في خضمّ التعقيدات الإقليمية والتطوّرات المتسارعة على الساحة اللبنانية، برز خطاب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، بوصفه محاولة للتمسّك بسرديةٍ فقدت الكثير من واقعيتها، وفق ما يرى الصحافي والمحلّل السياسي ورئيس تحرير موقع “جنوبية” علي الأمين، في حديث خاص لـ”هنا لبنان”.

وقال الأمين إنّ الحزب، ومن خلال خطاب قاسم الأخير، “يغرّد خارج السرب”، موضحًا أنّ “المواقف التي يطلقها تتجاهل موازين القوى الفعلية على الصعيديْن الإقليمي والدولي. وتُبنى على تصوراتٍ لا تتلاءم مع التحوّلات الجارية، خصوصًا ما يتعلّق بمطلب حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية. هذا المطلب لم يعد مجرّد رأي داخلي أو وجهة نظر سياسية، بل بات مطلبًا رسميًا وشعبيًا واسعًا يرى في تعزيز مؤسسات الدولة، على الرغم من ضعفها، السبيل الوحيد للخروج من حال الانهيار المتفاقمة”.

ويرى الأمين أن “حزب الله يتبنى خطابًا شعبويًا في محاولةٍ لتجاوز حقيقةٍ جوهريةٍ، وهي أنّ الحزب، ومن خلال ما أسماه “الأخ الأكبر”، أي الرئيس نبيه برّي، وافق على اتفاقٍ وصفه بـ”المذلّ للبنان”، يتمثّل في جعل واشنطن المرجعية الوحيدة لتفسير القرار 1701، لا مجلس الأمن الدولي”. ويتساءل الأمين: “لماذا لم تكن الأمم المتحدة هي المرجعيّة؟ ولماذا قَبِل الحزب بأن تكون واشنطن هي من تفسر وتنفّذ القرار؟”.

إقرأ أيضا: لبنان: «خيبة قضائية» لماذا لم يتسلّم لبنان التقرير الفرنسي بشأن «انفجار المرفأ»؟

ويضيف: “من قَبِلَ بهذا الشرط لا يحقّ له اليوم أن يُفاجَأَ، أو أن يتظاهر بالعجز، أو أن يخاطب جمهوره وكأنّ شيئًا لم يتغيّر أو يتبدّل. الواقع الجديد يفرض شروطه، والتعامل معه يستوجب خطابًا أكثر واقعيةً ومسؤوليةً”.

ووِفق الأمين، فإنّ “حزب الله لا يغامر فقط بوجوده وبمحيطه وبلبنان، بل يعيش حالةً من الإرباك الداخلي وغياب الرؤية الموحدة”. ويعزو ذلك إلى الخسائر الكبيرة التي مُني بها الحزب خلال الحرب، ما أضعف قدرته على اتخاذ القرار الحاسم.

أمّا عن خطاب نعيم قاسم، فوصفه الأمين بأنه “هروب إلى الأمام ورهان على الغيب لا على الوقائع المادّية والعنيدة التي تحيط بالحزب ولبنان”.

ويؤكّد أنّ هذا الخطاب “لن يُغيّر في واقع مطلب حصرية السلاح بيد الدولة، ولن يوقف الضربات الإسرائيلية، كما لن يؤدّيَ إلى كبح الضغوط الخارجية التي تدعو لبنان إلى تنفيذ كامل التزاماته في القرار 1701. تلك الالتزامات التي أصبحت موقعةً بموافقة الحزب نفسِه ومن خلال ما يُعرف بالأخ الأكبر”.

إقرأ أيضا: من مصلحة الولايات المتحدة أن يبقى لبنان مستقرا وآمنا.. عون: سحب السلاح لن يكون سببا لاضطرابات أمنية

ويختم الأمين حديثه بالتشديد على أنّ “المخرج الوحيد المتاح لتقليل الخسائر ووقف النزيف هو التسريع في وضع جدول زمني واضح لتسليم السلاح إلى الدولة اللبنانية”.