنين، بينهم صحفيون ومرضى ومرافقون، وسط انهيار متسارع في المنظومة الصحية في القطاع المحاصر.

ويأتي هذا التصعيد في سياق سلسلة من الهجمات المتكررة التي طالت البنية التحتية الصحية في قطاع غزة منذ بدء حرب الإبادة، من بينها قصف المستشفى المعمداني ومنشآت طبية أخرى، ما أدى إلى تعطيل شبه كامل للقطاع الصحي، في وقت يعاني من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، ومنع دخول الوقود اللازم لتشغيل المستشفيات.

وفي هذا السياق، أدان رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني، د. صلاح عبد العاطي، بشدة هذا الاستهداف الممنهج للمستشفيات والمنشآت الصحية في قطاع غزة، معتبرًا ما جرى في المستشفى الأوروبي من قصف مباشر للمبنى وساحاته ومحيطه، وما تبعه من منع الطواقم الطبية من انتشال الشهداء والجرحى، جريمة حرب مكتملة الأركان.

وقال عبد العاطي لـ 'فلسطين أون لاين'، إن تكرار هذه الجرائم بحق المرافق الصحية والطواقم الطبية، كما حدث سابقًا مع مستشفى المعمداني، يكشف عن سياسة إسرائيلية متعمدة تستهدف تدمير النظام الصحي وقتل المرضى والجرحى، ومنع إنقاذ المدنيين، في سياق حرب إبادة جماعية تُمارس بحق سكان غزة.

وأوضح أن تدمير القطاع الصحي يأتي ضمن مخطط لتحويل غزة إلى منطقة غير صالحة للحياة، بهدف دفع السكان نحو التهجير القسري، في انتهاك صارخ لكل القوانين الدولية والإنسانية.

وأشار إلى أن خروج غالبية مستشفيات غزة عن الخدمة نتيجة القصف، وغياب الإمدادات الطبية والإنسانية، يجعل الوضع الصحي على حافة الانهيار التام، وينذر بوفاة آلاف المرضى والمصابين.

واختتم عبد العاطي تصريحه بالتأكيد على أن استمرار هذه الجرائم يُعد وصمة عار في جبين الإنسانية، داعيًا إلى تحرك دولي فوري وفاعل، يضمن وقف حرب الإبادة، وإدخال المساعدات الطبية والإنسانية، وتوفير مستشفيات ميدانية عاجلة، إلى جانب إجلاء الحالات الحرجة للعلاج خارج القطاع المحاصر.

وبحسب آخر بيانات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، الصادرة في 8 مايو/أيار الجاري، فقد تعرّض 38 مستشفى، و81 مركزًا صحيًا، و164 مؤسسة صحية للتدمير أو الحرق أو الإخراج عن الخدمة خلال الإبادة.

وتواصل (إسرائيل) حرب إبادة جماعية واسعة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشمل القتل والتدمير والتجويع والتهجير القسري، متجاهلة كافة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.

وقد خلّفت هذه الحرب، التي تحظى بدعم أمريكي، أكثر من 172 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود.