اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ٢١ تشرين الثاني ٢٠٢٥
كتب غاصب المختار في 'اللواء'
لم يعد من مجال لإنتظار تحرك أميركي ما يوقف العدوان الإسرائيلي ويدعم لبنان وجيشه دعماً جدّياً وحقيقياً، أو الرهان على ضغوط أميركية لتفعيل عمل لجنة الإشراف الخماسية على تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار، بعدما ظهرت نوايا الإدارة الأميركية ونوابها في مجلسي النواب والشيوخ «بمعاقبة» الدولة اللبنانية بكل رؤوسها ومسؤوليها، ولا سيما رمزي الدولة وسيادتها رئيس الجمهورية وقيادة الجيش، عبر قرار إلغاء جدول اللقاءات الذي كان مقرراً أن يعقدها قائد الجيش العماد رودولف هيكل أمس الأول في واشنطن مع مسؤولين سياسيين وعسكريين أميركيين ما دفعه الى إلغاء الزيارة، ليس منعاً للإحراج كما قيل، بل منعاً لمزيد من الإهانة للدولة ولمؤسساتها.
ولعلّ كلام رئيس الجمهورية الى قائد الجيش: «لن يثني شيئاً الجيش عن القيام بدوره الوطني؛ لا الحملات المشبوهة، ولا التحريض، ولا التشكيك من أي جهة أتى، من الداخل أو الخارج»، أسهم في مزيد من «بخ السم اللبناني» لدى الأميركيين المتطرفين، حتى جاء الاتهام الأميركي ضمنياً لرئيس الجمهورية بالتراخي في جمع سلاح الحزب، مع انه يؤكد يومياً لزواره المحليين والعرب والأجانب ان القرار إتُّخذ وان التطبيق يشمل جنوبي نهر الليطاني ولاحقا المناطق الأخرى.
لقد أظهر إلغاء مواعيد العماد هيكل مع المسؤولين الأميركيين النوايا والتوجهات الحقيقية للإدارة الأميركية بعيداً عن التكاذب السياسي والدبلوماسي والوعود والتعهدات الفارغة من المضمون بدعم سيادة لبنان واستقراره، والضغوط على كيان الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذ المطلوب منه بموجب اتفاق وقف الأعمال العدائية الذي مرّت عليه سنة حتى الآن ولم ينفذ منه الاحتلال أي بند وبدعم أميركي واضح، لا بل رفع وتيرة اعتداءاته لتطال موظفين رسميين ومدنيين وطلاب مدارس وبنى تحتية وآليات ومعدات رفع الأنقاض لترميم ما هدّمه العدوان، عدا اعتداءاته على الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل وموظفي البلديات والإدارات الرسمية.
ولكن «رُبَّ ضارة نافعة» ولا ضير كبيراً في القرار الأميركي المتعلق بقائد الجيش، ذلك ان السبب المعلن على لسان كبار متطرفي الكونغرس الأميركي والمدعوم من بعض متطرفي الإدارة هو محل تقدير وطني كبير للجيش وقائده بتأكيده على إعتبار إسرائيل عدواً للبنان وتحميلها مسؤولية فشل تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية ومنع استكمال انتشار الجيش في باقي مناطق الجنوب، وهو أمر لا جدال فيه وقد أكدته القوات الدولية – يونيفيل في كل بياناتها التي وثّقت خرق الاحتلال للقرار 1701 ولاتفاق وقف الأعمال العدائية أكثر من 2700 مرة.
المهم بعد انكشاف الانحياز الأميركي للإحتلال بصور علنية ورسمية، وبعد إنكشاف التوجهات الأميركية حيال تعاطي الدولة اللبنانية مع موضوع الاحتلال وجمع السلاح وبسط سيادة الدولة، وكيف سيتصرف السفير الأميركي الجديد في بيروت ميشال عيسى، الذي لم يمضِ على وجوده في لبنان ثلاثة أيام حتى واكبت تسلّمه مهامه رسمياً مواقف التصعيد الأميركية ضد لبنان ومؤسساته الرسمية وفي طليعتها الجيش، الذي تدّعي الإدارة الأميركية صبح مساء دعمها لها، وهو أمر يربك انطلاق عمله وما تردد عن مساعٍ سيبذلها لوقف ما يحصل في الجنوب؟
في معلومات «اللواء» ان الرئيس عون أجرى منذ لحظة شيوع خبر إلغاء لقاءات العماد هيكل وبالتالي إلغاء الزيارة، اتصالات بالدول المعنية بالوضع اللبناني لا سيما الأميركي، لمعرفة دقائق وحقائق خلفيات القرار الأميركي وما الذي وصل الى الأميركيين وعن طريق مَنْ، بإنتظار معرفة الأجوبة قريباً، لكن كل ما جرى لم يغيّر لا في موقف الرئيس ولا في موقف قيادة الجيش من مقاربة الوضع الجنوبي، لأن الحقائق ماثلة أمام الجميع حول ما يقوم به الاحتلال ومن يمنع استكمال مهمة الجيش. ولكن حسب المعلومات، لم يصل الى المسؤولين الرسميين ما يوحي أو يشير الى وقف الدعم الأميركي عن الجيش، وكل ما يقال هو تحليلات وإجتهادات وليست امراً واقعاً.
لعلّ كشف المستور الأميركي ولو متأخرا – والمعلوم أصلاً من دون تصريحات متطرفي الكونغرس – أفضل من أن لا ينكشف ويبقى الرياء والكذب والتعهدات اللفظية هي السائدة والتي كان يركن إليها المسؤولون في لبنان، برغم معرفتهم الكافية بإنحياز الإدارة الأميركية للإحتلال. وبات كل من يروّج للمنطق الأميركي غائباً عن الوعي وبعيداً عن الحقيقة، فكل همّ الأميركي تقوية موقف العدو الإسرائيلي وتسفيه وإضعاف موقف الدولة اللبنانية تحت ذريعة «البطء في إنهاء جمع السلاح»، وكأنه هو المشكلة الوحيدة أو الأساسية وليس استمرار الاحتلال والعدوان اليومي الجوي والبري والبحري هو جوهر المشكلة.











































































