عيد البشارة هو مناسبة دينية هامة يُحتفل بها في لبنان في 25 آذار من كل عام، وهو يوم تتوحد فيه جميع الطوائف المسيحية والإسلامية حول مريم العذراء، التي حملت من الروح القدس بيسوع المسيح.

ويعتبر هذا العيد من أبرز الأحداث التي تجمع بين الديانتيْن المسيحية والإسلامية، فهو يُذكر في كل من الإنجيل والقرآن، ما جعل من هذا العيد عيدًا وطنيًا يعكس التنوّع الثقافي والديني الذي يتميز به لبنان.

تاريخيًا وأهمية عيد البشارة

يرتبط عيد البشارة تاريخيًا بإعلان الملاك جبرائيل لمريم العذراء بأنها ستلد المسيح.

وتحظى العذراء مريم بمكانة عظيمة لدى المسيحيين ولها أيضًا مكانة عالية في الإسلام، حيث تُعتبر أولى نساء العالمين.

والسيدة مريم هي الأنثى الوحيدة التي ذكرت في القرآن 37 مرة، وخصصت لها 'سورة مريم'.

عادات وتقاليد عيد البشارة

على الرغم من أن عيد البشارة هو عيد ديني كبير ومهم في الكنيسة، إلا أنه تحول في شباط 2010 إلى عيد وطني جامع، مما جعل الكثير من العادات والتقاليد التي كانت مرتبطة بهذا العيد أقل تأثيرًا.

وعلى الرغم من ذلك، يظل هذا اليوم يشهد إقامة قداديس وصلوات في الكنائس.

ومنذ سنوات، أصبحت بعض الجمعيات تنظم لقاءات تجمع رجال الدين من مختلف الطوائف لتعزيز الحوار والتفاهم بين الأديان. كما يتم تنظيم فعاليات ثقافية واجتماعية في بعض المناطق، تبرز أهمية الوحدة الوطنية في لبنان.

تصريح رئيس الجمهورية

في هذه المناسبة، دعا رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون إلى جعل عيد بشارة العذراء مريم بداية جديدة لترسيخ الوحدة الوطنية الحقيقية في لبنان. وقال: 'يطل علينا عيد بشارة العذراء مريم، عيدًا وطنيًا شئناه فرصة لتجديد عهد التمسك بمبادئ العيش المشترك التي تأسس عليها لبنان منذ نشأته. وفي وقت نعيش فيه أصعب التحديات على مختلف الأصعدة، من أزمات اقتصادية خانقة، وضغوطات سياسية، وتحديات أمنية، تبقى هذه المناسبة تذكيرًا بقدرة لبنان على الصمود في وجه المحن، وبأن الشعب اللبناني الذي عاش معًا قرونًا طويلة من التعاون والتآخي قادر على تخطي الأوقات الصعبة'.

وأضاف: 'إن عيد بشارة العذراء مريم، الذي يمثل قيمة عظيمة في عقيدتيْ المسيحية والإسلام على حد سواء، هو تذكير لنا كيف يمكن للإيمان أن يكون مصدرًا للقوة في الأوقات العصيبة، وكيف أن التسامح والرحمة لا يعترفان بالحدود الدينية أو الطائفية. إن لبنان الذي نؤمن به هو المؤمن بالتعددية الدينية والثقافية أساسًا للسلام. وفي الوقت الذي تمر فيه المنطقة والعالم بأزمات كبيرة، تظل هذه الرسالة اللبنانية الأهم. فلنجعل معًا، من هذه المناسبة، إنطلاقة جديدة لترسيخ وحدتنا الوطنية الحقيقية بما يؤسس لمستقبل مشرق للبنان، الذي سيظل، بعون الله، ملاذًا للحرية، والمساواة، والتسامح'.

قداس عيد البشارة في الكلية الشرقية

وترأس أيضًا رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران إبراهيم مخايل إبراهيم صلاة الغروب والقداس الإلهي عشية عيد البشارة، في كنيسة سيدة البشارة في الكلية الشرقية في زحلة، بحضور رئيس الكلية الأب الدكتور شربل أوبا والابوين الدكتور جورجيوس شبوع وإيلي البلعة. كما خدم القداس جوقة من طلاب الكلية. وقد حضر القداس الأب إيلياس إبراهيم وجمع من المؤمنين.

وألقى المطران إبراهيم عظة هنأ فيها المحتفلين بالعيد وتحدث عن معانيه، قائلاً: 'الكهنة هم قلب الكنيسة النابض، ونحن في هذه الكلية الشرقية التي لم تخرّج فقط تلامذة للمجتمع لكن أيضًا خرّجت دعوات كثيرة. ونحن اليوم نقف في هذه الليلة المباركة، ليلة عيد البشارة، في هذا الصرح العريق، الكلية الشرقية في زحلة، حيث تلتقي المعرفة بالإيمان، والعلم بالروحانية، والتراث المسيحي بالحضور الحيّ في قلب هذا الشرق الجريح'.

وأضاف: 'إن عيد البشارة هو لحظة مفصلية في التاريخ الإلهي والإنساني، حيث بدأ سر التجسد يتحقق. في لحظةٍ مشحونة بالسكون الإلهي، جاء الملاك جبرائيل إلى العذراء مريم، يحمل بشارةً لم تسمع الأرض بمثلها من قبل: ‘السلام عليكِ يا ممتلئة نعمة، الرب معكِ، مباركة أنتِ في النساء!’ هذه الكلمات ليست مجرد تحية، بل إعلان إلهي غيّر مجرى التاريخ'.

وتابع: 'لقد كان لاهوتيو الكنيسة، مثل القديس توما الأكويني، ينظرون إلى البشارة على أنها لحظة تلاقي بين الطبيعة والنعمة، حيث لم يُلغِ الله حرية الإنسان، بل دعاه إلى المشاركة في مشروع الخلاص. مريم لم تكن مجرد آلة تنفيذ لمشيئة الله، بل أجابت عن وعي وإيمان: ‘هأنذا أمة للرب، ليكن لي بحسب قولك’.'

وختم: 'فلنطلب من الرب، بشفاعة سيدتنا العذراء، أن يجعل قلوبنا منفتحة على عمل نعمته، وأن نكون كنيسة مبشّرة تحمل إلى العالم فرح الخلاص، تمامًا كما حملته مريم بفرح وسخاء'.